زيارة تاريخية يقوم بها المجلس الأربعيني للاتحاد العام للصحفيين السودانيين لولاية نهر النيل أو هكذا وصفها الاجتماع الموسع للسيد الوالي مع عدد من أعضاء حكومته ومدير جامعة وادي النيل وعدد من الصحفيين والإعلاميين. وقد تناقلت بعض وسائط التواصل الاجتماعي برنامج الزيارة الذي يركز على بعض ما أسموها مشروعات تنمية بالمحليات، وكذلك المناطق الأثرية وإقامة ندوة عن الحوار الوطني، وجاء أيضاً أن الزيارة ستشهد تكوين اتحاد فرعي للصحفيين بالولاية. إذن المشهد حتى الآن ينبيء عن أن الوفد سيلتقي بالوالي وأعضاء حكومته في مأدبة فاخرة بقصر الضيافة بالدامر، وربما تكون الزيارات لمصانع الأسمنت ومشروع فابي بشندي، حيث «الغباشة» والطيبات وزيارة أهرامات البجراوية وفسحة بالبص النهري، وكذلك مشروع الروابي بالمتمة ومشروع الراجحي ببربر.. ولكن يبقى السؤال المهم هنا.. من وراء هذه الزيارة؟ فإذا كانت مبادرة من الاتحاد للوقوف على أوضاع الولاية المتردية، فتلك محمدة تحسب للاتحاد بالوقوف على مواطن الخلل والضعف البائن ومخلفات السيول والفيضانات في الولاية عامة، ومناطق نهر عطبرة والمناصير بصفة خاصة، وحجم الكوارث المنبعثة من فوهات مصانع الأسمنت التي تبعد 6 كيلومترات من المساكن حسب مقياس وزير الزراعة لا المقاييس الدولية المتعارف عليها منذ بدء التاريخ، والتي لا تتعدى بضعة أمتار عن أقرب المنازل ولا بأس من الوقوف على الاستعدادت للموسم الشتوي على الأرض لا الورق والذي لا يبشر ببصيص شعاع نجاح أسوة بمواسم سابقة، وولاية النيل هي ولاية القمح. ويمكن للوفد الرفيع أن يقف على الوضع الصحي بمستشفيات الولاية التي يندر الأوكسجين في بعضها ويتعطل مولد حاضرتها منذ شهر رمضان بلا وجيع، ولا بأس أن يعرج على الوقوف على مشاريع الأمن الغذائي عياناً بياناً، وكيف أن بساتينها خضراء تسر الناظرين!! عموماً هذا إذا ما كانت المبادرة من الاتحاد نفسه، وبكل تأكيد سيختلف الحال إذا كانت الدعوة موجهة من حكومة الولايات التي تجتهد وتعقد من أجل وضع الاستعداد والترتيبات لاستقبال الوفد استقبال الفاتحين بحضن دافيء وترحاب هاش باش لن يكدر صفوه المرجفون ممن لا يرون في حكومة ود البلة شيئاً جميلاً. فبالطبع مثل هذه الزيارات تقتل السلطة الرابعة المناط بها تغيير سلوك الأنظمة وتبصيرها بمواطن الخلل كجهة رقابية لا تقل شأناً عن الحكومات نفسها. عموماً إذا كان الغرض من الزيارة تفقد الولاية وتلمس هموم وقضايا أهلها، فمرحباً بكم في حاضرة الولاية الدامر تبيتون ليلة بين مواطنيها تسمعون أنين التعابى وسعال الغلابة حول مصانع الأسمنت وتعبرون عبر البنطون لتفقد شيخ مشاريع السودان بالزيداب لتقفوا على قضايا المزارعين وارتفاع رسوم الري والجبايات الباهظة وغياب الخدمات. مرحباً بكم في نهر أتبرا وضواحي سيدون، فأهل الدبورة التي دمرت السيول موطنهم منذ عامين وما زالوا ينتظرون وعود التعمير الكاذبة يريدون منكم إيصال صوتهم بالقلم والصورة للجهات العليا.. أم شديدة تتمناكم في ربوعها وكذلك بعلوك وقوز الحلق وقرى الضفتين الشرقية والغربية بنهر أتبرا. أهل قرى جنوب شندي في انتظاركم تعالوا لتفقد الطندب التي شهدت أسوأ كارثة سيول وانقلوا صوت أهلها ومواجعهم، ومرحباً بكم في مركز الأورام وقرى شرق التحدي. مرحباً بكم في عطبرة بلد الحديد والنار، فللمعاشيين ألف قضية وقضية. مرحباً بكم في بربر العريقة التي تدعوكم لتفقد القرى والفرقان والمراكز الصحية والمدارس.. تعالوا لأبي حمد وتفقدوا مشروعاتها الزراعية وقفوا على أحوال المعدنين واسألوا عن التنمية ونصيب المحلية من الذهب.. تعالوا للشريك وأبو هشيم والزويرة وأمن وامكي وغيرها من القرى التي لم.تسمعوا بها من قبل. هلموا للبحيرة وانقلوا أحوال مهجري الخيار المحلي وتفقدوا مستوى خدمات الصحة والتعليم والمياه في كبنة والكاب وشري والحويلة والعال وساني ولا تخافوا من لسعات العقارب، فلن نترككم تنزلوا من سياراتكم، يكفينا أن تخفضوا الزجاج فقط وتسمعوا حديثنا. المتمة ترحب بكم تعالوا في كلي والنوراب وحوض سلوة تفقدوا المزارعين واسألوهم عن حقوقهم الضائعة من الاستثمارات العربية.. أما إن كانت الزيارة لجبر خاطر الوالي وكتيبته الإعلامية التي أحاطت به مؤخراً كما السوار بالمعصم، فمبروك عليكم الفسحة والولائم والهدايا والصفحات الإعلانية، وبالنسبة لمواطن الولاية فله رب يحميه ويسمع شكواه دون وسيط لا يملك قوته وبالتالي قراره.. فبكل تأكيد بمثل هكذا استقبال ودعوة تحيد قضية القلم إن لم تقتل وتقتل معها كل قضايا نهر النيل من أقصاها لأدناها، فكيف يمكن لأقلام وأيدٍ وأعين «أكرمت» أن تكتب عن فشل الموسم الزراعي مثلاً، وعن مولد المستشفى المتعطل وعن غبار المصانع السام وعن بيوت وخيام نهر عطبرة والمناصير وعن وعن وعن. فكل المشاريع الموضوعة في برامج الوفد لا تعد إنجازاً في سفر إنجازات ود البلة فهو لم يبنِ الأهرامات كما لم ينشيء مشروع الزيداب الزراعي كشيخ للمشاريع الزراعية بالسودان.