رجل ال12 ثانية التي قلبت موازين القوى داخل تركيا عشية محاولة الانقلاب الفاشلة التي نفذتها عناصر من الجيش التركي .. العالم كله سهر أمس الأول وهو يتابع تفاصيل الأحداث الدرامية في تركيا، بيد أن زعيم حزب العدالة والتنمية حسم الأمر في بضع ثواني في محادثة عبر الإسكايبي، حث فيها الأتراك إلى النزول للشارع، فبهت الذين حركوا الدبابات إلى المقار الحكومية، مما دفع المحللون إلى وصف الشعب التركي بالوعي وتفوقه فيه على الشعب الاوربي، وتزامن هذا الوعي مع شخصية طيب رجب أردوغان التي وصفوها بأنها متوافقة تماماً مع طبيعة الشعب في حبها للديمقراطيه ووعيها. النشأة ولد طيب رجب أردوغان في 26 فبراير عام 1954 م في حي قاسم باشا أفقر أحياء أسطنبول، لأسرة فقيرة من أصول قوقازية، تلقى رجب تعليمه الابتدائي في مدرسة حيه الشعبي، وأمضى حياته خارج المدرسة يبيع البطيخ وكيك السمسم حتى يسد رمقه ورمق عائلته الفقيرة، ثم انتقل بعد ذلك إلى مدرسة الإمام خطيب الدينية، وتخرج من الثانوي بتفوق والتحق بكلية الاقتصاد في جامعة مرمرة . .. متزوج من المناضلة الإسلامية في حزب السلامة الوطني (أمينة).. وتقول الأسافير أن قصة زواجهم بدأت برؤية رأتها أمينة بأن فارس أحلامها يقف خطيباً أمام الناس، وهي لم تره بعد، وقد تفاجأت صبيحة اليوم التالي برؤيته يخطب في اجتماع لحزب العدالة، ثم تزوجا وانجبا عدداً من الأبناء أحد الأولاد الذكور سُمي « نجم الدين « على اسم استاذه نجم الدين أربكان من فرط إعجابه واحترامه لأستاذه، وإحدى بناته تدرس في أمريكا . لقب الشيخ أطلق عليه أستاذ التربية الدينية في المرحلة الابتدائية لقب الشيخ رجب، بعد أن طلب الأستاذ من الطلاب أن يقوم أحدهم بأداء الصلاة، حتى يتسنى لبقية الطلاب أن يتعلموا منه، فرفع رجب يده وناوله المدرس صحيفة ليصلي عليها، فما كان من رجب إلا أن رفض أن يصلي عليها لما فيها من صور لنساء سافرات، ودهش المعلم بتصرفه وأطلق عليه لقب «الشيخ رجب». نشاطه السياسي والرياضي بدأ اهتمامه السياسي وهو في عمر 15عاما وقد كانت بدايته الفعليه من خلال قيادته الجناح الشبابي المحلي لحزب « السلامة أو الخلاص الوطني « الذي أسسه نجم الدين أربكان، ثم أغلق الحزب وكل الأحزاب في تركيا عام 1980 جراء انقلاب عسكري، وبعد عودة الحياة الحزبية، انضم إلى حزب الرفاه عام 1984 كرئيس لفرع الحزب الجديد ببلدة بايوغلو مسقط رأسه، وما لبث أن سطع نجمه في الحزب حتى أصبح رئيساً لفرع الحزب في اسطنبول عام 1985 وفي 1986م أصبح عضواً في اللجنة المركزية في الحزب، وبالرغم من اهتمامه المبكر بالسياسة، إلا أن كرة القدم كانت تجري في دمه، وقد أمضى 10 سنوات لاعباً في عدة أندية. نجاحات انتشل رجب بلدية اسطنبول من ديونها التي بلغت ملياري دولار إلى أرباح واستثمارات وبنمو بلغ 7%، بفضل عبقريته ويده النظيفة، وبقربه من الناس لا سيما العمال ورفع أجورهم ورعايتهم صحياً واجتماعياً، وقد شهد له خصومه قبل أعدائه بنزاهته وأمانته ورفضه الصارم لكل المغريات المادية من الشركات الغربية التي كانت تأتيه على شكل عمولات، ولقد سئل عن سر هذا النجاح الباهر والسريع فقال: «لدينا سلاح أنتم لا تعرفونه، إنه الإيمان، لدينا الأخلاق الإسلامية وأسوة رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام». بعيد