يعتبر اللواء ركن «م» حسن ضحوي أحد أبرز القادة الأمنيين الذين عملوا في جهاز الأمن والاستخبارات العسكرية في السودان، وقد عمل وزير دولة بوزارة التخطيط الاجتماعي للشؤون الإنسانية، وكان أحد أبرز مهندسي اتفاقية الخرطوم للسلام. وتولى منصب مدير إدارة الاستخبارات العسكرية ومدير عام جهاز الأمن الداخلي بعد مجيء الإنقاذ وحتى العام «2000م». ويشغل الآن منصب نائب مدير أكاديمية الأمن العليا وعضو المجلس القومي الأعلى لجمع السلاح وإعادة دمج القوات الموقعة على اتفاقيات السلام المعروفة اختصاراً ب(D.D.R). وقد التقينا الرجل في هذا الحوار لنناقش معه مختلف القضايا المتعلقة بخبراته الأمنية ومتابعته للواقع السياسي.. الحوار مع اللواء حسن ضحوي وزير الدولة للتخطيط الاجتماعي ومدير جهاز الأمن الداخلي السابق تأتي أهميته لإحباط الرجل ل «12» محاولة انقلابية، ثمانية منها في عهد الرئيس السابق نميري وأربعة في الإنقاذ. وكشف ضحوي خلال الحوار أسرار عمليات ترحيل اليهود الفلاشا وسجل إسرائيل في المنطقة. وأعلن لأول مرة عن وجود قوات من الأمن والشرطة تم تدريبها على إحباط أي محاولة لإحداث فوضى في الخرطوم خلال ساعة واحدة. هل الإنقاذ قامت نتيجة لضعف جهاز الأمن في فترة الأحزاب؟ - لا.. الإنقاذ لم تقم لهذا السبب فقط، وإنما لقناعة الجيش بأن الوضع الديمقراطي أفرز حكومة متنازعة، وكل حزب كان يسعى لتقوية نفوذه، والمال العام أصبح في يد الأحزاب.. والإمكانيات العسكرية كلها كانت مهدرة، الطائرات العسكرية كان يركبها الوزراء، والجيش كان يحارب دون طائرات ليخلي بها الجرحى. سعادة اللواء ضحوي عملت في أطول حكمين للبلاد هما مايو و الإنقاذ، ما مدى تطور أو تراجع أداء الأجهزة الأمنية في تحقيق الاستقرار بالبلاد؟ - والله في أي وضع نحن أفضل من سابقه، وجهاز أمن مايو بقوته تلك وكفاءته، و حتى الذين استجوبوا ضباط الاستخبارات وهم اللواء الهادي بشرى وعمر البشير والسر أبحمد أي إنسان استمع للجنة التي تم تكوينها لاستجواب ضباط الأمن أُعجب جداً بأداء الجهاز السابق، وبالتالي الإنقاذ لم تتردد في الإستفادة من الكوادر التي عملت في جهاز أمن مايو، واستوعبت ضباط برتبة العمداء، استوعبتهم لقرابة العشرة أعوام، حتى شعرت بأن الجهاز صار جهازاً محترفاً على مستوى الدول المتقدمة وأفريقيا و باعتراف أمريكا نفسها. أين موقع السودان في أجهزة الأمن الإقليمية؟ - السودان وجوده مكثف في أجهزة مخابرات الاتحاد الأفريقي والإيقاد والمؤسسات والمنابر التي قامت في أديس أبابا، ووقفوا على السودان في المحافل الإقليمية والدولية خاصة قضية المحكمة الجنائية «الملفقة» ضد الرئيس. ما هو التأثير الذي تركته أجهزة السودان الأمنية على محيطنا الأفريقي، بما يضمن الاستقرار في المنطقة؟ - كل دول الجوار متأثرة بنا.. تشاد، أفريقيا الوسطى، أثيوبيا وأرتيريا.. لدينا تأثير على أجهزتهم الأمنية، حتى زوال نظام مانقستو هايلي مريام تم بمساعدة من السودان للجبهة الشعبية وجبهة التقراي، ووحدوا نضالهم ضد نظام الدرك الذي يتزعمه منقستو وكل دول الجوار متأثرة بالسودان، نحن في الاحتفال الماضي لأكاديمية الأمن العليا، أحد القيادات الأثيوبية العسكرية الفاعلة التي نسقنا معها، واحد اسمه «سبحت نقا» من القيادة التاريخية للتقراي، فالرجل قائد ميداني وليس سياسي فقمنا بتكريمه قبل ثلاثة أشهر ومنحناه الدكتوراة الفخرية من أكاديمية الأمن العليا، ولدينا علاقات متميزة مع دول الجوار في مجال الأمن والسياسة، ويوغندا علاقتنا معها ليست بالمستوى المطلوب، ولكن بقية هذه الدول علاقتنا معهم متميزة. إذا قُدر للجنوب أن ينفصل، كيف تتوقع أن تكون علاقة الأجهزة الأمنية في البلدين؟ ü تتوقف على مدى استعداء الجنوب للشمال أو عدم الاستعداء، ومدى تأثير أمريكا، والإدارة الأمريكية إذا قدمت للجنوب دعماً قوياً ومتواصلاً ستفرض عليه سياساتها، وسيكون استعداء للشمال واستعداء قبائل في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان بغرض خلق بؤر توتر وصراع. لكن أمريكا ساعدتكم في التوصل إلى اتفاق السلام مع الحركة وأنهت أطول حرب في أفريقيا؟ - ماذا حدث بعد توقيع اتفاقية تيفاشا... فتحوا لنا جبهة قتال في دارفور، وأمريكا أي دولة معادية لها تضعها دائماً في خانة عدم الاستقرار وتضعك في «panel» عسكري دائماً، ونتوقع بعد الانفصال أن تنفذ حكومة الجنوب كل ما تطلبه أمريكا من عداء للشماليين. وإذااستقلت حكومة الجنوب من تأثير أمريكا عليها واتجهت إلى مصالحها مع الشمال؟ - الجنوبيون لديهم مصالح مشتركة مع الشمال، ويوجد من ثلاثة إلى أربعة ملايين من الجنوبيين في الشمال حتى حلفا، وإذا وضعت الاتفاقية على نار هادئة وتم الاتفاق على القوانين التي تنظم الحركة السياسية والاقتصادية في البلدين واستمرت العلاقات التجارية والاقتصادية، لو استمرت لفترة زمنية طويلة دون استعداء للشمال من الجنوب فإن الانفصال سيكون إيجابي.. وسيكون سلبياً إذا قالت لهم أمريكا نحن نقطع العلاقات الاقتصادية والاجتماعية مع الشمال ونفرغكم لحرب الشمال لتحرضوا لنا قبائل الأنقسنا في النيل الأزرق والنوبة وقبائل دارفور بدعاوي التهميش، وأنا لا أتوقع أن تستمر أمريكا طويلاً في عدائها للسودان، وبسرعة الجنوبيون سيكتشفون أن أمريكا خدعتهم وفصلتهم قبل أن يمتلكوا مقومات الدولة، وسيدخل الجنوب في مشكلة القبائل المتداخلة مع دول الجوار مثل الباريا نصفها في الاستوائية والنصف الآخر في يوغندا، والزاندي ثلثهم في جنوب السودان وثلثين في زائير، وفي الكنغو وشرق الاستوائية التبوسا. هذه القبائل هل تستطيع أن تقوي حكومة الجنوب؟ - علاقة هذه القبائل إذا تمتن نفوذها سيكون أقوى من الدينكا والشلك والنوير، فالدينكا هم الأغلبية، ولكن إذا دخلت القبائل من دول الجوار لن يكونوا هم الأغلبية «فهمت المسألة».. وأي قراءة لأن يتم ضمهم في دولة على أساس أن تكون دولة مسيطرة على منطقة القرن الأفريقي و منطقة البحيرات، فالدعوة هذه ستأتي ببقية قبائل الفراتيت في دول الجوار، وإذا دخلت في أي تحالف مع قبائل جنوب السودان ستكون هي الأغلبية، ولن يستقر حكم الدينكا في الجنوب.