إلى عبد العال السيد صاحب عمود صرخه لم أتمكن من حبس ضحكة داهمتني وانا اطالع صرخه في العدد 1205 بعنوان ( هل السودانيون بعاعيت )؟ حيث ان العنوان كان جاذبا ما جعلني التهم محتوى الصرخة لمعرفة حكاية البعاعيت السودانيين وبصراحة ان طرحك فيما يختص بحكاية أسباب تهميش الفضائيات العربية للمنتج الفني السوداني كان في محله لذا اسمح لي ان أبحر عبر عمود صرخه لتوضيح بعض الحقائق الغائبة عن المتلقي حول غياب الابداع السوداني من تلك المحطات حيث ان الكثير من السودانيين المهتمين بالأغنية السودانية يعزون عدم انتشارها في محيطنا العربي للكثير من الأسباب أبرزها وأهمّها يعود لعدم رغبة وسائط الإعلام العربية في تقديمها من خلال الفضائيات وإذاعة وغيرها ... وإلى العلل المتمثلة في السلم الخماسي وإلى عدم وضوح النص الغنائي المستخدم من جهة المؤدي لها وإلى بعض العلل والعيوب الأخرى الفنية والتقنية من حيث الموسيقى والأداء والمؤثرات وما نحوه بحسبان أن وجهة النظر المطروحة هذه هي وجهة نظر عربية بحته واذا حق لنا تناول هذه الأسباب باعتبارها عائقاً وحيداً يحد من انتشار أغنيتنا السودانية ...يرى المتابع أن هنالك ظلماً كبيراً واقعاً على تكلم الوسائط العربية المشار إليها، فالفضائيات العربية وخاصة المملوكة لقطاع رجال الأعمال، سواء كانت حقوق المشاهدة والبث فيها ذات صفة حصرية (مشفرة) أو كانت غير حصرية ... هي مؤسسات تقوم على الربحية في المقام الأول وهي بذلك تسعى لاستقطاب مجموع المستهدفين الأكثر كثافة في محيطنا العربي من حيث مستوى الدخل والمشاهدة ومن حيث التفاعل مع الأنشطة الإبداعية المطروحة. ولعل هذا المبدأ وحده - الربحية - يعطي بالضرورة الحق لأن تسعى إدارات هذه المؤسسات لتقديم مواد مشاهدة مرغوبة لدى المستهدف المعين المشار إليه بصفاته بأعلاه والمعوّل عليه - وبرضاه - المشاركة مادياً لتحقيق تلك الرغبات، سواء كانت تلك المواد المقدمة عبر تلك الوسائط مواد معنية بالموسيقى والغناء أو المسرح أو غيرهما من الفنون. وهنا يأتي دور رؤوس الأموال (رجال الاعمال - شركات الإنتاج) في صناعة وانتاج وتسويق العمل الإبداعي بمختلف ضروبه وتقديمه بالضرورة بالصورة الفنية والتقنية الاحترافية المقبولة لدى المؤسسات الإعلامية وبمواصفاتها وفقاً لصيغ قانونية معروفة فضلاً عن دور آخر يقع على عاتق المنتج لا يقل أهمية عن الصناعة نفسها وهو تسويق المنتج أفقيا ورأسياً وهو إقناع تلك المؤسسات أولاً بموضوع المادة المنتجة وثانياً تسويق بيئة المشاهدة المراد البث فيها باعتبارها بيئة جاذبة للإعلان التجاري ومن هنا تتلاقى المصالح بين المنتج وبين المؤسسة المعنية بالبث وتأتي تبعاً لذلك ارتفاع قيمة المنتج المادية المعدة بواسطة المنتجين ويضمن ريعاً مجزياً وفي ذات الوقت تستطيع المؤسسة تقديم المنتج وهي صاحبة حقوقه الحصرية لتسويقه لأكثر من مؤسسة أخرى منافسة فضلاً عن عائدات الإعلان ووسائط التواصل (sms) وغيرها من الرؤى التسويقية الأخرى التي تعود على المؤسسة بكثير من المداخيل.إذن أقول أننا لسنا بعاعيت أي ان الفنانين السودانيين يمكنهم المنافسة في السوق الحصري والمفتوح لبث إنتاجهم إذا تخلصت رؤوس الأموال السودانية والمنتجون من حالة الجبن والخوف من تقديم عطائنا الإبداعي للآخر والله من وراء القصد والمراد محمد الواثق ضي النور - مستشار قانوني - جدة