استوقفني خبر تناولته بعض الصحف والمنتديات السودانية عن إقامة (منظمة الأسرة السودانية) لدورة تدريبية لتأهيل المقبلين على الزواج وتشتمل الدورة على محاضرات يقدمها علماء اختصاصيون بشؤون الأسر..! عن (معايير اختيار الشريك) (الحقوق الشرعية بين الأزواج) (الغيرة والشك وأثرها في الحياة الزوجية) (واستراتيجية الحياة الزوجية) (فن الاستمتاع بحل المشاكل الزوجية).والفكرة في حد ذاتها حديثة نسبياً في السودان.. وإن كانت في بعض الدول.. كالإمارات، ومصر، الأردن، والسعودية.. قديمة وتعمل بواسطة منظمات اجتماعية متخصصة معنية بالتأهيل.. والحلول بعد الزواج بواسطة مكاتب استشارية تعمل طوال العام.. ت داركاً لتنامي ظاهرة ازدياد الطلاق.. والتطليق بواسطة المحاكم.. وحماية للأسرة والمجتمع.. ونحمد لبلادنا اهتمامها بهذا الشأن.. ومحاولة تأهيل المقبلين على الزواج ورفدهم بمعلومات ومعطيات ومؤشرات لازمة لانجاح الحياة الزوجية وتجنب الفشل.. والتي يلعب فيها السلوك العام.. والأثر البيئي لكلا الطرفين دوره.وإن كنا لا ننكر أهمية التوعية.. ولفت النظر.. واستعمال المنطق على من لا خبرة له.. لتكون خير معين.. ودافعاً لانجاح مسيرته الجديدة.. إلا أنني أعيب على تلك المنظمة الحدود الضيقة التي تعمل فيها.. (فأمر بهذه الأهمية لا يحتاج فقط لدورة لا تتعدى الأيام، بالتالي يكون عدد المستفيدين منها محدوداً مما يمنع عموم الفائدة.. ولا أعرف لماذا لا تسارع القنوات الفضائية للاستفادة من هؤلاء النفر في ذات الشأن.. حتى لا يزداد (طين الزواج بلة)!.فالشباب فعلاً يحتاج لتوعية عن ماهية الزواج، فهو ليس حباً وفستان زفاف وأمنيات فقط.. بل هو مسؤولية.. تفاهم، تنازل، تجاوزات.. حقوق متبادلة.. وصلات وشيجة.. أبناء والتزامات، ثقة واحترام.. يجب أن يدرك الفرد بأنه سيصبح شريكاً لآخر، مختلفاً عنه في كثير من الصفات.. بالتالي تتفاوت النظرة للأشياء، وطالما كان الخيار بالإرادة المشتركة، فلابد أن يؤدي كل طرف حقوق هذه الشراكة.. وإلا حدث خلل يفرز مشكلات تتبعها آثار كبيرة لكلا الطرفين.. فالرجل يجب أن يعامل المرأة بثقة واحترام... فبعض الرجال مثلاً يرفض أن تسأله زوجته إلى أين أنت ذاهب.. فيرد.. مشاوير.. أو يحجم عن الرد.. مما يثير تساؤلات في ذهنها، ويفتح باب تكهنات التي قد تتحول إلى شكوك بلا طائل.. وقد يكون الزوج بريئاً.. لكنه من الغباء بمكان بحيث آثر الغموض.. واللف والدوران.. بدلاً عن التعامل ببساطة ووضوح، وعلى كل حال (فإذا كان سيذهب إلى أي كان لا يريدها أن تعرفه، فهو حتماً لن يقول لها..) وتكون النتيجة أحد الاحتمالات، إما أن تشك فيه.. أو تتجاهل سؤاله فتتحول العلاقة إلى فتور وجفاف.. وتنسحب مثل هذه التصرفات الصغيرة وتراكمها إلى مآلات كبيرة تدمر الحياة ويدفع ثمنها الأبناء.. بلا ذنب وكان من الممكن تدارك وتجنب كل ذلك.. فإذا شكت الزوجة في زوجها اتهمها بأنها جاهلة نكدية.. وإذا تجاهلته.. فهي باردة ومشغولة عنه بأشياء أخرى.. مع أنه هو من دفعها لاتخاذ هذا الموقف. زاوية أخيرة: على هذه المنظمة إدراج سيرة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) العطرة .. وايضاح كيف أنه كان يكرم المرأة.. وأوصى في حجة الوداع بالنساء.. فللرجل القدح المعلى في إنجاح الحياة الزوجية، فالنساء عوان لديكم إن أحسنتم اليهن أحسن.. وإلا فلا..