لن يصمد الاتّفاق الذي وقّعه وزيرا الداخلية بحكومة السودان وحكومة الجنوب بشأن ترتيبات الأوضاع في منطقة أبيي طويلاً إذا لم يتوصّل الطرفان المتصارعان حول المنطقة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لاتّفاق سياسي ينزع عن المنطقة احتمالات عودة السلاح والرصاص والموت مرة أخرى كتعبير عن حالة الفشل الدائم التي ظلّت تُلازم المسار السياسي لقضية أبيي. ü«المسيرية ودينكا نقوك» كمجموعات سكانية بينهما نزاع حول ملكية الأرض ولكنهما لاتملكان سلطة ولا حيلة ولا قدرة لإصلاح ما بينهما إلا بدخول (أصحاب الجلد والراس) وهما المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وما بين الاثنين خلافات (عقائدية) بين تيار إسلامي وتيّار علماني وما بين حزب قرر تحريض ثلث سكان الدولة والانفصال بهم لتأسيس دولة مستقلة عن شريكه الآخر الذي لم ولا تعجبه تصرفات شريكه الذي لم يتبق لزواج الإكراه بينهما سوى ستة أشهر إلا بضعة أيام ويقع الطلاق النهائي ويُصبح كل عفش البص لصالح السائق والكمساري!! üتوصل المسيرية ودينكا نقوك لاتّفاق بتبادل دفع الديات العالقة وفتح أفق تعايش جديد بدلاً من إراقة الدماء وحرمان دينكا نقوك المسيرية من المراعي والمياه العذبة ورحلة الصيف الى جنوب حدود 1956 وممارسة المسيرية لسياسة الأذى المتبادل بحرمان دينكا نقوك من الذرة والدقيق والسكر و(البلح العنكر) وحتى المياه الغازية والشمار والكسبرة واستخدام سلاح الغذاء وعرقلة العودة الطوعية والاتّفاق الأمني الذي وقع في كادقلي سينهي الأزمة الحالية لكنّه لايعدو كونه (مُسكن لألم) مزمن وقديم ظل يراوح مكانه لسنوات دون تحقيق نجاح يُذكر.. ü إذا كانت مقررات الحكم الصادر من لاهاي لم تُحقق السلام المنشود وعاد المبعوث الأمريكي سكوت غريشن وتجاوز مقررات تحكيم لاهاي بمفاوضات أديس أبابا التي أعادت قضية أبيي إلى نقطة الصفر مرة أخرى فإن اتّفاق كادقلي الأول في المسار الاجتماعي واتّفاق كادقلي الثاني في المسار الأمني والعسكري يضعان القيادة السياسية العليا أمام مسؤوليات لإحداث اختراق كبير في الجبهة السياسية لإنهاء النّزاع. ü حكومة الجنوب تبدي اهتماماً كبيرًا بقضية أبيي والشاهد على الاهتمام جيوش المسؤولين والأجهزة العسكرية والأمنية والإعلام الكثيف الذي رافق وزير داخلية حكومة الجنوب لكادقلي وعدد الولاة المتأثرين بأحداث أبيي أو المساندين للإدارة المؤقتة الذين توافدوا من أجل رسالة قصيرة للشمال بأن قضية أبيي قضية لكل جنوب السودان بينما كان الوفد الذي يمثل المؤتمر الوطني رغم فاعليته وتفويضه صغير جدًا حتى حكومة الوالي هارون كانت بعيدة وغائبة عن المسرح فضلاً عن غياب الدكتور عبد الحميد موسى كاشا والي جنوب دارفور الذي غيب ولم توجه إليه الدعوة وكان يمكن أن يكون حاضرًا مثل تعبان دينق وبول ملونق الذين فاجآ هارون بالحضور بغتة كدليل على اهتمام كل الجنوب بأبيي بينما الشمال غارق في مشاهدة مباريات البطولة الآسيوية ومتابعة أحداث تونس التي أطاحت بأكبر دكتاتور في الوطن العربي.