تسري هذه الأيام الشائعات وتملأ أركان المدينة وناس « قالوا» تهيأت لهم الأجواء والمناخات خاصة وأن الشائعات لاتنتشر إلا عند حالات التوتر والقلق وليس فى الأمر عجب إذ ذات الموقف مرّ بالبلاد ومواطنيها قبيل موعد الانتخابات فى أبريل الماضي عندما بدات الشائعات تتحدث عن هجوم محتمل على الخرطوم وضربة خارجية وإغتيالات وحرب شوارع وغيرها مما لايشبه الثقافة السودانية فى التعامل مع الخصوم وحزم بعض الأجانب حقائبهم وسافرت بعض الأسر الى الخارج وبعضها الى ولاياتها وامتلأت خزانات المطابخ بالمواد الغذائية وجرت الإنتخابات ولم تشهد اشتباكاً ولا حتى انفجار إطار أتوس وظهرت النتيجة وتقبلتها الأحزاب المشاركة فى الانتخابات وسكتت عنها التى لم تشارك وأخرست ألسن ناس «قالو» . فى المجتمع السوداني هناك أناس يعيشون على «القوالات» ويعتقدون ان نقلهم للأكاذيب التى ينهش بعضها الأعراض ويجلد بعضها عجيزة الحكومة ويغتابها ومسؤوليّها ويفترى عليهم الكذب يمكن أن يرفعهم مكان علياً عند من يسمعون لهم . شائعات الأيام تتشكل بحسب الحاجيات النفسية والاجتماعية لمروجيها فمثلاً شائعة الأمل عند المضاربين فى الدولار تشيع أن سعر الدولار الأمريكي سيصل الى أربعة جنيهات قبل حلول الإستفتاء وأن العملات الحرة ستنفذ من المصارف لأن ضخ بترول الجنوب سيتوقف وشائعة الأمل للأحزاب المعارضة أن قضايا ترسيم الحدود والجنسية وأبيي والديون ستفجر الخلافات بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وأن الحرب ستشتعل بين القوات المسلحة والجيش الشعبي مما سيضعف موقف المؤتمر الوطني والذى سيأتي صاغراً لهذه الأحزاب حتى تعينه وتقوى موقفه . والشائعة السوداء أن جماعات جنوبية مسلحة ستحول العاصمة الخرطوم الى فوضى لتسهل أعمال السرقة والنهب وإشاعة الفوضى . والشائعة الرمادية أن الجنوبيين بعد أن يصوتوا فى ولاياتهم الجنوبية سيعودون الى الخرطوم ولن يخرجوا منها حتى بعد إعلان قيام دولة الجنوب . وتكثر الشائعات وتتلون ولأن الشائعات تنتشر عندما يتوفر عنصرا الاهمية والغموض فالأهمية تأتي من تداعيات حق تقرير المصير الذي سيصوت له الجنوبيون ومن الاهتمام الذى يحظى به الإستفتاء لدى القوى الكبرى وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا ولدى القوى الكبرى وعلى رأسها الأفارقة ومن الإشفاق الذى ظلت تعبر عنه حتى أقرب الدول الشقيقة لنا من أن تقرير المصير والتصويت بالإنفصال سيمزق البلاد ويفتتها والغموض أيضاً يساعد على سرعة سريان الإشاعات فالقضايا السجال بين المؤتمر والحركة أبيي - الحدود - الجنسية - البترول والديون مازال الغموض يكتنفها رغم جولات التفاوض الداخلية والخارجية والغموض يكتنف مصير مصالح الشريكين المتبادلة والغموض يحف مصير العملة واسم الدولة وحقوق الشمالي فى الجنوب والجنوبي فى الشمال . الشائعات استكملت عنصري رواجها ولكن العقل يهدي الى الصواب والوضع قبيل الانتخابات الماضية كان أسوأ من الأن ونحن على بعد أسبوعين من إعلان نتيجة الإستفتاء . هل تصدق هذه الشائعات ؟