لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن تخرج مفاوضات أديس ابابا بين الحكومة وحركات دارفور المسلحة وقطاع الشمال، وتنفض بعدم التوصل لوقف دائم لاطلاق النار بين الطرفين المتصارعين . نتيجة ولدت حالة من الإحباط لدى الشارع السوداني، الذي ظل يترقب خبراً ساراً من مقر المفاوضات بأديس ابابا ..خبر سار بحقن دماء الشعب السوداني . التفاؤل قد جاء في أعقاب إنعقاد مؤتمر الحوار الوطني الذي دعي إليه المشير البشير رئيس الجمهورية، والذي انعقد بقاعة الصداقة . مؤتمر توصل فية المؤتمرون لإتفاق في مجمل القضايا بنسبة 98% ، بشر فيه المؤتمرون الشعب السوداني بالتوصل لإتفاق شامل يفضي إلى نهايات سعيدة تحقق رفاهية الشعب السوداني الصابر، والقابض على الجمر، إتفاق تتمثل أساسياته في وقف الحرب والتحول الديموقراطي والتداول السلمي للسلطة وتحسين الوضع الاقتصادي . قوى نداء السودان كانت قد وقعت على خارطة الطريق، الأمر الذي زاد من حالة التفاؤل بأن مشاكل السودان أصبحت قاب قوسين أو أدنى من نهاياتها . ولكن هيهات هيهات ! تأتي الأخبار من أديس أبابا بعدم التوصل لإتفاق بين الطرفين، الأمر الذي ولد حالة من الإحباط لدى عموم الشعب السوداني الذي ينشد السلام ولا شئ غير السلام.. المجتمع الدولي أولى إهتماماً كبيراً لعملية السلام في السودان، لم تتوقف الجولات الماكوكية للمبعوثين الدوليين بداية من المبعوث الأمريكي ومبعوث الإتحاد الاوربي، إضافة إلى ثابو إمبيكي الوسيط الافريقي في عملية السلام ..الأمر الذي زاد من الضغوط على الأطراف المتصارعة التي لم تحدث اختراقاً حقيقياً في عملية السلام. الطرفان تبادلا الاتهامات فيما بينهما، بالمتسبب في إفشال الجولة، يلاحظ أن الحكومة قد أحرزت هدفاً في مرمى الحركات المسلحة منذ وقت طويل، عندما وقعت منفردة مع الوسيط الافريقي ثابو امبيكي على خارطة الطريق التي وضعتها الوساطة الدولية، لتأتي قوى نداء السودان بالتوقيع بعد أربعة أشهر . الحكومة كانت تحتاج الى أن تحرز هدفاً آخر بالموافقة على بند الترتيبات الأمنية لتكشف للشعب السوداني عن هوية المسؤول عن عرقلة عملية السلام، والذي سيجد حساباً عسيراً من الشعب السوداني، لكنها أضاعت فرصة ذهبية كانت كفيلة بترجيح كفتها في المفاوضات . المواطن البسيط مل الحرب بعد أن بلغ به السيل الذبى، ولن يقبل بعد ذلك بمفاوضات ماراثونية تستمر إلى مالا نهاية . الشعب السوداني ينبغي أن يكون له دور أيضاً في تسريع عملية التفاوض، عبر الضغط على الطرفين بالخروج والتعبير لفرض السلام، وهو أفضل من أن يأتي مفروضاً من الخارج، وكلنا يعلم أن للخارج مصالح خاصة من كل عملية يتدخل فيها.. إننا الآن أمام فرصة تاريخية لن تتكرر، وذلك بالتوصل إلى سلام دائم يحقق آمال وتطلعات الشعب السوداني وليكن شعارنا أرضاً سلاح، والتوافق على سلام ينهي معاناة الشعب، ومن ثم التداول السلمي للسلطة والتحول الديمقراطي، ووضع دستور دائم يحل كل الإشكاليات التي ظلت محل خلاف وجدل. السودان وطن يسع الجميع، بلد تتوفر فيه كل مقومات الدول العظمى من أراضي زراعية وثروات متعددة المعادن، وثروة حيوانية وغيرها، لكن الحروب والخلافات والسعي وراء تحقيق المصالح الخاصة دون المصلحة العامة، وحب الذات، حالت دون تحقيق هذه الإرادة . ومن هنا نناشد الجميع حكومة ومعارضة وحركات مسلحة ومنظمات المجتمع المدني أن تعالوا الى كلمة سواء، وتغليب المصلحة العامة من أجل تحقيق رفاهية هذا الشعب العظيم الذي يستحق كل جميل .