النظر ويرى المحلل السياسي صلاح الدومة أن أحداث المحاولة الانقلابية الأخيرة كشفت عن حب الشعب التركي للرئيس رجب طيب أردوغان لما حققه من نجاحات باهرة كانت سبباً في صعوده في وسائل الإعلام، وقد حقق رجب وحزبه نجاحات دبلوماسية وسياسية، وأضاف الدومة أن رجب شخصية دبلوماسية وله كاريزما عالية، ويتميز ببعد النظر ويصمد في رأيه، والأغلبية التي يدخل معها في خلاف سرعان ماتستجيب لوجهة نظره، ويضيف المحلل السياسي بروفيسور حسن الساعوري أن التنمية التي حدثت في عهد رجب غير منظورة، والفترة التي قضاها رفع من شأن تركيا اقتصادياً وسياسياً، ومافعله يعطي شخصيته رصيداً، واستطاع بهذا الإنجاز الكبير أن تصبح تركيا الدولة ال(14) في العالم . دخوله السجن رفع المدعي العام ضده دعوى تقول بأنه أجج التفرقة الدينية في تركيا، وقامت الدعوى بعد إلقائه شعراً في خطاب جماهيري، وقد تميز بطريقته في الألقاء، وقد كانت أبيات الشعر من ديوان الشاعر التركي الإسلامي ضياء كوكالب، وجاء فيها :(( مساجدنا ثكناتنا قبابنا خوذاتنا، مآذننا حرابنا، والمصلون جنودنا، هذا الجيش المقدس يحرس ديننا) فأصدرت المحكمة قراراً بسجنه 4 أشهر، وقد كان في وداعه إلى السجن حشود كبيرة، وخطب فيهم خطبته الشهيرة التي عزم فيها على أن يعمل داخل السجن على دراسة المشاريع التي تنهض ببلده إلى الألفية الثالثة، وأوصاهم بعدم الاحتجاج أمام مراكز الأحزاب الاخرى، وأن يظهروا رغبتهم في صناديق الاقتراع بدل الاحتجاج . تأسيس حزب بعد خروجه من السجن بأشهر قليلة، قامت المحكمة الدستورية عام 1999 بحل حزب الفضيلة الذي قام بديلاً عن حزب الرفاه، فانقسم الحزب إلى قسمين، قسم المحافظين وقسم الشباب المجددين بقيادة رجب الطيب أردوجان، وعبد الله جول، وأسسوا حزب التنمية والعدالة عام 2001، خاض الحزب الانتخابات التشريعية عام 2002 وفاز ب 363 نائباً مشكلاً بذلك أغلبية ساحقة، وأحال أحزاب عريقة إلى المعاش، لم يستطع أردوغان ترأس حكومته بسبب تبعات سجنه، وقام بتلك المهمة صديقه عبد الله جول، تمكن رجب في مارس من تولي رئاسة الحكومة بعد إسقاط الحكم عنه، وابتدأت مسيرته . إصلاح ما أفسده العلمانيون بعد توليه رئاسة الحكومة، مد يد السلام، ونشر الحب في كل اتجاه، تصالح مع الأرمن بعد عداء تاريخي، وكذلك فعل مع أذربيجان، وأرسى تعاونا مع العراقوسوريا، ولم ينس أبناء شعبه من الأكراد، فأعاد لمدنهم وقراهم أسماءها الكرديةّ، بعد أن كان ذلك محظوراً، وسمح رسمياً بالخطبة باللغة الكردية، وافتتح تلفزيون رسمي ناطق بالكردية. مواقفه من إسرائيل العلاقة بين تركيا وإسرائيل مستمرة في التدهور منذ تولي أردوغان رئاسة الحكومة التركية، وإلغاء مناورات « نسور الأناضول «التي كان مقررا إقامتها مع إسرائيل وإقامة المناورة مع سوريا التي علق عليها أردوغان : «بأن قرار الإلغاء احتراما لمشاعر شعبهّ، وقد حصلت ملاسنة في دافوس بينه وبين شمعون بيريز بسبب حرب غزة، خرج بعدها رجب من القاعة محتجاً بعد أن ألقى كلمة حق في وجه «قاتل الأطفال واستقبله في المطار عند عودته آلاف الأتراك بالورود والتصفيق والدعوات. فصل من الجيش من أجل شاربه بعد التحاقه بالجيش أمره أحد الضباط حلق شاربه (الشارب يعتبر ضد القوانين الكمالية)، فلما رفض كان قرار فصله طبيعياً.