ود شوراني المرغومابي ،هو "عبد الله ود حمد ود شوراني" ولد بقرية أم شديدة عام 1923 ، وتوفي عام 1989 قال في سفر الجُّمال :" يا هِضْلِيم نَعامات اللّخالي الفزَّنْ / رِيشات قلبي، مَاكْ عارِف جِراحِن خَزَّنْ ؟ وخّرْتَ أبْ سَمُر، جِنَّكْ سُهول وقوَزَّنْ / جِبْ جور جِدَّك اللّيهو السيوف بِنْهزَّنْ". اللّخالي هي الخلا الصّي..قَوَزّنْ هي القيزان، جمع قوز. الجّمال للغزال والسفر بالجُّمال.. مشي الجُّمال انواع، لعل مشية الخبْ، كانت من أعز مطالب حاج الماحي في رحلته إلى ديار الممدوح..مِشية الجّمل خطوة خطوة تسمى "الطرفة"، وهي التبختُر..يليها في السرعة "الخَبْ". تليها حالة بين الجري والخَبْ ، تُسمى"الكرْيتة"، وهو الأرقال في الفصحى. أما الجري فيسمى "المغارة" عند أبّالة السودان، ويسميه العرب بالوخيد. وأسرع منه "الزّميل" الذي يسمي في بادية السودان ب "القرية"، ووصفه، أن يقفز الجمل برجليه الأماميتين، وبرجليه الخلفيتين معاً. الأبّالة في السودان ، لهم في سوح جَقْلَة ألف حنين وحنين..النّاقة أُم صُراراً عُود، عند الهبّانِية وعموم أهل دارفور، بعدها مافي كلام: "جقْلة أُم حَنين، أُم صُراراً عود، الشُّكُر بِسْواها / غالية عليّ برفع مُستواها / التّاجِر النَّزَل من لِيبيا في السِّعِر زقّاها، والتاجِر النَّزَل من مصِر لي ماركتا ختّاها". وفي بطحاء البطانة، لا تحلو السّرْحة للهمباتي، إلا إذا سلب إبلاً محمية، يحوزها صاحبها في زريبة، أو "يقلعها"عينك عينك من بين يديه. الهمباتي لا يستولي على الإبل الهاملة ولا أبل الحرائر و الاطفال..قال شاعرهم: "الزول البِدور من البوادي ضريبة، يبقى مُوارِك الغُربة ويَبِعدْ الرِّيبة / ما بتَّدبى للهاملة البِشوفا غَريبة، إلّا السِّيدا في الدندر مَسِيلها زَريبة". "مُوارِك "، أي راكِباً على سرجه لزمن طويل، بحثاً عن صيده الثمين. في هذا المعنى يقول ود ضحوية: "الدّرب البِجيب كمش النُّقود مُو هيِّنْ / وما بِمْشِيهو ديك بيتو، أب جِليداً ليِّنْ / الولد البِقوم مِن أُم حَمَدْ مِتديِّنْ / غصباً عنّو ياالساحِرْ، يِسوقِنْ بَيِّنْ". ومِن فصيح ما غنى البِعيو ، هذا المربوع الذي يتردد كثيراً في ليالي الجعليين و الشكرية والبطاحين : "الولد البِخاف من القبيلة تَلومو/ بخلِف سَاقوا فوق تيساً سنين قدّوموا / إمّا يجيب رُضوة البَهَمْ البِنقِّرْ فُومُو / وإمّا اتكاشَحَنْ قَدَح الرَّمَاد حرُّومو"..هذا نموذج من ابداع البيادر ، نمشي دروبه بحذر، حتى لا نقع في الفخر القبلي، الذي وصل حداً قال فيه قائلهم: "نِحن الفوق رِقاب النّاس مَجرّب سيفنا"..! فتلك أخلاق جاهلية جسّدها قريط بن أنيف التميمي، في قوله : "قوم إذا الشر أبدى ناجزيه لهم قاموا إليه ذُرافات ووحدانا / لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النّائبات على ما قال بُرهانا".. تلك غلواء، دعا إبن الذّبيحين، إلى استعاضتها ب "أنصُر أخاك ظالِماً أو مظلوما".. من حكاوي بادية الغرب، قيلَ أن "الحَوِيّة الجمل الصغير حين وُضِعت عليه الأحمال بكى..والجمل الكبير كذلك ، لمّا شدّوهو ،بكى ورغى حتى أزبدَ. قالوا ليهو: دا جمل صغير، عِرفناهو بكى ، أنت مالك تبكي..؟ قال: أنا ما خايف من الشّيل، لكن خايف من البِهديل ..خايف من بعدين، لمّا الحَوِيّة دي ترقُد، و تشِدّوا حِملها فوق ضهري..! هذه الحكاية الشعبية تنقلنا إلى عوالم الشاعر المجيد، عبد الرزاق عبد الواحد، الذي قال أن صبر العراق، كصبر أيوب : "من مأثور حكاياتنا الشعبية، أن مخرزاً نُسي تحت الحُمولة على ظهر جَمَل..قالوا وظلَّ، ولم تشعر به الإبلُ / يمشي، وحاديهِ يحدو، وهو يحتملُ / ومخرزُ الموتِ في جنبيه ينشتلُ / حتى أناخَ ببابِ الدار إذ وصلوا، وعندما أبصروا فيضَ الدِّما جَفلوا"..! الآن..من يصِف صبر السودان ، على انقطاع الماء والكهرباء، في نهار ومضان..؟