أستاذتي الجليلة.. الوقورة.. المقاتلة.. الرفيعة.. فاطمة أحمد إبراهيم لك السلام.. وكان يمكن لسلامي.. وتحياتي.. وأمنياتي بطول أنهار.. وبعرض وطن وعمق مشاعر.. فأنت من تستحقين.. أن تتلى أمامك.. أطنان وأمطار من التحايا.. وبحار من أمواج سلام.. ولكن.. أحد الأحبة.. بل أحد الزملاء قد كفاني.. ذاك الرهق.. وأزاح من صدري ذاك الحرج.. ومسح من على لساني ذاك الخرس.. وها هو يحل العقدة عن لساني.. ويشرفني.. ويسعدني.. أن تكون كلماته الفارهات.. وحروفه الزاهيات.. هي سلامي.. واحترامي.. وتقديري لك.. أقبلي مني أستاذتي.. هذه التحية.. التي حتماً وقطعاً.. أنت تستحقينها.. ويقيناً وأكيداً.. أنت تسعدين بها.. فقط لأنها.. صدى أو صورة ناطقة.. لجهدكما الخرافي.. الباسل والأسطوري وأنتما الشفيع وفاطمة ماهبتما.. هذا الوطن البديع.. وشعبه النبيل الفاهم المدهش.. بالله عليك.. أقبلي تحيتي.. هذه رغم أن أجري فيها ليس أكثر من النقل عن صديقي الجميل والاستلاف من حبيبي النبيل.. حلالي.. أنا واحلالي.. أريتو حالك يابا حالي.. الشفيع يا فاطمة في الحي.. في المصانع وفي البلد حي.. سكتيها القالت أحي.. ما حصاده الأخضر الني راضي عنو الشعب والدي.. مات شهيد أنا واحلالي.. بدري بكر خضر الحي.. ومات شهيد أنا واحلالي.. يا المصانع يا السكك الحديد.. يا ورش نارا.. بتقيد.. يا عمال المينا البعيد.. جروا حبل اليوم السعيد.. شايفو قرب أنا واحلالي.. أحمد.. أحمد تكبر وتشيل.. اسم ابوك في النجم والنيل خط أبوك بالدم النبيل.. كل زهرة وزهرة إكليل.. ومات شهيد.. أنا واحلالي.. نعم أستاذتي فاطمة.. وصحيح أن الوحش يقتل ثائراً.. والأرض تنبت ألف ثائر.. يا كبرياء الجرح.. لو متنا لحاربت المقابر.. الله.. الله.. ويا ألطاف الله.. وهذا حديث صدق.. فالوحش المتوحش.. قتل ثائراً.. بل قتل قائداً.. بل اغتال مناضلاً.. بل ذبح تاريخاً.. وها هي الأرض.. تنبت فاطمة.. هي أكثر وأغلى وأعلى من ألف ثائر.. وها هو الشفيع ورفاقه يقاتلون الخوف.. والظلام.. والهزيمة.. والانكسار.. وشذاذ آفاق التاريخ.. وطحالب البرك.. من المقابر.. يا فاطمة.. بالله عليك.. من أين تستمدين تلك البسالة.. من أين تستمدين تلك «الرجالة».. كيف ذلك.. وتأتي ذكرى الشفيع.. ولا تسقط من عيونك دمعة واحدة.. وأنا.. دموعي.. تدفقت في طوفان لم أستطع معه منعاً ولا كبحاً.. كيف تتماسكين وأنت طود أشم.. بل جبل هائل الثبات.. وأنا أكاد لا أرى من حولي شيئاً.. من أمواج الدموع.. لله درك.. وأنت تؤكدين.. وتحاضرين شعبك.. في كيف يكون الثبات.. كيف يكون الإنسان الشريف.. النظيف.. أمام الأهوال.. لله درك.. وأنت تباركين.. صعود الشفيع إلى أعلى.. فقط لأنه صعد تصحبه دعوات.. أبناء شعبه الذين.. كان ثمن انحيازه لهم هو ذاك المجد الدامي.. الذي كتب حروف مآثرته العظمى.. ثم تتدفق دموعك.. تنهمر كوابل المطر.. تبلل ثوبك البسيط المحتشم.. تلعنين حتى «السرير» الذي به تنامين.. وفقط لأن المشردين.. من الأطفال أطفال أمتك.. يلسعهم زمهرير الشتاء.. وتصلى جلودهم البضة أشعة شمس تحرق حتى العظام.. ما أنبلك.. وأنت ترفعين كفيك.. سائلة رافع السماء بلا عمد أن لا تبارحي هذه الدنيا.. قبل أن يعود إلى حضن الأسرة.. أو دفء البيوت.. آخر طفل مشرد.. يا فاطمة.. وهل أحدثك عن الوفاء.. عن احترام العهد.. بل أنت التي تعلمينا كيف يكون هو الوفاء.. والالتزام الصارم الحديدي بالعهد.. وأنت ترفضين.. في لمسة إنسانية شاهقة وشاسعة إيراد اسم المسؤول.. الذي لم يتسلل إلى قلبه النبيل شعاع من خوف.. على نفسه أو حتى وظيفته.. وهو يقول غير عابيء بالحراس.. الذين كانوا يسمعون.. يقول عنكما أنت والشفيع.. صدقاً وحقاً.. إنكما وبتلك الأهوال.. تسددان فاتورة الانحياز للوطن وللشعب.. ويمتد وفاؤك إلى ذاك الجنرال الذي «أداك» التحية العسكرية وسط.. جو وطقس مشتعل بالجحيم.. فاطمة.. بكيت مرة أخرى.. وأنت تشكرين شعبك.. شعب السودان المدهش الفريد.. وأنت ترددين إن الشعب هو الذي «يكسيني» ويساندني.. يا فاطمة.. إذا لم يفعل الشعب السوداني هذا.. لما كان هو الشعب السوداني وهو فعلاً الشعب السوداني.. فأنت يا فاطمة تستحقين.. أن يحملك في تجاويف صدره.. محفوراً اسمك في سويداء فؤاده.. وما أسعدني.. بهذا الشعب العظيم.. وما أسعدنا بك يا فاطمة.. ليس أسماً فقط في حياتنا.. ولا رقماً فقط في دفتر نضالاتنا.. بل نجمة.. زاهرة.. وساهرة نستمد منها الضياء بل البريق.. حفظك الله يا فاطمة..