أعجبني حديث الفريق اول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي أمام أهالي القولد لثلاث أسباب رئيسة: – لأن للمنطقة قضية ذات أطراف متعددة وتعاملوا معها بطريقة حضارية وقدموا المذكرات وخاطبوا السلطات وصبروا ولم ييأسوا ومن حقهم الإلتفات إليهم.. – للطريقة والمنهج الذي تعامل به البرهان في معالجة القضية ، وهو البحث والتنقيب وتحديد الخيارات والوصول إلى نتائج وقتية ووضع خطط عملية وهذه منهج منتج.. – وكذلك ، إشاراته إلى أن طرق اللقاءات المفتوحة والعابرة والمهرجانية ليست مناسبة لكل حال وظرف.. وشجعتني هذه الجلسة إلى أن ادعو الرئيس البرهان إلى جلسة مثيلة في منطقة أخرى من السودان تعاني تحديات متعددة وغفلة دائمة وغبينة تتمدد ، وهى منطقة البطانة ، واقترح عليه جلسة في (تمبول) أو (الصباغ) والإستماع للمجتمع هناك ، والخروج بتوصيف وخطة عمل.. وأول : إشكالات منطقة البطانة ، هو هذا التفتيت لمنطقة ذات وحدة مجتمعية ، ما بين خمس ولايات ، حيث يصح أن نقول (البطانة – شرق الجزيرة ، أو البطانة – القضارف، أو البطانة – كسلا ؤ أو البطانة – الخرطوم ، أو البطانة – نهر النيل) ، وما بين هذا الشتات ضاعت مواردها فلم تستنهض ، وتباعدت مجتمعاتها فلم تتوحد وتناقص دورها السياسي وتأثيرها بين الولايات فلم تنل حظها وهى مشدودة بين تلك المناطق.. وثانياً: فإن نتاج كل ذلك هو التهميش ، والضياع ، وقلة التنمية ، فالطريق الذي يفترض أن يمر بها ، تعثر تمويله وتأخر تنفيذه ، وعانت الإهمال في كل الخدمات الاساسية ، هذه المنطقة ذات الامتدادات الواسعة تفتقر للكثير.. وثالث الاشكالات هو اهدار الموارد ، فهذه المنطقة تتوفر فيها ثروات حيوانية تشكل أكثر من 50% ، وبها مشروعات زراعية كبرى (مشروع حلفا الجديدة الزراعي ومشروع الرهد الزراعي ومصنع سكر حلفا الجديدة ومصنع سكر الجنيد) ، وبها مشروعات الزراعة المطرية التى توفر 70% من انتاج البلاد من الذرة ، وهناك مؤشرات عن المعادن ، فهذه المنطقة توفر إلى خزينة ولاية القضارف نسبة مقدرة من موازنتها.. كل ذلك يتطلب جلسة مفاكرة وحوار عاجل ، حيث أن هناك تنامى في الشعور بالإهمال ، وارجو تدارك المخاطر وتحويل حالة الغبن إلى خطة عمل وخارطة طريق.. فهذا خيار ومنهج القادة ، وارجو أن تتفطن الاجهزة الأمنية والسياسية إلى تحديات المناطق وتحليل المخاطر ونصح القادة ، فإن الاجهزة التنفيذية غارقة في مصالح ضيقة ، واجندة شخصية لا تتجاوز (ايرادات خزائنهم).. وحتى نعطي فائدة أكبر ، فإن مدخل المعالجة يؤسس علي: أولاً: الوحدة الادارية للمنطقة ، بما يحقق قصر الظل الاداري وتركيز المهام ، وإلى حين ذلك تخصيص نسبة للمشاركة السياسية في كل ولاية من الولايات الخمس ، على أن لا تقل النسبة في إثنين منهما عن 40- 50% ، واحدة منهما ولاية القضارف ، فهذا دافع إلى حس السلطات على الاهتمام وتوفير الخدمات الاساسية.. وثانياً: تنفيذ مشروعات ذات فائدة أكبر ، واهمها طريق البطانة ، وقد توقف عند مدينة ود أب صالح ، واقتربت الردميات من ابودليق وتوقفت ، وكذلك ربط مدينة تمبول – الهلالية بالاسفلت ، وربط مدينة تمبول بالصباغ والصباغ بالقضارف ، هذه منطقة انتاجية غنية وهذه الطرق ستشكل حراكاً اقتصادياً وتنمية مضاعفة ، ولا يمكن تحققها دون إرادة عازمة.. وثالثاً: خارطة طريق واضحة لتوفير الخدمات وتعبئة المجتمع المحلى ، وهو مجتمع سخي وممدود اليد.. لقد خلقت معركة الكرامة حالة وعي عام بضرورة: – وحدة المجتمع وتماسك الصف الوطني.. – السعى إلى خدمة المنطقة ، فالطريق الذي روته دماء الشهداء والجرحى ينبغي أن تمضي فيه مواكب النماء والإعمار.. – وان أبناء المنطقة وحدهم من يقود معركة البناء ، فالذين قدموا ارواحهم رخيصة حين دعا الداعي لن تقعدهم اي شواغل عن تحقيق الخير لأهاليهم.. – فهل يا ترى يفعلها ، البرهان ، نرجو ذلك.. – ودون ذلك ، هذا مكتوبنا بين يديه.. بصورة إلى الدكتور كامل ادريس رئيس الوزراء ..