لربما أقلقت تصريحات النائب المستقل عن دائرة دنقلا مضاجع المسؤولين في الولاية الشمالية، فالرجل أصبح لا يتوانى كلما وجد الفرصة ساحنة ليكيل الاتهامات لوالي الولاية وحكومته، كان آخرها مطالبته لرئيس الجمهورية بالتدخل وإقالة الوالي لأن حصيلته صفر، ولم يقدم شيئاً .. وظل الوالي يكظم غيظه كلما رأى مدفعية برطم تقذف أركان حربه بتقارير وأرقام سود بها صفحات صحف الخرطوم، بيد أن الوالي وبعد أن غلبه الصبر سارع بالحضور إلى الخرطوم وعقد مؤتمراً صحفياً أمس بمكتب تنسيق ولايته . سخرية الوالي الوالي المهندس علي العوض لم يشأ أن يرد على برطم إلا بذات النهج الذي سلكه الأخير في الهجوم، حيث سخر العوض في بداية حديثه من الاتهامات المبنية حسبما يرى على تقارير قديمة تتعلق بأداء الحكومة السابقة في العام 2012، ولم تقف سخرية العوض عند هذا الحد بل وقف على أدق تفاصيل اتهامات برطم، وقال إن الأرقام التي تناقلتها الصحف عن أداء الولاية مغلوطة ومنتاقضة، وأضاف ساخراً (يبدو أن برطم اخترع رياضيات جديدة)، وما فتيء يبريء الرجل حكومته من ما قاله برطم، مفنداً الاتهامات بالقول أنه ليس من حق برطم أن يقيم الأداء الحكومي، لأن هذا الأمر من اختصاص جهات أخرى متمثلة في المجلس التشريعي ومجلس الولايات، وأخرج العوض من بين أوراقه آخر قرارات لمجلس الولايات أجاز فيه تقرير الولاية مع الإشادة . اتهامات مضادة ولم يقف الوالي عند تفنيد الاتهامات فقط، بل وجه هو الآخر اتهاماً مضاداً للرجل، وقال يبدو أن برطم انزعج من حملة المؤتمر الوطني لترتيب البيت الداخلي وجمع الصف، الشيء الذي خصم من قواعده ومناصريه بدائرته، ويمضي العوض إلى أنه كرئيس للمؤتمر الوطني من حقه أن يسعى إلى لم شمله، ويستعرض برنامجه الإصلاحي، ويوفق أوضاعه، وليس من حق برطم كنائب مستقل أن ينصب نفسه ناطقاً باسم الأحزاب السياسية داخل الولاية الشمالية، ويتهم الوالي بمحاباة أبناء حزبه على حساب الآخرين، ويشير إلى أنه يقف على مسافة واحدة من كل الأحزاب المكوّنة لحكومته، ويراقبه في ذلك مجلس تنسيق الأحزاب المشاركة في الحكومة . أدوات كثيرة استخدمها الوالي وهو يفند اتهامات برطم، حيث يتحدث تارة حديث الأرقام الموثقة والتقارير المعدة سلفاً عن أداء حكومته التي وصفها برطم بالضعيفة، وكان لافتاً حضور وزراء المالية والزراعة بالولاية الشمالية ومشاركتهم ربان سفينتهم في الرد على برطم بأرقام وميزانيات وإحصائيات وتقارير مطبوعة تكذب اتهامات النائب المستقل، وتثبت أركان حكومة العوض التي فيما يبدو أن تصريحات برطم حركت الرمال من تحت قدميها، ولم يترك الوالي أن يظل الوزيران مجرد مراقبين لحديثه بل أشركهم القول وبدأ وزير الزراعة بالولاية طلال عيسى يستعرض أهم ملامح خطة وزارته، وهو يكشف عن توسع أفقي وراسي في زيادة الانتاج والانتاجية عبر إدخال التقاوي المحسنة وآليات جديدة لتطهير قنوات الري وحاصدات صغيرة بتكلفة رخصية، وفي متناول يد االمزارعين، وقال طلال إن وزارته تستهدف في هذا العام زراعة 346 ألف فدان للمحاصيل الشتوية عموماً، عبر خطة محكمة لضمان نجاح الموسم وزيادة الانتاج، وحول انهيار تجارة االبلح بالولاية وتدني أسعاره بدا الوزير متشائماً من تسويق البلح المكدس من الأعوام السابقة، بعد أن أرسل منه عينات إلى دول أوربية أثبتت عدم صلاحية البلح المخزن من الأعوام السابقة للدخول في صناعات تحويلية لأن العسل المستخرج منه بدا بلون أسود لكنه طمئن المواطنين إلى أن معالجات أخرى تعمل على تحقيقها الوزارة، وبدأت في استجلاب ماكينات (لقص جريد النخل) والاستفادة منه في صناعة الأعلاف، ودخول عينات أخرى من أنواع النخيل الرطب، يستفاد منه في المستقبل في الصناعات التحويلية. نفي التلوث وكانت ثمة تقارير ودراسات أكاديمية كشفت عن تلوث مياه النيل، لاسيما في المناطق ما بعد سد مروي، لكن الوزير نفى أن تكون المياه ملوثة، وبدأ في تفنيد تلك الادعاءات بقوله إنه جلس إلى إدارة البئية التابعة لسد مروي، والتي أثبتت أن المياه ممتازة وغير ملوثة، وفي ذلك يرى والي الولاية أن ولايته لا تعتمد الدراسات الاكاديمية في تلك المسائل لأنها غير دقيقة وربما تصاحبها بعض الاخطأ، وأنه يعتمد رسمياً التقارير العلمية الرسمية التي تقوم بها الإدارات المتخصصة في هذا المجال، وقبل نهاية المؤتمر الصحفي استعرض وزير المالية بالولاية محمد عثمان عباس الوضع المالي بالولاية، والذي وصفه بالمستقر، وقال إن الولااية مستقرة استقراراً تاماً من النواحي المالية، وصرفت رواتب 24 ألف عامل في مواعيدها. وفي إجابته على أسئلة الصحفيين حول ما إذا كانت الحكومة الاتحادية التزمت بتنفيذ قرار مجلس الولايات بتخصيص دعم للولاية من عائدات المشروعات القومية، قال عباس إن الحكومة الاتحادية لم تلتزم بذلك القرار في كل المشاريع، لاسيما عائدات سد مروي، وأضاف أن الحكومة الاتحادية لم تخصص أي مبالغ للولاية من عائدات السد، لأنها تحججت بان ذلك لم يتم من قبل في الولايات التي شيدت على أراضيها الخزانات السابقة لسد مروي