إحدى السياسات التي ظلت تنادي بها قيادة الدولة في البرنامج الخماسي الذي صمم لانتشال البلاد من أزمتها الاقتصادية هو رفع الإنتاج والإنتاجية، وسعت الدولة في سبيل ذلك لتوفير كل المعينات التي تحقق ذلك الهدف، غير أن إقرار مسؤولين حكوميين بانخفاض الصادر من السلع وغيرها نتيجة لقلة الإنتاج، يتطلب معالجات عاجلة فيما يتصل برفع الإنتاج لرفع نسبة الصادر وبالتالي جلب عملات صعبة إلى خزينة الدولة. مثّل تراجع صادرات البلاد في الأسواق العالمية صدمة كبيرة للمختصين بالجانب الاقتصادي، ذات المختصين لم يقف وصفهم للأمر عند حد الصدمة، بل ذهبوا أبعد من ذلك حينما شددوا على أن الخطوة تستدعي حالة من الطواريء وخاصة بعد حديث وزير المالية عن تحسن في الإيرادات للعام «2016م»، لكن يبدو أن الوضع اختلف بعد التقرير الذي قدمه وزير التجارة أمام اللجنة الاقتصادية والمالية بالبرلمان عن انخفاض إجمالي الصادرات من «3.6» مليار دولار في النصف الأول من العام الماضي إلى «1.8» مليار دولار في النصف الأول من العام الجاري. ٭ تأثير سلبي ووصف الخبير الاقتصادي د.عثمان سوار الذهب الانخفاض والتراجع الذي وصلت نسبته إلى (49%)، بالكبير والذي عزاه لتراجع مستوى العائدات من المواد البترولية وارتفاع تكلفة إنتاج السلع والتي أسهمت في إضعاف قدرتها التنافسية وقلة الطلب عليها، بالإضافة للخلل في طريقة تعبئة السلع وإعدادها والالتزام بالمواصفات العالمية المطلوبة بجانب عدم المرونة في التعامل مع المصدرين فيما يختص بالعائدات، وهذا يدفع بالكثير من المصدرين لتجنيب أموالهم خارج البلاد مما يؤدي لقلة العائد من العملات الأجنبية، مشيراً إلى العديد من الآثار السالبة التي يترتب عليها التراجع، إذ يؤدي لعجز في الميزان التجاري بجانب تناقص الثقة في قدرات الاقتصاد السوداني مما يؤثر على الإنتاج والإنتاجية، إذ تنعكس آثاره السالبة على المواطن والتي تتمثل في ارتفاع أسعار السلع وتكلفة المعيشة، بالإضافة للخلل الذي يحدثه في ميزان المدفوعات مما ينتج عنه شح في الدولار والمزيد من عدم الاستقرار الاقتصادي، مبيناً أن هذا يؤثر سلباً على مجمل الاقتصاد الكلي خاصة ونحن مقبلون على موازنة والتي قد تواجه بعجز في الربع الأول من العام المالي، ودعا سوار لضرورة إيجاد وضعية خاصة بالنسبة لتمويل الصادر من البنوك عبر السياسات الإئتمانية التي تضعها الحكومة بجانب الاهتمام بالصادر وتسهيل الإجراءات بشكل أكبر ورفع الرسوم عن الصادر حتى لا تعيق حركة انسيابها. ٭ سد الفجوة وذهب المحلل والخبير الاقتصادي حسن ساتي إلى أن ارتفاع السلع المحلية وعدم توافقها مع الأسعار العالمية والمقاطعة المصرفة للسودان أدت لضعف حركة المصدرين الذين لم يتمكنوا من الحصول على معادلات لكيفية التصدير نسبة لامتناع ورفض معظم البنوك فتح اعتمادات للسودان، مشيراً للانعكاسات السالبة التي تترتب على تراجع الصادر المتمثلة في شح وقلة المواد المستوردة والتي لا تغطي احتياجات البلد مما يؤدي لارتفاع أسعار الدولار نتيجة لانخفاض المعروض. وقال المدير السابق لمركز الدراسات الإتئمانية بجامعة الخرطوم عثمان البدري إن الوضع في غاية الخطورة ويستدعي حالة الطواريء وسيزداد تأزماً إذا لم تتم المعالجات المطلوبة خاصة وأن التراجع يؤثر على ميزان المدفوعات والميزان التجاري واحتياطي النقد الأجنبي في بنك السودان، وبالتالي تتأثر الدولة وتضعف قدرتها على مواجهة مدفوعات الواردات، وردد البدري بالطبع سيؤثر على القيمة التبادلية للعملة الأجنبية، متسائلاً: ما هي الخطوات التي اتخذتها وزارة التجارة ومجلس الوزراء لسد هذه الفجوة.