يا الهي.. اي حزن هذا الذي اجتاحني .. اعتصر قلبي وزلزل أضلعي.. أي حزن هذا الذي الهب خواطري بسياط من لهب الجحيم..أشعلت الحريق في دمي ..أي حزن هذا الذي ايبس ازهار حدائقي وهوم روحي وأطفأ شموسي وانجمي . إنه الحزن الطويل الطويل ياسادتي الذي هزم أحرفي والجم أبجديتي، فما استطاعت أن تبوح أو تسوح بين أوراق دفاتري .. أيام مضت وأسابيع انقضت والقلم عصي في يدي، والقلب يبكي فجيعتي ودقات عقلي أبت أن تستوعب هول مصيبتي في ذاك الفقد الشاهق الذي منذ حدوثه لم يستطع حتى اليوم أن يجف ملح أدمعي . أنها ياسادتي بكائية على ضريح الإنسان الممتاز هاشم الجاز صديقي العزيز جداً، الذي مات واقفاً كالأشجار فبكت المنافي قبل أن يبكيه الوطن، ولعل العزاء الوحيد أن المنافي التي بكته لم تكن أجنبية، وإنما كانت عربية، والحزن العربي ياسادتي ابلغ كثيراً من أي حزن في كافة جهات الدنيا الاربع . الأشياء.. كل الأشياء في الدنيا تولد صغيرة ثم تكبر.. أما الحزن فإنه يولد كبيراً ثم يصغر، غير أن الأحزان والمشاجنات الطويلة التي لازمت رحيل الدكتور هاشم الجاز كانت كبيرة، لأن هاشما كان كبيراً ولا أظن أن الأحزان والمشاجنات الطويلة عليه ستصغر . لقد كان هاشماً عالياً كنخلة، شاهقاً كسارية .. متوهجاً كنجمة.. كان مغداقاً كغيمة... مترفاً كنسمة.. جميلاً كبسمة.. كان حلوا كبرتقالة.. كان رحباً كوطن.. كان قلبه يتسع للجميع... الجميع بدون فرز وكانت غرفات قلبه الأربع بلا أبواب أو نوافذ.. كانت مشرعة للكل في كل وقت واي مكان وزمان . التقيت صديقي العزيز جداً الراحل الدكتور هاشم الجاز لأول مرة قبل سنوات طوال، وكان ذلك في هيئة الكهرباء التي كانت تحمل اسمها القديم الشهير(الإدارة المركزية للكهرباء) وكان هاشماً مديراً لإدارة العلاقات العامة والإعلام، وكان يعاونه في الإدارة الشاعر الغنائي الجميل (ابوقطاطي) حيث أن الراحل الدكتور هاشم الجاز كان علماً على رأسه نار، إلا أنه ومن باب العلم بالشيء أقدم هنا سيرته العطرة كاريج أزهار الليمون وشذى اللارينج، التي أمدني بها صديقي العزيز جداً الأستاذ محمد الأمين نائب أمين عام المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية بالإنابة، والأستاذ محمد الأمين حبيب وصديق لكل من ينتمي الى قبيلة الصحفيين.. وهو خلوق ودود ويتنفس محبة للجميع.. كل الناس و(بالبلدي كده هو اخو اخوان) في اي زمان ومكان.. الانحناءة والتحية للصديق العزيز جدا محمد الأمين.. والتحية موصولة لعقيلته العظيمة الأستاذة عواطف عوض التي تزامله في مجلس الصحافة، وهي بحق كزوجها خلوقة ودودة، وكأنما شاء القدر أن يجمع بينهما ليكونا رمزاً لقيم الطيبة والعشرة النبيلة.. حفظهما الله لابنائهما ولخدمة هذا الوطن الجميل . ولد الفقيد الراحل الدكتور هاشم الجاز عام 1956 بمدينة البركل، وتلقى تعليمه الاولي بمدرسة البركل الاولية، والاوسط بمدرسة كريمة الوسطى، والثانوي بمدرسة كريمة الثانوية ثم التحق بجامعة ام درمان الإسلامية عام 1975 وحصل منها عام 1979 على بكالريوس صحافة واعلام بتقدير جيداً جداً، ثم تلقى دراسات فوق الجامعة وحصل على ماجستير علوم سياسية، وماجستير إعلام ثم دكتوراة في الإعلام.. تلقى كورسا في منهجية البحث