والإذاعات الخاصة ما زالت دون ضابط أو (رابط)، وبعضها ما زال يواصل في ضلاله القديم وحربه على الثقافة والهوية والقرصنة على حقوق الآخرين على مسمع ومرأى من الجميع، ما زالت وزارة الإعلام في ثباتها العميق وهي ترفع شعار (لا أسمع، لا أرى، لا أتكلم) وما أبأسه من شعار. قبل عدة أشهر وعندما هاج بعض أعضاء البرلمان وماج بعض أبعض إخوانهم في المجلس التشريعي بولاية الخرطوم، مبدين ملاحظات سالبة في عمل الكثير من هذه الإذاعات، خرج علينا السيد وزير الإعلام مهدداً بسحب تصديق أية إذاعة تحيد عن الخط المرسوم وفق التصديق الممنوح لها، وقال السيد الوزير ما قال، الشيء الذي اعتبرناه صحوة متأخرة ومع ذلك كان فرحنا بها كبيراً. ولكن الذي حدث أن الفرح في وادي ونحن في وادٍ آخر فشلنا في عبوره، فقد (مرت الأيام) ومر حديث السيد الوزير كالخيال أحلام، و(انطوت آمال) عريضة، كنا قد وضعناها في وزارة الإعلام، ولن نبالغ إن قلنا إن الكثير مما نسمعه من أغنيات (فاسدة) ومن ممارسات هي صنيعة بعض تلك الإذاعات التي لا هم لها إلا أن تملأ فراغها البرامجي بمواد إذاعية والسلام، لا يهم شكل تلك المواد أو ما تتضمنه من موضوعات أو ما تحمله من رسالة، فالمهم هو بث أغنيات (مجانية) لا تكلف خزينة تلك الإذاعات مليماً، أو برامج هاتفية تطرح فيها مواضيع (هايفة) الغرض منها حصد أكبر عدد من المحاثات، هذا هو حال بعض إذاعاتنا التي تغفل عنها وزارة الإعلام ووزراة الثقافة أيضاً، باعتبارها المسؤول رقم واحد عن الثقافة في البلاد، والسؤال العريض، ماهي (لازمة) الجيوش الجرارة من الموظفين والعاملين بوزارة الإعلام تحديداً، إذا كانت الوزارة لا تستطيع أن تشكل لجان رقابة (فاعلة) تراقب آداء تلك الإذاعات، وضبط الأثير الذي عكرت صفوه أغنيات وبرامج تروج لثقافات وافدة لا تشبهنا، والتي تعتبر مهدداً للأمن الثقافي والمجتمعي في بلادنا، هل دور الوزارة هو متابعة أجهزة الإعلام الرسمي فقط، وهل تعتبر أن ماسواه إعلاماً غير ذا أثر؟ نتمنى صادقين أن يتذكر السيد وزير الإعلام حديثه ووعده بمراقبة الإذاعات المتفلتة برامجياً (والوصف من عندينا)، وأن يقوم سيادته بتفعيل لجان الرقابة إن وجدت أو بتشكيلها إن لم توجد، ليرى ويسمع ما يشيب له الرأس من التقارير التي ستصله عن ما يتعرض له المستمع السوداني من أذىً (إذاعي)، وما تتعرض له الهوية السودانية من اعتداء. خلاصة الشوف: وهل انتشار (الزفة المصرية) و(الفرق الأثيوبية) في بيوت الأفراح السودانية (هو من شوية)؟