لماذا يطالب الحزب الشيوعي السوداني بإسقاط النظام الشرعي المنتخب!؟.. وهل سيحقق ذلك الاستقرار للسودان؟بعد أن بادر الحزب نفسه بقيادة الأحزاب السودانية في ما عرف بمؤتمر القضايا المصيرية بأسمرا بمنح حق تقرير المصير للجنوبيين، وما يضير هذا الحزب غير الجماهيري إذا أعلن أن تكون الشريعة الإسلامية مصدراً للتشريع.. وهو كذلك منذ إعلان تطبيق الشريعة عام 1983 واستمر طوال الفترة الانتقالية وفترة الديمقراطية الثالثة! وكان الحزب الشيوعي يومها عضواً في الحياة السياسية والبرلمانية! هل تمكنوا من إلغاء قوانين الشريعة في (مزبلة) التاريخ كما وعدوا أنفسهم بذلك!؟ ولماذا هذا العويل الآن مع اقتراب تنفيذ آخر بنود اتفاقية السلام الشامل، الذي يقرر إجراء استفتاء لتقرير مصير الجنوب، علماً بأن الحزب نفسه من قاد يعلن قيادات أحزاب المعارضة لتكوين جبهة معارضة للحكومة مع الحركة الشعبية والمشاركة في الحكم فيما عُرف بأحزاب تجمع جوبا.. ولكن الحركة وهي تستعين في كل مرحلة من مراحل اتفاقية السلام بشركاء غربيين تمكنت من تحقيق مآربها ورمت بأولئك بعيداً وخاضت الانتخابات.. كما تستعين اليوم بحركات دارفور تمهيداً لإتمام مرحلة الاستفتاء وما بعد الاستفتاء. واليوم يردد ذات الحزب الصديق الجاهل مقولات أسقطت على يده، بأن تحدث فوضى عارمة في الشمال، وينشأ حزب جديد تابع للحركة الشعبية، ليشكل جنوباً آخر جديداً من قضية دارفور والمناطق المتاخمة للحدود بين الشمال والجنوب، وهي عملية إفصاح تتعجل بمخطط يهدف إلى خلق عدم استقرار سياسي وأمني للشمال حتى بعد انفصال الجنوب.. وهؤلاء لا يدركون خطورة ما تحدثهم به أنفسهم أو شيطان الاستعمار.. ولا يعلمون أن مثل هذه النوايا يمكن أن تعصف حتى بمخطط الانفصال الذي جرى الإعداد له جيداً في أمريكا وإسرائيل.. لأنها سوف تصبح مشكلة بين دولتين متجاورتين وعندها سوف يكون للأمر شأن آخر ويكون الحسم بيد أناس آخرين شأنهم حماية الأرض والعرض والعقيدة.. وما قاله الرئيس البشير في القضارف هو رد لطيف لأحلام اليقظة التي يغط فيها هؤلاء الحالمون دوماً، بسلطة تأتيهم تمشي على سرر مرفوعة.. هؤلاء لم يتعلموا من دروس الشعب المعلم الذي حدد مساره عبر صناديق الاقتراع منذ بداية الحياة الديمقراطية في السودان منتصف القرن الماضي.. يريدون سلطاناً عبر القفز على المراحل والسلطة دون تفويض شعبي.. وبعد الامتحانات العديدة التي جلسوا إليها وحققوا درجة الرسوب غير المسبوق عبر صناديق الاقتراع المعيار الحقيقي للديمقراطية والخيارات الشعبية، يجب أن يدركوا أنهم حتى عندما قفزوا وانقلبوا على الديمقراطية في العام 1969 لم يتمكنوا من التعبير عن تطلعات الشعب، وتساقطوا فرادى وجماعات وتصدع حائط تماسكهم وانهار على رؤوسهم.. فالعاقل من تعلم من تجاربه واتعظ بغيره..! وهؤلاء الذين ظلوا يخربون الحياة السياسية في بلادنا باسم الحريات والديمقراطية هم أبعد ما يكونون عن الإيمان بالحرية والديمقراطية ومعهم كذلك الحركة الشعبية الممولة والمحرضة من الغرب الذي لا يؤمن بالحرية لشعوب افريقيا والعالم الثالث.. وإلا لما كان منهجهم هو الغزو التتاري والقتل الهمجي لهذه الشعوب وحكوماتها.. أنظر ماذا يفعلون بالشعب الفلسطيني وأرضه المحتلة.. وانظر ماذا فعلوا بالعراق وشعبه وثرواته وتراثه الحضاري؟.. أنظر ماذا يفعلون بإيران من حصار جائر بهدف إسقاط نظام حكمه الذي اختاره الشعب).. وكيف كان هذا الغرب يؤيد نظام الشاه ويدعمه ويشجعه على المضي على طريق الضغط على الشعب.. أنظر كيف تجمع الغرب كله لتفكيك الدولة في أفغانستان، أنظر ماذا يفعل الغرب بكوريا الشمالية لأنها دخلت نادي ( الكبار) وهي من دول العالم الثالث.. ويظن حكام باكستان أنهم بمنأى عما يدور من أبشع أنواع الإرهاب الدولي ضد الشعوب المستوثبة، والتي تسعى للعيش الكريم وتبحث عن الأمن وإعداد القوة التي ترهب أعداءهم أعداء الله..هذا هو الحال في الصراع ما بين شعوب العالم الثالث ونحن جزء منه والصهيونية العالمية التي( تعتقد) أنها تملك العالم وإن كل ما هو فوق الكرة الأرضية وكل ما في باطن الأرض ملك خاص لهم، وما شعوب العالم الثالث إلا مجرد فئران يجب سحقهم وإبادتهم لأنهم يشكلون خطراً ماحقاً للأمن القومي الصهيوني، واعتبر أن المنهج الغربي كله يندرج تحت مسمى الصهيونية العالمية هذه لأنهم يشكلون الآلية التي تنفذ تلك المخططات، وتفتح الطرق أمامها لكي تسود العالم.. وهم لا يدركون قوة النمل إذا تجمع وانتظم لأداء مهامه.. والعالم الثالث صحيح أنه يبدو في نظرهم مجرد نمل ضعيف يمكن سحقه بالأحذية.. ولكن الله عز وجل جعل النمل من مكونات التوازن لهذا الكون الفسيح فلكل وظيفة يؤديها ولكل أهميته وقوته الكامنة...فلا فضل للحركة ومن يحركها ومن يؤازرها الابتعاد عن اللعب بالنار والهزار الضار.. والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين.