المؤتمر الشعبي يصف دعوة الرئيس للأحزاب بالمشاركة في حكومة القاعدة العريضة بأنها عزومة مراكبية، والسيد الإمام الصادق المهدي مايزال في مواقفه الرمادية، أما مبارك الفاضل فإنه لا يتجاوز تشدده، والبقية الحالة من بعضها.. إنها المواقف التي تؤكد أن المعارضة هي هي لم تتغير وبقيت في محطة واحدة، محطة يجب أن تذهب الحكومة غصباً عنها، دون أن تتحسس هي نفسها لتعرف أن الزمن غيَّر ملامح الأشياء، وأن المعارضة أيام قيام الإنقاذ ليست هي المعارضة الآن، وأنها بفعل الزمن وأشياء أخرى صارت بلا سيقان تسير بها لتسقط بها الحكومة عبر المظاهرات، وبلا أجنحة تقفز بها وإن كل ما تمتلكه الآن فماً لكسيح تسمعه يهدد، ليظن من لا يعرفه أنه بوسعه أن يهدم الجبال ويجفف البحار.. وهذه الحقيقة تعرفها الحكومة ومن هنا قال د. نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية أمام برلمان نساء الخرطوم أمس الأول (إن دعوات المعارضة لتغيير النظام الحاكم هي تهويش وحلم يقظة)، ويقيني- وهذا من عندي وليس من نافع- أن المعارضة أكثر ما تحتاجه الآن وقفة على واقعها لاصلاحه، فهي ما تزال تظن أنها معارضة 1989م المتحدة والمدعومة من الخارج، بينما الواقع يقول إن الزمن منذ ذلك التاريخ وحتى الآن قد غيَّر الملامح وغير وغير وغير، وأن الأحزاب التي عجزت خلال أكثر من (20) عاماً أن تضعف الحكومة التي ظنت أمريكا أن دخول الحركة الشعبية فيها يضعفها، فاكتشفت إنها أمدتها عمراً جديداً ولم تجد بداً من أن تدعم الانفصال، هكذا اقتنعت أمريكا بفشلها في تغيير الحكومة سواء عبر المعارضة من خلال الحملة العسكرية الشهيرة عبر دول الحوار، أو عبر الحصار الاقتصادي أو من خلال المحكمة الجنائية، أو من ومن ومن... لتقتنع أن هذا النظام أقوى مما كانت تتصور، وأن المعارضة أضعف مما تصورت، فتخلت عن دعمها للمعارضة ولجأت لفصل الجنوب لتوجد لها مواطء قدم بعد أن فشلت في أن تحقق أهدافها عبر الخرطوم في ظل وجود النظام القائم.. وهذا ما لم تتعامل معه المعارضة بذكاء، فالمعارضة التي فشلت في كل شيء لاسقاط الحكومة لم تفعل مثل أمريكا بالبحث عن مخرج ولو جزئي بقبول المشاركة في حكومة القاعدة العريضة التي ستعد الدستور، والذي ستليه بعد إنتهاء أجل دورة الرئيس انتخابات أخرى، يمكن للأحزاب أن تنافس فيها، لذلك أشك في دخول واسع لأحزاب المعارضة في الحكومة، لأن مشكلة أحزابنا والتي جعلتها دائماً خارج الحكومة، هي ترددها من الدخول بافتراضات غير مقنعة، وهذا ما يجب أن تتجاوزه الأحزاب.. لتجسير الفجوة حتى لا تتراجع الحكومة التي قالت تعالوا نتفق فوجدت المعارضة تقول إنها عزومة مراكبية، وعندما قالت من قبل هيا للانتخابات ردت المعارضة بأنها مزورة قبل أن تجري، فالمشكلة ستظل في عقلية المعارضة والمبنية على ألاَّ تصدق الحكومة، والتي لو قالت (تعالوا استلموها لقالوا لها لا أنه كمين!! عموماً أنها المعضلة التي ستجعل المعارضة لا تستفيد من الفرصة، والتي قد تدعو الحكومة للتراجع عن حكومة القاعدة العريضة، وتروح على المعارضة الفرصة في السياسة فن الممكن. حاجة ثانية: زرت قبل أيام المقر الجديد للمركز السوداني للخدمات الصحفية (SMC) والذي هو المقر القديم لدائرة المهدي والذي حلت فيه كوادر المركز الصحفية، المركز الذي بدأنا معه العمل في مقر صغير في قلب الخرطوم جوار مستوصف الحكمة.. والذي بدأ عمله بالخدمات الإخبارية الذي اكتسب بحياديته تعامل الصحف المؤيدة للحكومة والمعارضة معاً مع أخباره، ثم أضاف الخدمات الصحفية الأخرى من تحقيقات وتقارير واستطلاعات وقياس رأي وموقع الكتروني، وإصدار مؤلفات إلى آخر الأشكال الصحفية.. وكان المدهش في مسيرته بجانب تميز أدائه عدد العاملين فيه، والذين كانوا قلة بعدد أصابع اليد الواحدة، إلا أن الواحد منهم كان بعشرة، هذا ليس رأي وإنما إنطباع سمعته من أحد الزوار الأجانب الذين زاروا المركز، وكانوا يتابعون من البعد عطاءه الكثيف.. المهم أن المركز الذي استطاع أن يفرض وجوده استحق الموقع الجديد بقاعاته الأنيقة ومكاتبه الجميلة وبإدارته المميزة، ألف مبروك المهندس عبد الرحمن إبراهيم.. ألف مبروك الأستاذ راشد نائب المدير العام، ومن حقكم أن تحتفوا بالانجاز في الموقع الجديد، بالموقع والانجاز في حفل يشارك فيه أهل الإعلام والصحافة الذين ظلوا يستفيدون من خدمات المركز طوال الأعوام الماضية شكراً وننتظر الدعوة للحفل هيا.