ماذا هناك؟! و(هناك) هذه مساحة مفتوحة بخيرها وشرها(الإغتراب، المدارس الخاصة، إبتعاد الوالدين، الفضائيات، الإنشغال بالمصير، إنفلات الأسعار، معاناة الشرائح الضعيفة الخ...)، المهم ألاَّ تشغلنا المعاناة والأحداث الطارئة فى جهة ملتهبة، عن ما بأيدينا وعن ما يعنينا وهو الأهم كالوفاء بالواجب، ورفع الضرر أين وقع، وعلى أعجل ما يكون، وافتتاح المزيد من المشاريع التى (تجبر الضرر)، وتسعد الناس وتنسيهم ما أقلق بالهم من حيث لم يحتسبوا. التربية أولاً، فهي تتصدر ما ينشغل عنه الناس مع خطورة مآلاته. اكتشف صحفي أن المدرسة والأسرة يجهلان ما يجري(هناك) فى عالم الأبناء، اختار شريحة من الطالبات ليستقرىء كيف ينظرن للأشياء وعلق على لوحة المدرسة صورة مثيرة للتعليق، وانتظر بعيداً يلتقط تعليقات الطالبات عليها باللغتين فكان فى الأمر عجب.. ولنا أن نتصور ما أثار العجب ونتبصر، فكلنا راع وكلنا مسؤول. كتب الصحفي مقالاً تناول فيه نماذج من تعليقات الطالبات حول فحوى الصورة من واقع إهتماماتهن والزوايا التى ينظرن بها لما يجري حولهن، توصل لنتيجة مهمة ليدعو الآباء والأمهات للإقتراب من أبنائهم عماد أسرة المستقبل، تحصيناً لهم من شرور الثقافات الوافدة، وحتى لا يتخذوا المثل الأعلى من الأفلام والمجلات، كان ذلك فى وقت سابق لظهور القنوات الفضائية و(النت). الفكرة هى أن نقترب من أبنائنا وأن نعرف ما يحدث(هناك) فى عالمهم لنعينهم، خاصة مع ما يتعرض له جيل اليوم من تغييرات وثقافات مغايرة، لقد خطر لى ذلك وأنا أتامل إحتفالاً صاخباً بمناسبة التخريج عكس ثقافة جيل تشكل فى مجتمع مفتوح يتعرض لسماوات مفتوحة لا تعد بخير مفتوح، اختياراتهم معظمها(أجنبي) وسنوات التعليم قبل الجامعي خارج البلاد ومن أمضوا المرحلة الثانوية بالداخل معظمهم من المدارس الخاصة، فكان المشهد إنعكاساً لكل هذا، ولتفوقهم أيضاً. تذكرت ذاك الصحفي وملاحظاته عن التصرفات العفوية للطالبات فماذا هو قائل عن ما يتعرض له المجتمع اليوم من تغيير حتى ليكاد الآباء ينكرون على أبنائهم(طريقة) حياتهم، فبعضهم يجهر بالقول(هذا جيل لا نعرفه)! الواقع هو أن هذه حياتهم هم وهذا زمنهم هم، لا يخلو المشهد من إشراقات فأحد الخريجين فاجأ الجميع وارتمى على الأرض وقَبَل قدم أمه ! قلنا الحمد لله، تكفي وحدها رسالة مطمئنة، تفوقوا وتحرروا لكن لا تنسوا الأصول فإنها تعينكم على الإنطلاق نحو طريقة جديدة فى إدارة البلاد وخدمة المواطن. التحفيز بالسيرة الحسنة حافز وتحفيز.. العالم كله مشغول بهذا، والمناسبات تترى، كل عام وأنتم بخير، فهناك عام هجري جديد وآخر ميلادي وذكرى لإستقلال يثير الشجون، ربما كان مقدم برنامج الرحيق المختوم مهموماً بهذا وهو يخصص حلقاته حول فضيلة التحفيز، لقد جعلنا نزداد إحساساً بأهمية الإقتداء واستعادة سيرة السلف الصالح وتضحياتهم وإضافاتهم، إنها دعوة لأن نستحضر وقت الشدائد واليأس والإفلاس سيرة النجباء وأهل الخبرة والمواقف، والمعروفين بنكران الذات والمتفوقين فى تاريخنا وفى محيطنا الماثل، ففي ذلك عزاء وتحفيز معنوي لنمضي في عمل مميز يصلح حال البلاد والعباد، ويتجاوز الإحساس بأن هناك من يفسدون المجالس ويضيقون الدنيا بتصرفاتهم المحبطة من قبيل(لا خيل عندك تهديها ولا مال). الدكتور عبد الرحمن محمد على مقدم البرنامج يجد لنا الحلول والبشائر التى نبدأ بها عاماً جديداً بروح جديدة، فيذكرنا بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن أعظم صور التحفيز المعنوي أنه(كان ينزل الناس منازلهم) فهل نفعل؟ وكان يعطي وينفق(كالريح المرسلة) فهلا اقتدينا؟ هناك أسلوب التربية بالتحفيز، قصة اختيار عمرو بن العاص لقيادة جيش فيه ابو بكر الصديق مع ما للخليفة الأول من مكانة وسيرة قصة معروفة، وكيف أن الخليفة عمر بن الخطاب حفز الصحابي عبدالله بن عباس لإجتهاده فى تفسير سورة(النصر) مع صغر سنه، السيرة النبوية حافلة بأمثلة لتحفيز لاحدود له فهناك، قبل ذلك(وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين) آل عمرن 133 . حوافز أهل العلم البروفيسور أحمد على الإمام متعه الله بالصحة والعافية ثقة منه فى صلتي بالبروفيسور العلامة الحبر يوسف نور الدائم، وكان عهد إليه بمراجعة كتابه (مفاتح فى فهم القرآن الكريم) فطلب أن أحمل له رسالة فحواها: ياحبرنا إذا ما عاجلت بالمهمة لك عندي هدية ستفاجئك لتقول ما قال ذاك الإعرابي الذى استيقظ بعد يأس ليجد بعيره الضائع ماثلاً بين يديه بكل ما حمل، فهتف حامداً لله وقد أربكه الفرح(اللهم أنا ربك وأنت عبدي)! ثم استغفر(اللهم أنت ربي وأنا عبدك)، والقصة معروفة غير المعروف.. أي هدية تلك وأي حافز من بروف الى بروف، ما أعرفه أني كنت طرفاً من مبادرة التلفزيون بتسجيل البرنامج الذي حمل الكتاب اسمه. إحتفال هاشمي بالبرفيسور علي أحمد محمد بابكر (العالم المعطاء أحق بالتكريم وأجدر بالتوقير) تابعت هذا التكريم المستحق من مقال للدكتورهاشم الجاز(31 /12)، حيث قدم عرضاً موفوراً لسيرة الرجل وإنجازاته بلسان عارف للفضل قريب من التجربة ومنصف، أحسست بحيوية الفكرة وقامة من تم تكريمه- أكثر الله من أمثاله. عطر (البصمات) حين يفوح قد يثير الجدل فيثبته التوثيق علناً، وقد كنت معنياً بهذا التوثيق للعلماء عبر عدة برامج ثقافية منها(قمم) وسهرة(ألق الأسحار) الرمضانية اليومية المتميزة التى استضافت المحتفى به وكوكبة من أترابه وذلك بمنزله ووسط أسرته قبل عشرة أعوام. ولعل التلفزيون يعيد هذه الحلقات ضمن خطة احتفاليته بعامه الذهبي، فلقد ظل حفياً بسيرة الرموز من خلال عدة برامج توثيقية يتصدرها ومنذ ربع قرن من الزمان(أسماء فى حياتنا) بفضل صمود مذيعنا المتمرس عمر الجزلى. تحفيز على طريقة الرسائل الإلكترونية فى المناسبات رسائل الجوال تترى بمفاجآتها المحفزة تدعوك لنسيان من لازالوا يتعاملون بجفاء، وصلتني أبيات مطلعها(ما العيد إلا أن نعود لديننا.. حتى يعود نعيمنا المفقود) وأخرى تبتهل(اللهم أجعل العام الجديد رحمة ونصراً وعزاً وخيراً ونجاحاً وفلاحاً)، ورسالة تهنئ بالإستقلال من محلية الخرطوم لا لسبب سوى إني فرد من أفراد الشعب السوداني، شكراً لها ولسوداني ون، وكل عام وأنتم بخير.