يشجع نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه الدول الأعضاء في الجمعية العامة ل65 دولة عظمى، على مساعدة السودان من خلال تخفيف الديون الخارجية والتي تربو على 40 مليار دولار في ظل المعوقات والتحديات العظمى التي تواجه استقرار البلاد وأمنها في هذه المرحلة. ويبدو أن دعوة الأستاذ علي عثمان محمد طه لها ما يبررها، إذ طالما أفاد تخفيف عبء الديون الخارجية الكثير من الدول في عمليات بناء السلام، خاصة في الأقطار الأفريقية التي خرجت لتوها من صراعات مسلحة. وعلى سبيل المثال جمهورية أفريقيا الوسطى والتي عانت من عدم استقرار سياسي امتد منذ نهاية القرن الماضي وحتى مطلع القرن الحالي، فقد أعلن البنك الدولي الأسبوع الماضي أن جمهورية أفريقيا الوسطى قد أنهت عملية تسوية ديونها، وعليه فإن الموافقة على تخفيف عبء الديون المثقلة على الدول الفقيرة في فترة لا تتجاوز العامين يعد إنجازاً كبيراً. وتقول ماري بارتون دوك المدير الأفريقي للبنك الدولي بجمهورية أفريقيا الوسطى: (إن البنك قد عمل مع المسؤولين في أفريقيا الوسطى على عدد من الإصلاحات التي ساعدت على إكمال العملية بنجاح وثبات). وأكدت بارتون أن البرنامج قد ساعد الكثير من الدول الفقيرة على الاستقرار الاقتصادي، والبرنامج جزء من برنامج شامل للإدارة الاقتصادية، وأشارت بارتون إلى أن ليبريا أيضاً من الدول التي كانت تعاني من الصراع المسلح والتي استفادت من برنامج البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بأن تم إعفاء ديونها البالغة 4.6 مليار دولار في يونيو الماضي. غير أن عملية إعفاء الديون عن الدول الفقيرة لا يعد أمراً يسيراً، إذ ثبت في كثير من الأحيان أن البرنامج الذي أعده البنك الدولي للبلدان ذات الديون الضخمة يعد تحدياً في حد ذاته، إذ استغرقت العملية التي تم تطبيقها في عشرين دولة من أصل خمس وعشرين دولة فقيرة مثقلة بالديون، العشر سنوات الماضية. وقد انتقدت بعض المنظمات بما فيها منظمة جوبل الأمريكية، البرنامج متهمة إياه بالتقصير في منح الإعفاءات الكافية للشعوب الفقيرة. وتقول ميندا استى لويس مدير منظمة جوبل الأمريكية: بالرغم من أن البرنامج يعد خطوة فاعلة وإيجابية لكثير من البلدان مثل أفريقيا الوسطى، إلا أن الشروط السياسية والاقتصادية التي يضعها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على البلدان التي يشملها البرنامج، قد تؤجل عملية إعفاء الديون لفترات طويلة، قد تكون شديدة الضرر على الفقراء. ويعد البرنامج الذي أنشيء في العام 1995م بواسطة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أول بادرة من نوعها لرفع عبء الديون غير المحتملة عن كاهل البلدان الفقيرة، والتي تم تحديدها بتلك التي تزيد عن واحد ونصف إجمالي عائدات الصادر في العام. ويرى الكثير من النقاد أن تخفيف عبء الديون جزء أساسي من عملية التطور، وأن إعفاء الديون جزء ضروري لإرساء دعائم العدالة الاقتصادية. الجدير بالذكر أن إجازة البرنامج قد تمت في العام 1999م خلال قمة الدول الثماني العظمى عندما وافق البنك الدولي على خفض عينة التأهل وفتح البرنامج إلى عدد أكبر من البلدان، إلا أن البنك لا يزال يحتاج إلى أن يعمل مع البلدان المرشحة لمدة ثلاث سنوات متتالية قبل التأهل للبرنامج، وبما أن السودان لم يحدد ضمن الدول التي سيعمل بها البرنامج خلال السنوات القادمة، فبالتالي هو ليس جزءاً من البلدان الفقيرة المثقلة بالديون، ولعل هذا هو السبب الأساسي لمناشدة نائب رئيس الجمهورية للأعضاء بإعفاء ديون السودان الخارجية. ويرى المسؤولون والنقاد أن السودان يمثل حالة استثنائية بعد أن أوشكت اتفاقية السلام الشامل على الانتهاء، وبات استفتاء الجنوب قاب قوسين أو أدنى، وتزايدت المخاوف من أن عدم الاستقرار الاقتصادي قد يعود بالبلاد إلى مربع الحرب.