يقول المثل: «العِرِس بي بَشّتو، والخريف بي رَشّتو».. وهذا حوار لن يؤدي إلا لمزيد من الشِّقاق داخل النظام، الذي تهافت بعضويته القديمة والحالية، نحو قاعة الصداقة، من أجل تجاوُز المؤتمر التحضيري الذي دعا إليه الاتحاد الأفريقي.. سيخرج حوار الحكومة بتوصيات عامة لن تضعِف القبضة الأمنية، ولن تنزع فتيل الأزمة، ما قد يضطرهم للعودة إلى زيادة وتيرة القمع.. كان من الممكن أن يصبح هذا الحوار حقيقياً لو استطاعت المعارضة أن توجد لنفسها مكاناً في الشارع السوداني.. هذا إذا قُدِّر لهذا الحوار أن يخرُج بهكذا مسمى: «مخرجات».. أي مُخرجات؟.. لقد أُعدّ كل شيء سلفاً بالتعاون بين الجناحين تحت رعاية الشيخ الذي يبحث عن التعادُل في الزمن الضائع.. هذا حوار لكسب الوقت وهدفه الرئيس هو توحيد المتورطين من جماعة الإسلام السياسي، ومن أجل الظهور أمام المجتمع الإقليمي والدولي بمظهر الباحث عن حلول.. النجاح اليتيم لهذا اللقاء، هو إحساس النظام بأنه في ورطة.. النظام يبحث عن ملاذ آمن.. يريد أن يستبق سنواته «الدستورية الباقية.. من أجل ذلك سيقدمون أقصى التنازلات لإرضاء المعارضة.. سيقدّمون إغراءات وتنازلات.. وقالوا في المثل: «الواقِع من رأس التمراية، ما بِيقُشْ الوّاطا تِحتو»..! هذا نظام يريد شراء الوقت، وأمامك في هذا المُنحنى ألف دليل ودليل.. منها مثلاً هذا الهدوء الغريب لجيوب النظام السلفية ذات الصوت العالي التي يحتفظ بها لتخويف المعارضة.. حوار الوثبة يُمكن أن يُستتبع بوثبات تالية، وبلجانٍ منبثقة، يتم تفويضها للذهاب إلى أديس، لرفع الحرج والتمهيد لعودة عرمان وعقار؟.. يمكن لهذا الحوار أن يُحدِث انفراجاً ديمقراطياً نسبياً في انتظار استقطاب المهدي لتوسيع جبهة المصالحة بين من يسمون أنفسهم أهل القبلة.. فالمصالحة مع الكيزان أبداً لن تحل الأزمة، بل ستُفاقمها.. هذا ما أثبتته مصالحة 1977 مع نميري.. وقد كانت مع من؟.. مع ذات الرِّفاق!.. ومن لا يصنع لك حاضراً، وليس له ماضٍ، لن يكون له مستقبل.. لا ظلّ تحت خيمة وهمٍ ينسجها مغتصب سلطة.. لقد استولد النِّظام من الحركات المُتمرِّدة حركات وحركات، فأصبحت الحركات مشرورة مثل شجرة المسكيت.. من أجلها سوف يزيحون بعض الوجوه القديمة، ومِن ثَمّ تُعَد العُدّة ل «كوزنة» كافة الملتحقين..! النظام يحاول المناورة لإطالة عمره، وسيتبنى من أجل ذلك مضمون مبادرة الميرغني في أقصى الحالات.. ستلجأ اللجنة الجديدة الخاصة بمفاوضة رافضي الحوار إلى إصحاح البيئة باختطاف جوهر ومضمون خطة أمبيكي، الأمر الذي قد يؤدي إلى انقسام وسط مؤيدي الحوار.. ستطول الحكاية، لجان في لجان، في لجان، وناس قرّبتْ ليس بوسعهم شيء غير مُحصِّلة الصِّفر الكبير..! سيحتفي الأخوان بهذه الوثبة كما لو أنهم حققوا انتصاراً، وما هي إلا صفقة داخلية يستوعبون فيها البعض..! سيدعي الوطني أن وثبته هذه ووثباته التّاليات، قد جاوزت حدّ جني الثِّمار، لكنّه سيخرج عليكم بما خرجت به ساقية جحا.. سيخرج عليكم بحكومة من المتوالين والمتواليات، من الأحزاب ومن الحركات، وبوظائف ووزارات، وبزيادة الانفاق الحكومي على شراء الذِّمم..! سأل رجل مسكين.. سأل شيخ الإسلام ومفسِّر الأحلام: «يا شيخنا.. مرات كتيرة، أصحى من النوم، أشوف ليك المدام، مُتغطّية بالملاية، ووجهها يشع بالنّور..! فهل تُراها أضحت من أهل التُّقى والصّلاح»؟!.. قال الشيخ: صلاح شُنو يا زول.. ألْحَقْ روحك..المَرَا شغّالة «واتساب»..!! إذن تدبروا أمركم يا بنو السودان، ف «البُتّابْ ما بِيَبقىَ عيش»..!