جلست كعادتي كل مساء أطالع الصحف اليومية وإذا بي ألحظ تقريراً في الصفحة الرابعة في صحيفة (آخر لحظة) خطه أحد صحافييها بعنوان: «في انتظار رئيس للحزب وهيكلة جديدة في يناير».. «الاتحادي المسجل يحل الأمانة العامة ويدعو للتمويل»، فكان أن غمرتني الدهشة وساقني خيالي بعيداً لعهد سالف وماضي تليد، ولكن ما أبعد الليلة عن البارحة وليس ما أشبه الليلة بالبارحة. الأخ كاتب التقرير أورد عدة معلومات مغلوطة أنا لا ألومه، فمما يبدو أنه زُود أو غُذي بمعلومات خاطئة فكان تقريره كذلك جملة أخطاء معلوماتية، بل حتى أدق وأحدث الأجهزة وأكثرها تطوراً وهو «الكمبيوتر» عندما يُغذى بمعلومات خاطئة يكون ناتجه سالباً كذلك. ولنعد للتعليق على بعض المعلومات والجمل والمفردات الكارثية الواردة في التقرير، علماً بأنني اتصلت بالأخ الصحافي وأوضحت له بعض الأمور محاولاً تصحيح بعض المعلومات. بالفعل شُغر منصب الرئيس بعد رحيل الشريف زين العابدين رحمه الله، ولكن الاجتماع المشترك الذي أعقب هذا الرحيل والذي ذكره كاتب التقرير لم تناقش فيه مسألة تعديل الدستور، كما لم يقم د. أحمد بلال بنسف المقترح كما زعم التقرير علماً بأن د. أحمد بلال هو رئيس اللجنة المكلفة بإعداد دراسة لتعديل الدستور وهيكلة الحزب، بأمر من الراحل المقيم الشريف زين العابدين رحمه الله وأنا عضو فيها، ولو كان الأمر على النحو الذي ورد في التقرير يتعارض مع أساسيات مواد الدستور فلماذا لم يرفض أحمد بلال التكليف وقتها، دعك عن نسف المقترح بعد انتقال الشريف..! الدكتور أحمد بلال براء من هذا الاتهام كما إن هذا الاجتماع المشترك للحقيقة والتاريخ لم يناقش على الإطلاق هذا التعديل، لأننا دخلنا لهذا الاجتماع عبر توافق سياسي بين الأجهزة الثلاثة «اللجنة المركزية والمكتب للسياس والأمين العام»، وكان قمة في الرقي التنظيمي والأداء السياسي المتميز لحزب فقد قائده ورائده. كما أن الحزب لم يخلص أبداً إلى تكليف دكتور جلال الدقير لإدارة الحزب لحين المؤتمر العام كما زعم التقرير ولم يفوضه، بل كان التوافق على أن يمارس الدكتور جلال صلاحياته المنصوص عليها في الدستور كأمين عام منتخب من مؤتمر عام، وهي كثيرة ومتشابكة وصعبة إن أجاد وأتقن التعامل في تأديتها يكون بلا شك قد أفلح ونجح وتزعم، دون الحاجة لتفويض أو المزيد من المهام على أن يقوم المكتب السياسي بصلاحيات رئيس الحزب كاملة، ولندلف لمسألة تمويل الحزب التي وردت على لسان قيادات وأعضاء فاعلين بأن الدكتور جلال ظل وحده يقوم بعملية التمويل. وهذا أمر ووضع طبيعي بموجب صلاحياته ومهامه ولا يحتاج لشكر على ذلك، فلكل موقع قيادي ومنصب تنفيذي استحقاقات وتترتب على ذلك مهام وواجبات، فالدكتور جلال الدقير يشغل منصب الأمين العام للحزب وهي أعلى صفة تنفيذية في الحزب، بجانب أنه يشغل منصب وزير الصناعة في ظل حكومة البرنامج والوحدة الوطنية، والكل يعلم مقولة الراحل المقيم الشريف زين العابدين وتعليق أهل المؤتمر الوطني عن الوظيفة، وعليه فبموجبها يترتب عليه واجب توفير المال اللازم لبناء الحزب وممارسة الأنشطة المختلفة والمهام. وهو أمر لا يحتاج لكثير من العناء والاجتهاد وإذا عجز عن توفير التمويل اللازم وجب عليه إخلاء الموقعين دون تردد، كما أنني لا أريد الخوض في: من أين التمويل وكيف؟ أما ما أورده التقرير أن الدكتور جلال تحدى أعضاء اللجنة المركزية فهذا لم يحدث لأن الدكتور كما أسفلت هو الأمين العام ورئيس اللجنة المركزية، وهو لا يتحدى أحداً من الأعضاء عندما يقوم بواجبه أو يمارس صلاحياته، وكما قال الزعيم إسماعيل الأزهري: خزائننا في جيوب شعبنا. أما التحالفات التي تحدث عنها التقرير فإنني أؤكد للكاتب أن المؤتمر العام للحزب في يونيو 2003م رفض رفضاً قاطعاً مجرد الاندماج مع المؤتمر الوطني، كما أن موضوع اتهام الدكتور جلال الدقير أو غيره من قيادات الحزب بالتقارب مع أي جهة فهذا أمر مباح وحق طبيعي للفرد، حيث أن هناك مؤسسات حزبية هي التي تحدد التحالفات والتنسيق والاندماج وغيره من الخطوات، ونحن حزب يحكمه دستور ومؤسسة وتعمل على ترسيخ مبدأ ومفهوم الديمقراطية. أما الاستقالتان وحل اللجنة فهناك استقالة تقدم بها الأمين العام من موقع النيابة إلى الأمين العام وهذا حدث فعلاً وقُبلت، ولكن أين الاستقالة الثانية فإن كان المقصود الأمين العام فهذا أمر في غير موقعه لأن الأمين العام لا يقدم استقالته للجنة المركزية بل مكانه المؤتمر حيث انتخب إذا أراد، أما عن المخاطبة الوجدانية بين الأمين العام «رئيس اللجنة المركزية» وبين اللجنة المركزية، فالأمر لا يعدو كونه مخاطبة وجدانية من الأمين العام لمحبيه ومناصريه داخل اللجنة، أما حل الأمانة العامة وإن كان توصية من اللجنة المركزية فهو حق دستوري للأمين العام لا ينازع فيه. أما مشاريع الوحدة الاتحادية مثنى وثلاث ورباع فهو حلم وسيظل يداعب مخيلة ووجدان الاتحاديين على اختلاف مشاربهم وأطيافهم إلى أن يتحقق يوماً ما. ونحن كما ورد في التقرير في انتظار المؤتمر العام في يناير المقبل الذي نتمنى أن ينعقد، لأن في انعقاده الحل الناجع والدواء المفيد وتجاوز كل الاخفاقات والعثرات التي مر بها الحزب بعد مؤتمر يونيو 2003م. üعضو المكتب السياسي- أمين المال السابق