٭في لقائه مع الوفد الشعبي المصري الزائر برئاسة وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي الأسبوع الماضي، أنحى المهندس إبراهيم محمود نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم، باللائمة على الإعلام المصري في تعكير صفو العلاقات بين البلدين الشقيقين.. لكن الحكومة المصرية لحقها «رأس سوط» الملامة تلك بقول الوزير «إنها هي التي تمنح أجهزة الإعلام التراخيص»، ما يعني مطالبته - ضمناً - للحكومة بأن تراقب أداء الإعلام المصري - صحافة وتلفزيون- وتضبط إيقاعه حتى يكف عن إيذاء تلك العلاقات. ٭ المهندس إبراهيم محمود ينطلق، بالطبع، من تجربة بلادنا وحزبه في الحكم.. حيث يمكن للدوائر والأجهزة الرسمية - التي تمنح الترخيص- أن توقف أو تسحب الترخيص متى ما رأت في أداء أي صحيفة أو جهاز ما يخالف رؤيتها للأمن القومي أو تعتبره إضراراً بسمعة البلاد أو أي خطر ترتئيه.. وهذا ما أكد عليه دون مواربة المهندس محمد عطا مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني في حديثه الأخير لصحيفة «السوداني». ٭ لكن الواقع في مصر يختلف الآن اختلافاً كبيراً.. فمصر ما بعد ثورة 25 يناير وانتفاضة 30 يونيو التصحيحية انتزع فيها الإعلام مساحات حرية كبيرة.. وصار الفيصل بينه وبين السلطة الحاكمة.. سواء في عهد الرئيس مرسي أو الرئيس السيسي.. هو القضاء، وليس أية سلطة تنفيذية أو أجهزة إدارية أو أمنية تأمر ويطاع أمرها.. لكن هذا الواقع لا يعني أن الإعلام المصري بلا مشكلات أو أخطاء أو حتى خطايا تستحق النظر والتقويم. ٭الأسبوع الماضي فيما يشبه «المبادرة الذاتية» أنعقدت ندوة مهمة في قناة «دريم -2» ضمن برنامج «كلام تاني» الذي تقدمه رشا نبيل.. وكان موضوعه هو تقييم أداء الإعلام المصري.. بتركيز خاص على القنوات الفضائية المستقلة.. اشترك في الندوة ثلاثة من أبرز الصحافيين والإعلاميين المصريين هم: صلاح عيسى وحافظ الميرازي ومجدي الجلاد وبمداخلة من خارج الاستديو مع رئيس نقابة الصحافيين السابق ضياء رشوان.. وثلاثتهم ..الميرازي وصلاح عيسى ورشوان.. كانوا أعضاء في لجنة الإعلام ضمن اللجنة الخمسينية لوضع الدستور.. وقد أجمع أربعتهم على اعترافات جهيرة بمشكلات الإعلام المصري وأدائه وعلله وفي مقدمتها «عدم المهنية» في كثير مما يُصدّرُه وعزوا ذلك لأسباب لا بد من التصدي لها وعلاجها. ٭ أول تلك الأسباب يعود إلى الموروث.. فمصر حُكِمت على مدى أكثر من أربعين عاماً بنظام الحزب الواحد.. وفي ضوء الصراع العربي الإسرائيلي، كان شعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة».. هو الذي جعل من الإعلام المصري «إعلام تعبئة» بامتياز، ديدنه المواجهة الصارخة والردح والتنابذ، وعدم تحري الدقة في توصيل الخبر أو الموضوعية في التعليق عليه.. بما يعني التضحية بالحياد المهني إزاء الحقيقة كما هي في الواقع في سبيل توصيل رسالة تعبئة وحشد للمتلقي في اتجاه الخدمة الوطنية. وغداً نواصل