التعليم عموماً والبيئة المدرسية بمحلية جبرة الشيخ تعيش وضعية صعبة للغاية، توشك أن تقوده للانهيار وتأتي زيادات الرسوم (الجائرة) الأخيرة لتصبح القشة التي قصمت ظهر البعير، ومسمار في نعش التعليم.. الكثير من الطلاب سيهجرون فصول الدراسة إن لم تتدارك السلطات ذلك، وتعالج الاختلالات الخطيرة التي يعاني منها القطاع . حاولت التحدث إلى بعض المسؤولين في هذا الجانب، فوجدت أنهم جاهزون لتزيين الصورة بجملة من المغالطات، ظناً منهم أن ذلك من شأنه إن يقلب الحقائق ويغير الموازين، ويوهم المجتمع بصواب ما تلوكه ألسنتهم صباح مساء، وبذلك سيظلون محتفظين بمواقعهم أطول مدى ممكن.. واجزم أنهم لو استطاعوا أن يقنعوا أحداً فربما أنفسهم أو جلساءهم المسامرين لهم ليس أكثر.. أما من يعيش على أرض الواقع فأنى له تصديق ذلك. ذكر لي أحد هؤلاء أنهم في المكتب التربوي بالمحلية فرضوا على الطلاب هذه الرسوم، ليتم شراء سيارات لمكاتب التعليم بإداريات المحلية المختلفة.. يعني جيتك يا عبد المعين تعيني لقيتك يا عبدالمعين تنعان.. وقال إنهم ليسوا بدعاً من الولايات، فولاية الخرطوم فرضت رسوماً على الطلاب.. ولطالما كررنا أنه في هذا البلد الأمين إذا وجد الخطأ وعاش لسويعة صار صواباً ونموذجاً يحتذى، وربما صار قانوناً يفرض نفسه على (الجميع) في ظل الهوان الذي أصاب الدولة وتخليها المتعمد عن القيام بدورها تجاه شعبها. ما يعقد القضية أكثر أن التسييس دخلها من أوسع الأبواب مع أن الناس مجمعة على تردى البيئة المدرسية والإهمال ضاربٌ بأطنابه، وسوء التسيير والسياسات المرتجلة، لكن المكابرة السياسية تدفع البعض إلى رمي كل من ينبه على خطأ أو يكشف فضيحة أو حتى يسدي نصيحة بأنه من المعارضين الذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب، لا هم لهم إلا النظر إلى النصف الفارغ من الكأس .. مهما كانت النية حسنة والدليل دامغاً. كل الذي نطمح فيه بيئة مدرسية قادرة على إنتاج أجيال متعلمة ومثقفة ومتمكنة علمياً وعملياً وقادرة على المنافسة.. أجيال تعتز بالقيم والثوابت، وتفتخر بالماضي وتتطلع إلى المستقبل، وتحمل هم العمل والإنتاج، والإسهام في بناء الوطن، ورفع مكانته بين الأمم وشعوب الأرض. لو أن مولانا أحمد هارون أعطى للتعليم جزءاً ولو يسيراً مما أعطاه للرياضة في مدينة (الأبيض) وفريق الهلال- الذي يتولاه برعايته ويرعاه بحنانه وينفق عليه نفقة من لا يخشي الفقر- لو وجد التعليم معشاراً من ذلك الاهتمام لبلغنا شأوا عظيماً. الرسوم التي فرضت على تلاميذ مرحلتي الأساس والثانوي بمحلية جبرة الشيخ بكل المقاييس غير منطقية وغير مقبولة، وتمثل خرقاً واضحاً للدستور السوداني والقوانين واللوائح، ويجب محاسبة ومعاقبة المتورطين فيها إن كان هنالك من يحاسب.