كنت سعيداً برفقة الأرباب محجوب الماحي والخليفة فارس ود القبائل بزيارة الباوقة «اللذيذ تفاحا».. المشهد العفوي الريفي مع إنسان المنطقة والمواشي والقش واللواري لا ينسى وكلنا نعبر النيل في تجانس وإلفة ببنطون يشتكي الإهمال أوصلنا سالمين.. منه ولجنا إلى بيوتات أشبه بمحميات مغطاة بأشجار النخيل الشامخة والشائخة في ذات الوقت، قضيت ليلتي تحت ناموسية بعد عشاء الروب واللبن وتعرفت على تاريخ المنطقة الحافل بمشاهد العطاء وعزة النفس الأبية.. زادنا في الحديث العزيز محمد بعد أن استضافنا الغالي دفع الله وأبناؤه بكل الود والترحاب. حكاية زيارتي للمنطقة كانت عفوية.. المرحوم عبد الرحمن الماحي كانت يده ممدودة للجميع بالسخاء دون منٍ أو أذى.. جميعاً يستمدون الوفاء من بعضهم البعض.. بداية الحكاية كانت من دكان صغير أشبه بدكان ود البصير.. كان شيوخ الباوقة يتحلقون حول حاج الماحي حباً ونبلاً.. الآن الدكان يشار إليه بالبنان يحكي عن رجل فاضت روحه إلى السماء وبقي عمله يسقي قبره بالرحمات والدعوات الصالحات.. ما بين عبق الباوقة وطيبة إنسانها أمضيت أيامي الجميلة هناك.. أحفوني أهلها بكرم فياض ممزوج ببشاشة أصيلة غير مصطنعة.. لا أنسى أن ود القبائل فارس حدثني عن مصارعته مع إذاعة ال BBC حينذاك وحكى ابتكاره ومحاولات إيصال صوت الإذاعة إلى مدرسته القديمة وارتباطه مع مجلات الدوحة والعربي.. صقلته الحياة بجمال الشعر غالباً ما ينثره درراً على أهل بيته.. الأرباب كل ما ابتعد قليلاً عن أعبائه العملية في مدارس التأصيل تجده مستمتعاً بالتواصل مع أهله وأصدقائه عبر «الواتس» كقيمة يحتفظ بها هو الآخر.. تعرفت على مغامراته مع اللوري زمان والتجارة ما بين بورتسودان وهيا وكسلا ومدن أخرى. عدت من الباوقة واستعد للسفر إلى أديس أبابا مكان عملي الجديد أحمل معي ذكريات طيبة ألخصها في أن إنسان الباوقة لا يتغير ولا يتبدل بتغير الزمان والمكان.. والما مصدقني يمشي يشوف بعينو.. والمزعلني انو كان مناي أحلب بقرة دفع الله الرفاسة مع دعواتي لها بالشفاء العاجل من سقوط نخلة خاوية.. الله يحفظ أبناء الكريم دفع الله من بقية النخلات الزعلانات.