واجهت أسواق العملة الحرة في البنوك والصرافات الخاصة في الفترة الماضية تذبذبا، وتعذر أحيانا على المسافرين الحصول عليها أو شراؤها بأسعارها المعلنة من جانب البنك المركزي، وتراجع سعر الجنيه السوداني. وتدخل البنك المركزي بضخ كميات وفيرة من العملات الصعبة للبنوك والصرافات الخاصة لتثبيت سعر الجنيه ولوقف تدهور قيمته أمام العملات الأجنبية، بعد أن تجاوز سعر الدولار حاجز الثلاثة جنيهات بسبب تزايد الطلب على العملات الصعبة لأغراض مختلفة. وكان محافظ بنك السودان السابق، الدكتور صابر محمد حسن، قد اعلن زيادة الاحتياطات النقدية من النقد الأجنبي للمصارف والصرافات بنحو 50% للتغلب على القلق والاضطراب الذي ضرب سوق أسعار العملة الحرة. وأكد أن الضخ النقدي المرشد للبنوك والصرافات سيعيد الاستقرار لأسعار العملة الصعبة، وستغطي الاحتياجات المطلوبة. واعتبر الارتفاع غير مبررا وإنما نتيجة لشائعات أطلقها مستفيدون من ارتفاع سعر الصرف، وتكهنات متشائمة غير واقعية عن اقتصاد مرحلة ما بعد الانفصال. وأرجع الخبير الاقتصادي الدكتور مالك حسين، ارتفاع سعر الدولار قبل الانفصال او بعده الى السياسة الاقتصادية التي تعتمد على الاستيراد ولا تشجع الانتاج. وقال اذا استطعنا ان نجعل الاقتصاد منتجا لن يزيد سعر الدولار، ولن يكون فيه شح. واشار الى ان الدولار موجود عند الدولة ولا تطرحه في السوق. واعتبر الدولة نفسها مضاربة في الدولار، وقال يجب ألا نتحدث عن ارتفاع او انخفاض الدولار بعد التاسع من يوليو، داعيا الى التحدث عن سياسة انتاجية بتكلفة منخفضة لسعر التمويل تفضي إلى زيادة في الانتاج الزراعي وتصديره لجلب العملات الصعبة. ونبه بروفيسور عبد الوهاب بوب، الى ضرورة تلافي الآثار السالبة التي ستقع على الاقتصاد القومي بعد الانفصال، وكيفية التكيف مع النقص الكبير الذي سيحدث في مدخلات العملة الحرة الناتجة عن نقص صادرات البترول. وقال ان النتيجة النهائية ان الانفصال واقع، وان صادر البترول سيكون في حكم العدم، والاقتصاد السوداني غير جاهز لتحمل هذه الصدمة في الوقت الحالي. وأشار الى ضعف حصيلة الصادرات غير البترولية، ودعا الى اتباع معايير اقتصادية لتلافي الصدمة التي ستحدث، الا انه قال: «في الوقت الحالي لا توجد حلول جاهزة»، واكد اهمية عقد مؤتمرات وندوات حقيقية تجمع آراء الخبراء لايجاد خطط بديلة. وقال ان محافظ بنك السودان السابق دكتور صابر محمد الحسن صرح قبل شهرين بأنه لا توجد آثار مترتبة على الانفصال، ثم عاد وصرح بعد ذلك بعد خروجه من بنك السودان بأن الآثار ستكون اكبر من اثر الازمة المالية العالمية على الاقتصاد السوداني، واعتبره مخطئاً في الحالتين، باعتبار انه عندما كان يشغل منصب المحافظ لم يستطع ان يدلي برأي نافع، وبعد خروجه احدث صدمة واثار رعباً ولم يقدم حلولاً لتلافي الآثار السالبة لانفصال الجنوب. وكان بنك السودان المركزي قد أكد في نشرته الدورية لشهر ابريل، انخفاض متوسط سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني من 2.7833 جنيه فى مارس 2011م الى 2.6814 جنيه فى ابريل 2011م، وتراجع متوسط سعر صرف الدولار في السوق الموازي من 3.4398 جنيه فى مارس الى 3.2962 جنيه فى ابريل2011م، وتدنى حافز الصادر الى 4.77%، وعزا ذلك الى تحسن موقف ميزان المدفوعات فى الربع الاول من العام الذى ساعد على توفير النقد الاجنبى للبنوك والصرافات بشكل منتظم، كما انخفض متوسط سعر صرف اليورو مقابل الجنيه السوداني من 3.9541 جنيه في مارس 2011م الى 3.8708 جنيه فى ابريل، وبلغ متوسط سعر صرف اليورو في السوق الموازي 4.6668 جنيه في ابريل 2011م. وستؤدى خطة الضخ بالنقد الأجنبى وآلية تحديد سعر الصرف حالياً الى مزيد من الاستقرار فى سعر الصرف والسيطرة على معدلات التضخم التى تعتبر اهم اهداف المرحلة الحالية المتمثلة فى تحقيق استقرار سعر الصرف، بغض النظر عن نتائج التفاوض فى لجان قسمة الاصول والخصوم بين الشمال والجنوب. وأكد انه سيكون هناك تحسن واضح فى القطاع الخارجى، مما يؤدى الى مزيد الاستقرار الاقتصادى فى الطرفين، وقال ان تطور دولة الجنوب الوليدة مرهون بالاستقرار الاقتصادى والسياسى لدولة الشمال، بينما تؤدى جهود التعاون الاقتصادى فى مجالات التجارة والاستثمار لدعم وتطوير البنيات التحتية لدولة الجنوب وتوفير السلع الضرورية لغالبية السكان، ولذلك يعتبر التعاون والتكامل الاقتصادى بين الشمال والجنوب ضرورة حتمية لاستمرار مشروع البترول واستفادة الطرفين من عائدات النفط، ووضع الترتيبات اللازمة لتكامل اقتصادى يحقق المصالح المشتركة. كما أشار الى ان تحسن ميزان المدفوعات فى الثلث الاول 2011م ادى الى تسهيل بعض عمليات النقد الاجنبى، وتوفير النقد الاجنبى لمقابلة معظم احتياجات الاستيراد والسفر والعلاج وخلافها. الا انه قال ان تحسن موقف ميزان المدفوعات ادى الى تعديل كبير فى مكونات الكتلة النقدية عن طريق بند صافى الاصول الاجنبية، فنتيجة لتحسن موقف ميزان المدفوعات واجراءات التدخل فى سوق النقد الاجنبى لتحجيم الآثار السالبة للتوسع النقدى، فقد استقر سعر صرف الجنيه السودانى مقابل معظم العملات الاجنبية. وأصدر البنك المركزى منشورأ ايضا يتعلق بالبيع لغرض السفر لدولة إثيوبيا سمح بموجبه لشركات الصرافة بالبيع لغرض السفر نقداً او تحويلاً بمبلغ لا يتجاوز 750 يورو او ما يعادلها من العملات الحرة الاخرى، وذلك بعد استيفاء المستندات المؤيدة للسفر، كما اصدر بنك السودان المركزي منشوراً آخر تقرر بموجبه السماح بالتحويل من حساب المقاولين المحليين الخاص بالنقد الاجنبى لسداد الالتزامات التى تنص عليها العقود الموقعة مع جهات أجنبية. ويواصل البنك المركزى عن كثب متابعة كافة الاجراءات والضوابط التى اتخذت خلال الفترة الماضية لضمان استقرار سعر الدولار، وذلك لتعزيز الصادرات غير البترولية، وخلق التوازن فى الميزان التجارى.