العلمي من جامعة ليدز ببريطانيا، وكورسا في الترجمة الصحفية من الجامعة الامريكية بالقاهرة.. عمل مساعداً للتدريس في جامعه الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.. عمل مديراً لإدراة العلاقات العامة بالهيئة القومية للكهرباء، وقد أهله عمله هذا ليتقلد منصب نائب رئيس اتحاد العلاقات العامة السوداني عام 1986، عمل بالتدريس في عدد من الجامعات نذكر منها جامعة ام درمان الإسلامية.. جامعة القرآن الكريم... جامعة افريقيا العالمية.. جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا.. جامعة الجزيزة.. جامعة جوبا.. كما أشرف على التدريب والدراسات العليا ورسائل الماجستير، وفي إطار نشاطاته المجتمعية تقلد منصب أمين عام رابطة خريجي جامعة ام درمان الإسلامية .. أمين الشؤون الثقافية والعلمية للنقابة العامة للعاملين بالتعليم العالي.. عضو الهيئة النقابية للعاملين بجامعة ام درمان الإسلامية ..عضو المجلس الاستشاري لوزير مجلس الوزراء.. عضو المجلس الاستشاري لوزير الإعلام والاتصالات.. عضو مجلس إدارة شركة اقمار للإعلان . عضو لجنة الاستثمار الإعلامي والثقافي . رئيس لجنة الاستثمار الإعلامي بوزارة الإعلام والاتصالات.. عضو اللجنة الإعلامية المشتركة بين الحكومة والحركة الشعبية.. أما نشاطاته المهنية نذكر منها أنه عضو المجلس الاستشاري للبرامج السياسية والاخبارية بالتلفزيون السوداني .. رئيس لجنة المذيعين بالتلفزيون السوداني .. رئيس لجنة تقويم البرامج والافلام الوثائقية بالتلفزيون، عضو اتحاد الصحفيين وفي مجال العمل الصحفي امتهن مهنة الصحافة كمحترف، وكتب في العديد من الصحف منها عروستنا(آخر لحظة ).. الأيام.. الصحافة.. الاضواء .. السوداني.. السياسة.. الاسبوع .. السودان الحديث.. الجمهورية والرأي العام.. ترأس تحرير مجلة امير ..ترأس لجنة الصحافة بالمجلس القومي للصحافة، قدم عدداً من البرامج الحوارية بالتلفزيون والاذاعة في البرنامج الثاني.. ترأس تحرير مجلة بحوث الصحافة (مجلة علمية محكمة)عضو لجنة جوائز التفوق الصحفي بالمجلس القومي للصحافة.. قدم الراحل العديد من أوراق العمل في كثير من ورش العمل وملفات دراسية في عدد من المجالات منها الحملات الإعلامية.. حرفية الصحافة.. تأثير الاتصال على المجتمع.. الرقابة على وسائل الإعلام.. العلاقات العامة.. الإعلان وتاثيراته.. البرامج الدعوية في التلفزيون، كما قدم عدداً من البحوث المنشورة منها (حرفية العمل الصحفي)، وفي اطار تأليف الكتب أصدر كتاب (الإعلام السوداني) طبعتين.. (دوافع الانقلابات العسكرية في السودان تحت الطبع، (الصحافة السودانية قضايا ومشكلات (تحت الطبع.. تقلد منصب الامين العام للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية في الفترة ( 2002 2009 )- وبعدها تقلد الفقيد الراحل هاشم الجاز منصب الملحق الإعلامي بسفارة السودان بدولة قطر الشقيقة التي وافته المنية فيها. رحم الله صديقي العزيز جداً هاشم الجاز ووفاءً لعطائه الثر.. ارجو مخلصاً من وزارتي الإعلام والثقافة أن تقوما بطبع كتبه التي أشرنا اليها آنفاً بأنها(تحت الطبع ).. رحل الدكتور هاشم الجاز وفي نفسه شيء من حتى، وكان قد اغمض عينيه على حلم كبير.