قال أحد أساتذتنا الأجلاء أثناء محاضرة في الجامعة.. إن الإنسان لا يشعر بأهمية ما عنده إلا بعد أن يخرج عن دائرة الصلاح.. فقلنا له كيف؟.. قال بكل بساطة يعني (إذا لم تؤلمك عينك فلن تحس بوجودها وأنها تلتقط لك الصور من حولك.. وإذا لم تؤلمك أذنك لن تحس بأنها موجودة وأنها تسمع وتميز الأصوات من حولها.. المهم سادتي لقد ركزت هذه المعلومة في رأسي وبدأت أتعامل بها على أنها قاعدة أضع فيها كل شيء محسوس أو ملموس.. خاصة ما يتعلق بنعم الله تعالى على عباده.. فأي إنسان يتمتع بنعم كثيرة لكنه يجأر بالشكوى عندما يفقد أياً منها.. فمثلاً من يعاني من أي مرض يشكي ويشكي ولا يفكر في أن بقية جسده سليم وينسى زواره أيضاً أن يقولوا (الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاكم به وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً).. ومن كان لديه المال الذي يسير به حياته وفقد جزءاً منه يحاول الإعلان عن ضياع بعض ما كان عنده وينسى أن يحمد الله على ما أتاه من نعمة المال أو من سترة الحال حتى أن هناك من لا يحمد الله عندما تكون النعم عنده.. فنعم الله سادتي لا تحصى ولا تعد.. خاصة ما يتعلق منها بالصحة.. إذا تفكرنا قليلاً ووقفنا هذه الأيام على احتفالية العالم بيوم الإيدز العالمي والإحصائيات التي تنشر عنه، ووجد الإنسان نفسه معافى من هذا المرض العضال.. ذي الأبعاد وغير الحميد.. فيجب عليه أن يحمد الله حتى يزيده.. بل إن هناك سلوكاً غريباً يقوم به أصحاب النعم.. فهم بدلاً من أن يحمدوا الله عليها يفترون على الناس.. وبدلاً من أن يتعبدوا ويتقربوا بها لله تعالى يجعلونها وسيلة للبعد من الله تعالى ومن طريقه.. ومن (كاتلوجه) الذي وضعه للبشر (فالعبادة هي أصل خلق الإنس والجن) ..(وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون).. لذا يجب أن ينتبه الناس إلى نعمهم ويحمدوا الله عليها حتى تزيد (لئن شكرتم لأزيدنكم)، كما يجب البعد عن التعالي والافتراء على الناس.. لأنهم قد يكونون أحد أسباب النعمة (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله...). المهم يجب أن يفكر كل إنسان في حاله ويحاول عد وإحصاء نعمه صغرت أم كبرت.. وأن يحمد الله عليها حتى تزيد.. وأن لا يفتري أصحاب النعم على الآخرين.. فالبركة وزيادة النعم لها أسباب.. وقد تكون نوعاً من الامتحان ينزل صاحبها درجات أو يصعد بها إلى الدرجات العُلا.