*شهد الاسبوع الماضي (صحوة) برلمانية مفاجئة بعد طول غياب.. فقد كان (الإغفاء) أو (الطناش) أو (التصفيق) هي الحالة المسيطرة على المجلس الوطني، الذي تغلب عليه (الموالاة) وليس له من حظ المعارضة، وبالتالي الشفافية والمحاسبة والمساءلة والمراقبة إلا النذر اليسير.. وعليه فهي صحوة تستحق الشكر لأنها تتصل بهم أساسي من هموم الوطن يتمثل في ما درجنا على تسميته ب ( المسألة الزراعية). *فوجئت كغيري بهذه الصحوة.. هذه الروح الجديدة التي سرت بين الأعضاء، فأنتجت على الأقل (لغة جديدة) في توصيف حال الزراعة في بلادنا، وما ترتب على هذا الحال من ضنك وإفقار ساحق لمعظم طوائف الشعب طال لقمة عيشه (البسطية) وليس (الهنية) بحال من الأحوال.. فالأخيرة حلم بعيد المنال، فقد تقلصت فسحة الأمل لدى الناس في البقاء (على قيد الحياة) حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً. *جاءت (صحوة البرلمان) مترافقة مع مناقشة تقرير وزارة الزراعة والغابات في المجلس الوطني يوم الأربعاء الماضي.. فقد وقف النائب علي أبرسي، رجل الأعمال المعروف، لينتقد ما أسماه (تعطل المشاريع الزراعية) وقال: المشاريع المروية والمطرية معطلة، ونحن نزرع (1%) فقط منها ولدينا (16) وزارة زراعة بالإضافة إلى الوزارة الاتحادية. *وأضاف أبرسي: أن سعر جوال الفول (المصري) ارتفع إلى مليون ونصف المليون جنيه.. وجوال الويكة بلغ (400) الف جنيه، واصفاً ذلك بأنه (فضيحة) أن نقول إننا بلد زراعي وعندنا عشرة ملايين بقرة ورطل اللبن بي خمسة جنيهات.. بينما هولندا عندها مليون بقرة ودخلها – من منتجات الألبان والزراعة - 70 مليار دولار!. *أما النائب عبد الله سيد أحمد، فقد ضم صوته إلى أبرسي وقال: من (العيب) أن يكون سعر كيلو البامية (40) جنيهاً وكيلو الطماطم (30) جنيهاً.. وأشار إلى تدني إنتاجية الفدان في بلادنا التي لا تزيد في الغالب عن ربع الطن، واستهجن ذلك (لتوفر الامكانات) كما قال: ولفت إلى إمكانية حدوث فجوة غذائية– اسم الدلع للمجاعة- بالبلاد العام الماضي لولا المخزون الاستراتيجي الذي تلافاها. *من جانبه هاجم رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية محمد أحمد الشايب سليمان سياسة الحكومة الزراعية ووصفها ب (الفاشلة) وقال إن وزير الزراعة رجل (عالم) لكن مكبلاً بالسياسات الفاشلة.. وانتقد عدم التوسع في الاستفادة من الميزات النسبية التي تتمتع بها البلاد، في مجال الصادرات الزراعية. *وبمناسبة (الميزات النسبية) هذه.. و (الكلام بجيب الكلام) كما يقولون.. هذه الميزات النسبية للسودان أصبحت معلومة لدى القاصي والداني، حتى أنها وردت في رؤية الشقيقة المملكة العربية السعودية (2030) وتخطيطها لاستثمار منتج ومتنوع يتجاوز الاعتماد على النفط.. وورد اسم (السودان) نصاً ضمن المناطق والبلاد المستهدفة للاستثمار المزمع لرؤوس الأموال السعودية.. لكن للأسف يحدث هذا بينما يعاني شعبنا الأمرين في الحصول على الحد الأدنى من قوت يومه، بالنظر للسياسات الفاشلة التي قادت إلى تراجع غير مسبوق في مجال الإنتاج الزراعي، ناهيك عن التفكير في تنمية أو نهضة زراعية انطلاقاً من هذه الميزات النسبية. *وهذا يقودنا إلى القول إنه إذا لم تتمكن الحكومة من انجاز عملها المنزلي.. أو ما يسميه الانجليز بال "HOME WORK" من أجل تهيئة المناخ اللازم والضروري لاستقبال تلك الاستثمارات.. فإن وعد المملكة أو غيرها من البلاد الغنية بالاستثمار في (الميزات النسبية) للسودان.. سيظل حبراً على ورق في أضابير تلك الخطة.. فهل يعي المسؤولون هذه الحقيقة قبل أن يعلنوا عن تفاؤلهم بوعود الآخرين.. ففي النهاية ما حك جلدك مثل ظفرك.. وكفى.