قبل فترة ليست بعيدة عقدت، أحد الوزارات امتحانات مفاجئة لعدد من منتسبيها، وكانت المفاجئة الكبرى أن رسب البعض في امتحانات اللغة الانجليزية، مما يعطى مؤشراً سلبياً عن مستوى التعليم .. صبيحة أمس الأول الاثنين توجه حوالي نصف مليون طالبة وطالب الى قاعات امتحانات الشهادة السودانية تصحبهم دعوات وبركات الآباء والأمهات، إضافة الى قلقهم، وفي غضون اسبوعين ستنتهي تلك الامتحانات ويفرغ الجميع منتظرين ظهور النتائج، وبحث إمكانية الحاقهم بكلياتهم التي تؤهلهم نتائجهم التي حصلوا عليها للتقديم والتحاق بها، ومن ثم التخرج والانطلاق الى سوق العمل الذي لا يجامل ، لذلك من المهم جداً وضع خارطة طريق تخرج خريجين مؤهلين للمنافسة في سوق العمل المفتوحة، والمعلوم أن التردي بدأ منذ ما سمي بالتعريب لتعريب المناهج الجامعية أثناء فترة التسعينيات، إضافة لقلة فرص التدريب أثناء عطلات الدراسة الجامعية، وتردي البيئة الجامعية نفسها ، فبعضها غير مكتمل المعامل وقلة قليلة تعاني من هجمات مروجي المخدرات، وأخرى لا تأمن فيها من تجنيد ابنك أو بنتك لداعش.. ووسط هذا الزخم نجد جامعات مميزة تخرج الطالب في قمة التأهيل وبعضها وجدت فيه طلاباً من دول عربية شقيقة يدرسون فيها لجودة منتجها التعليمي هذه هي هواجس الآباء والأمهات، التي تكاد تذهب عقولهم، فالتعليم الجامعي الخاص الذي يتصف ببعض الجودة باهظ الثمن ومدمر لميزنية الأسر في دولة مثل بريطانيا التي تعتبر جامعاتها من أفضل الجامعات في العالم، يتم تمويل دراسة الطالب بقرض حكومي دون فائدة تذكر وليس على الطالب البدء في التسديد حتى يتخرج، وحتى يكون دخله السنوي أكثر من الحد الأدنى وهو 15.000£ في السنة، وإذا كان ما يتقاضاه بعد التخرج أكثر من الحد الأدنى، فإنه يقوم فقط بدفع 9% على ما يكسبه فوق الحد الأدنى من الدخل السنوي - يتم إسقاط قرض الطالب عنه بوفاته، أو ثبوت أنه غير قادر على العمل بشكل دائم، أو بمضي فترة محددة من يوم تخرجه من الجامعة بنحو 25 عاماً، بينما عندنا تجد صندوق دعم الطلاب قائماً جالساً يفتتح في الداخليات لسكن الطلاب والطالبات، بينما البيئة الجامعية والأستاذ الجامعي لا يجدان من يدعمهما، لماذا لا يتحول الصندوق بدلاً من دعم الطلاب الى اقراض الطلاب بدون فائدة، وتحويل الدعم لتحسين مستوى البيئة الجامعية بمختلف مكوناتها من أستاذ الى مكتبة، والى أحدث المراجع، والى تدريس باللغة الانجليزية، وتدريب متواصل فيتخرج طالب جامعي يماثل خريجي الجامعات البريطانية بعض الشيء، فيقتحم سوق العمل واثق الخطى يمشى ملكاً لابد من تغيير سياسات التعليم العالي، ورفع مستوى جودة التعليم ورفع المعاناة عن كاهل الآباء عن طريق فكرة قروض التعليم، لمن يرغب حتى لا يرسب الخريجين لو عقدت امتحانات مفاجئة، كما حدث لأهل الوزارة المعنية.