بعد ساعات قليلة من إعلان الرئيس البشير إتاحة الحريات الإعلامية والسياسية خلال خطابه الذى ألقاه في فاتحة مؤتمر الحوار الوطني وتوجيهه للولايات والمحليات بالسماح للأحزاب بممارسة نشاطها السياسي بحرية.. نظم حزب المؤتمر السوداني المعارض الذي يقوده إبراهيم الشيخ مخاطبة جماهيرية فى موقف المواصلات وسط الخرطوم « جاكسون « خاطبتها القيادية الشابة بالحزب إجلال الماحي والمسؤول السياسي للمؤتمر السودانى مستور أحمد مستور، تركز خطاب المتحدثين حول رفض الحوار الذى انطلق وحث المواطنين على الانتفاضة الشعبية. المخاطبة كانت امتحانا حقيقياً للحريات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، ويبدو أن حزب إبراهيم الشيخ أراد وضع الحكومة وأجهزتها الأمنية أمام هذا الامتحان، إذ أنه ومع بداية الحديث الحماسي تجمهر عدد كبير من المواطنين لرؤية مايحدث وسماع مايقوله الناشطون، وكان أبرز ماتفوهت به إجلال دعوتها للمواطنين للتكاتف والانتفاضة ضد المؤتمر الوطني الذي اتهمته بتقتيل الشعب السوداني، فيما كان خطاب مستور صريحاً فى الدعوة لمقاطعة الحوار، وقال لايوجد هنالك حوار لأن الحوار مع الشعب فقط. ٭ إجلال الماحى تعرضت للتوقيف من قبل السلطات فى فترة سابقة على خلفية نشاطها السياسي، كما أن مستور أحمد أُعتقل أيضاً وحكم عليه بالجلد بعد أن تم توقيفه بسبب مخاطبة جماهيرية ومعه كوادر من الحزب، حيث كانت الخطوة الأولى من نوعها فى نشاط كهذا، إلا أن الكادرين لم يعترضهما أحد هذه المرة، ومرت الفعالية بسلام دون تدخلات من الأمن أو الشرطة لتعطي الواقعة إشارة مفادها أن قضية إطلاق الحريات السياسية باتت حقيقة، وأن السلطات شرعت فى تنفيذ موجهات الرئيس البشير بشكل فوري . ٭ حزب المؤتمر السودانى لم يكتف بهذا المنشط فقط فأطلق حملة كتابة على الجدران رافضة للحوار الذي بدأ وشرع فى تنفيذها بكتابة عبارات على جدران فى مواقع مختلفة من العاصمة من قبيل لا للحوار، لا لحوار الكذب، ولالحوار الوثبة، ولكن هذه الأنشطة المنادية بمقاطعة الحوار والتى تمت تحت غطاء الحريات الذى توفر بقرار رئيس الجمهورية طرحت تساؤلات إن كان مناخ الحرية المطلوب: هو لإنجاح الحوار الوطني وإعطاء القوى السياسية الفرصة للتعبير عن ملاحظاتها بشأنه، أم أنه لتاليب الشارع على الحزب الحاكم ومقاطعة الحوار الوطني . ٭ بكري يوسف المتحدث باسم حزب المؤتمر السوداني قال للصحيفة إنه لايوجد تعارض بين تعبئة الشارع ضد النظام وحثه على الانتفاضة وبين الحديث عن حوار مستقبلي قائم على أسس موضوعية، مبيناً أن التعبئة والمخاطبة حق مشروع كفله الدستور وهدفه إحداث توازن فى ميزان القوة ليتم بعد ذلك إقامة حوار جاد به معالجات للأزمة السياسية في السودان، لافتاً إلى أن حزبه وصل إلى قناعة بأن أى حوار يكون فيه ميل لميزان القوة لصالح النظام يعتبر حواراً لايؤدي إلى مخاطبة جذور الأزمة وحل مشاكل البلاد . ٭ في ذات السياق قال الأستاذ كمال عمر، الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي عضو آلية الحوار الوطني إنه لايتصور حزباً يرفع شعاراً ضد الحوار، وتابع الذى يرفع مثل هذا الشعار يعني أنه مع الحرب، ولكن رغم ذلك مادام أنه لم يرفع السلاح ولم يحرض على الحرب مباشرة من حقه أن يعبر عن رأيه بالشكل الذى يراه، وأردف: من مشاكلنا الأساسية مسألة اللا وعي بالقضية، وفي تقديري معظم الأحزاب التي قاطعت الحوار تعاني من هذه الظاهرة الفكرية، وأضاف: الأحزاب التي قاطعت مجتهدة في إدارة معركتها مع النظام بشأن الحوار بدلاً من أن تطور مناخ الحوار الموجود لشيء إيجابى، وقال على النظام أن يعمل العقلانية ويفوت على الأحزاب المقاطعة أن تتسبب فى تعكير مناخ الحوار الوطني، والأجدر والأسلم أن تتاح لها الفرصة وعدم اعتراض مسيرتها.. واختتم كلها كالفقاقيع ستتفقع فى النهاية حسب تعبيره. ٭ البروفسير حسن الساعوري أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية قال ل «آخر لحظة» لفتح باب المنافسة للآخرين فى هذا الحوار ومابعده يبقى ليس هنالك داعي لأسلوب آخر لإسقاط النظام الذى يمكن أن يسقط بصناديق الإقتراع لأنه لو توحدت المعارضة وأتت بمرشح واحد لفاز على عمر البشير، لكن المعارضين ضعفاء ولايستطيعون تغيير النظام عبر الشارع أو حمل السلاح، وبالتالى ستعمل دوامة للأزمة السياسية في السودان بهذا الشكل، وزاد الحكومة فتحت حواراً وخاطبتهم بالمشاركة وقالوا إنهم لايريدون.. متسائلا « هم دايرين شنو» لأن السياسة والعمل السياسي حوار، وإذا باب الأخذ والعطاء فاتح وأنت لاتريد الدخول به وترغب فى طريق آخر معنى ذلك أنك لست ديمقراطياً، كان يجب أن ياتوا ويقولوا رأيهم، وبعد نهاية الحوار أن يعلقوا بأى شى أو يقولوا إن هؤلاء الناس خدعونا، لكن عدم دخول الحوار هو دلالة على أنهم غير حريصين على النظام الديمقراطي.