نخرج عن مألوف الكتابة اليوم الجمعة، ونتناول تاريخ التاسع من يناير القادم من زاوية قراءة وتحليل الرقم (تسعة) نفسه، وقد شغلني بالأمر الأستاذ محجوب فضل بدري ذات مساء متأخر، عندما أخذ يقص عليّ نبأ أحد أصدقائه الممسكين بأسرار بعض العلوم.. ثم عرج إلى حديث الأرقام عندما ذكر لي أن صديقه ذاك لفت انتباهه إلى الرقم تسعة، وقال له إنه الرقم الوحيد الذي إذا جاء طرفاً في عملية ضرب حسابية يكون مجموع حاصل الضرب هو ذات الرقم تسعة. حقيقة انشغلت بالأمر، ووجدت في البحث والتأكد متعة وتسلية ومحاولة للتعلم، وأخضعت الرقم تسعة لاختباراتي الخاصة فوجدت أن نتيجة حاصل ضرب الرقم تسعة في أي رقم آخر يكون مجموعها- أي النتيجة- هو الرقم تسعة.. مثال لذلك (9*1) النتيجة (9)، وفي اثنين النتيجة (18) ومجموع الثمانية والواحد تسعة، وفي ثلاثة يكون حاصل الضرب سبعة وعشرين.. وهكذا. راجعت الرقم ومضاعفاته فوجدت أن النتيجة ليست واحدة في حال ضرب العدد تسعة في الأرقام التي تلي المائة.. وقد يكون لغيري رأي أو تفسير.. بحثي الذي قادني إليه حديث الأستاذ محجوب فضل بدري، جعلني اتجه نحو الرقم تسعة لغةً وأسراراً، فوجدت أنه في العربية والسبئية واللحيانية بالسين (تسع، وتسعة)، وفي العبرية والسريانية بالشين، وأصل اسم العدد تسعة غامض، ويقول بعض الباحثين إنه ليس مقترناً بجذر سامي معروف، لذلك رجحوا أن يكون حامي الأصل. والتسعة في الحضارات القديمة ترمز إلى القداسة وهو مضاعف ثلاثة، رمز الخلق والحق والخير، لذلك جاء كل عدد يضم الثلاثة والتسعة مقدساً في الحضارات الشرقية. أما بالنسبة لنا كمسلمين فإن الحج يبدأ في التاسع من ذي الحجة، وجاء في القرآن الكريم إن الله أعطى سيدنا موسى عليه السلام تسع آيات وهي العصا، اليد، الطوفان، الجراد، القمل، الضفادع، الدم، إنفلاق البحر والسنين. ويقول الأولون إن أعظم الأقوياء تسعة هي بالترتيب: الجبال، الحديد الذي يفتت الجبال، ثالثها النار التي تذيب الحديد، رابعها الماء الذي يطفيء النار، خامسها السحاب الذي يحمل الماء، سادسها الهواء الذي يحمل السحب ويفرقها، وسابعها ابن آدم الذي يستتر من الهواء بالثياب وبالكن الذي يكنّه، ثامنها النوم، وتاسعها الهم الذي يذهب النوم. ويقول العلماء إن الحيوانات التي تدخل الجنَّة تسعة، هي عجل سيدنا إبراهيم الذي ذبحه لضيفه، والكبش الذي فدى الله به سيدنا إسماعيل، وهدهد سيدنا سليمان، والنملة التي حذّرت أخواتها في وادي النمل حتى لا يحطمها سليمان وجنوده، ثم بقرة بني إسرائيل، وحوت سيدنا يونس، وناقة سيدنا صالح، وكلب أهل الكهف وآخرها حمار العزيز.. والله أعلم. وجاء في الأثر أن الله عز وجل قسم الحياء عشرة أجزاء: فجعل في النساء تسعة وفي الرجال واحداً. وفي كل غايات الحساب السحري ذي العلاقة بين السحر والتنجيم وما إليهما، فإن العددين (7) و (9) هما الأكثر أهمية، ولطالما اُعتبر الرقم (7) مرتبطاً بالصعيد الروحي، والرقم (9) على النقيض من ذلك لأنه مرتبط بالصعيد المادي، وهو في العالم الدنيوي تجده ممثلاً في كوكب المريخ، وهو عدد القوة الطبيعية في جميع الأشكال.. وكواكب المنظومة الشمسية تسعة.. والأعداد التي يبني عليها الإنسان كل حساباته تسعة- من (1) إلى (9)- والرقم تسعة هو شعار المادة التي لا يمكن تدميرها مطلقاً.. وفي الماسونية هناك نظام (الفرسان التسعة المنتخبون)، ويعتبر الرقم (9) رقماً محظوظاً أو رقم الحظ- مثلما في كثير من ألعاب الورق والكوتشينة- وهو رقم حظ لمن يولد فيه شريطة ألا يتطلب الرجل أو المرأة حياة هادئة أو رتيبة، وشرط أن يضبط الواحد منهما طبيعته، ويتحكم بها حتى يتفادى صناعة الأعداء. ترى هل جاء اختيار اليوم (التاسع) من يناير صدفة أم تعمدت جهة ما أن يكون تاريخ الاستفتاء محدداً بهذا اليوم؟ أعتذر للقارئ الكريم عن الإطالة، لكن الموضوع شيِّق.. أهم ما فيه أننا بدأناه بتاريخ حدث سياسي منتظر، لكننا خرجنا منه بما تقرأ فيه الآن. .. و.. جمعة مباركة