معتمد أم درمان الجديد، طالِع في الكفر، وعامِل فيها ولا مهدي مصطفى الهادي في زمانه..! العشرات من تجار التجزئة بسوق أم درمان، يشتكون لطوب الأرض، من حملاته الفجائية التي تستهدف محالهم التجارية هدماً وإزالة، بالرغم من التزامهم بدفع الرسوم المفروضة عليهم.. رصدت صحيفة التغيير الالكترونية، «تنفيذ السلطات لحملات مداهمة واسعة بمشاركة الشرطة، لتسطيح محال تجارية في منطقة السوق القديم، وقد عبر أحد تجار التجزئة بالسوق عن غضبه من إزالة متجره، دون سابق إنذار، وبتعليمات من المعتمد، فيما رأى تاجر آخر وجود محاباة ومحسوبية في قرارات الإزالة، مشيراً بقوله، أن المعتمد لم يقم بإزالة محال عرفنا أنها تتبع لأحد المسؤولين في الدولة وعضو في المجلس التشريعي».. وكان معتمد أم درمان الذي عُيِّن مؤخراً، أكد خلال تصريحات صحافية أنه سيعمل على إعادة تأهيل وتطوير سوق أم درمان، وإزالة كل ما وصفه ب «مظاهر الفوضى داخل السوق»..! وفي السوق الشعبي أم درمان بلغت إرادة المعتمد مبلغها.. المعتمد الجّديد «هجّج الدُنيا» هناك، وأنذر أصحاب 60 دكاناً بإخلاء محالهم التجارية خلال اسبوعين، وأمهلهم، بعد تدخّل الوالي، حتى الاسبوع الأول من الشهر القادم.. تلك الدكاكين- الترحيلات- بناها مواطنون بحُر مالهم في الطرف الغربي من السوق، بموجب تصديق ومخطط الشؤون الهندسية.. «البناء أرضي، وبأعمدة خرصانية، وعقد وبرندات»،، وظلوا يدفعون للمحلية رسوماً، وإيجاراً بدأ من جنيهين في أواخر التسعينيات، وانتهى مؤخراً إلى مليون شهرياً.. في هذا الظرف العصيب، الذي شهد تدهور عمل الترحيلات غرباً بسبب المصاعب الأمنية، وشمالاً بسبب كساد البلح في هذا الوقت، استخرجت المحلية من أضابيرها عقد إذعان، ينص على أيلولة الدكاكين للمحلية، بعد 30 سنة من ملكيتها للتجار وللمسافرين ركّاب الصّعب.. المحلية قلبت لهم ظهر المجن، وطالبت بإزالة الدكاكين، وهي بناء متين، وأفضل من بناءات «الكلفتة» التجارية التي تسربلت حيطانها، لأنها شُيِّدت في ليل الغلابة..! هذه الدكاكين المُهددة بالإزالة هي الأفضل، مقارنة مع من يجاورها من جخانين وأكواش ومزابل، وروائح تفرزها المنطقة الصناعية والسلخانة، ويرميها البشر، الذين كان يجب على المحلية تهيئة حراكهم الآدمي، ولو من باب ما تدّعيه دولتنا الراشدة من اهتمام بطقوس التعبُّد وتيسير الطهارة للعاكفين على الصلاة..! هل فهمت مقصدي يا مولانا..؟ أرجِع البصرَ كرّتين يا مولانا، على هذا الرهق المُضني من أجل كسب العيش.. لقد خلّد التاريخ ذِكر الشريف حسين الهندي، لأنه طيلة حياته، لم يصدر أمراً إلا لمصلحة الجماهير.. كان الهندي- طيّب الله ثراه- على الهدي النبوي، فما خُيّرَ بين أمرين إلا واختار أيسرهما.. أصحاب دكاكين الترحيلات، يتجرعون على مضض، ما أجبروا عليه من توقيع على صك الإذعان، ويلهجون بالشكر للمحلية على تقديمها ل «كهرباء الله أكبر»، ولا يسائلون عن تقصيرها في توفير خدمات النظافة، وتأهيل البيئة، وتوفير المياه الصالحة للشرب..... هؤلاء لا يطلبون المستحيل.. فقط يطالبون تمليكهم لتلك الدّكاكين بالسعر الجّاري، أو زيادة الإيجار،، لأن بنيانهم لا يستاهل الهدم، ولأن المكان ارتبط بأسمائهم.. طلب متواضع وبمقابل مدفوع، لا يحرم المحلية من الحِلاقة على رؤوس الكادِحين..! طلب بسيط ومنطقي، فهُم أولى بما شيّدوه، من أي نافذ أو مشترٍ أجنبي..! نحن لم نستوعب بعد حكاية عقود الإذعان هذه، والتي تفرضها الدولة الرسالية على مواطنيها في ساعة العُسر..! نحن لم نُدرك الحكمة من اقتناص الدولة لرعاياها كالطرائد، ولم نفهم لماذا تستثمر حسن ظنّهم، في من يمسكون بالقلم..! ثم تعال يا مولانا..إنتو خلاص، قاعدين ومخلّدين فيها، حتى تتعاملوا مع النّاس، ب «القطِع النّاشِفْ دَا»..!؟