الدكتور نوري الجراح منسق مشروع ارتياد الآفاق، عقد أكثر من لقاء مع اللجنة المختارة التي كونها وزير الدولة للثقافة وقتها الأستاذ صديق المجتبى، للتفاكر حول محاور ندوة السودان عن الرحالة والرحلات في السودان، وتضم اللجنة نخبة من العلماء والباحثين المهتمين بأمر الدراسات السودانية، وكان اللقاء الثاني بقاعة الشهيد الزبير والتي قدم فيها الدكتور جراح محاضرة عن الرحالة العرب والمسلمين، أمها جمع من المهتمين بالدراسات الكشفية والجغرافية، وفيها تحدث دكتور جراح عن نشاط مشروع ارتياد الآفاق والندوات التي عقدها والمطبوعات التي أصدرها، وهو مجهود جبار مقارنة بعمر المشروع الذي لم يتعد خمس سنوات، وأوضح أن هدفهم عقد ندوة في إطار الخرطوم عاصمة للثقافة العربية في عام 2005م كان عليها أن تتناول موضوع الرحالة العرب والمسلمين والرحالة الأجانب الذين زاروا السودان في الحقب التاريخية المختلفة، بجانب كتابات ومؤلفات السودانيين الذين سجلوا انطباعاتهم في زياراتهم لدول ومدن أوربية وعربية، بما في ذلك الزيارات الداخلية والسياحة المحلية داخل السودان، كما أنها كانت تهدف إلى تقديم أوراق وأبحاث علمية أصيلة لتشمل موضوعات واسعة شغلت الرحالة وتؤدي إلى اكتشاف الذات والآخر، كما أن أدب الرحلات حافل بالموضوعات الجغرافية والأثرية والاجتماعية والتاريخية والأدبية مما يتيح مساحة واسعة للمشاركين والمهتمين بأدب الرحلات. وفي تلك اللقاءات وفي مسح سريع وخاطف وضح ثراء الكتابات والمؤلفات التي وضعت عن السودان لرحالة ومكتشفين عربا ومسلمين وأجانب، فمن العرب والمسلمين كتابات ابن جبير وابن حوقل وابن بطوطة وكتابات الإدريسي والمغريزي وابن سليم الأسواني وغيرها من كتابات المؤرخين والجغرافيين العرب عن بلاد السودان عامة وسودان وادي النيل خاصة، وقد نشرت العديد من تلك المذكرات باللغات الأجنبية واللغة العربية، ومنها كتاب: السودان في كتابات المؤرخين المسلمين، وهي في البداية دراسة أعدها طلاب من كلية الخرطوم الجامعية كان من بينهم الطالب آنذاك محمد عثمان أبو ساق وأشرف عليها الدكتور عبد المجيد عابدين، وصدرت بصورة موسعة في كتاب يحمل نفس العنوان من مصطفى محمد سعد، ومن المؤلفات العربية كتاب تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان لمحمد بن عمر التونسي والذي زار السودان وسكن بدارفور في القرن الثامن عشر الميلادي، وكتابات سليم قبطان الذي كلفه محمد علي باشا لاكتشاف منابع النيل. ومن المؤلفات الأجنبية كتاب الرحالة الأسكتلندي جيمس بروس الذي زار سنار في القرن الخامس عشر الميلادي ووضع كتابه «رحلاتي لاكتشاف منابع النيل » ووضع الكتاب في خمسة مجلدات، وهو أول من تحدث بإفاضة عن الفونج وأصولهم، وكذلك كتابات الرحالة اليهودي داؤود روبيني الذي ادعى الإسلام وزار السودان كأحد الأشراف فوجد الترحاب والقبول، ثم كتابات يوركهارد وبونسية وكايو الذين تابعوا النيل وكتبوا عن الآثار والمدن السودانية بشمال السودان، وقد جاء بعضهم مع جيش محمد علي باشا الذي غزا السودان، أما الذين كتبوا عن دارفور يقف في مقدمتهم الرحالة الألماني ناختقال وقد ترجم كتابه إلى العربية مؤخراً دبراون، أما الذين اتجهوا وتابعوا نهر النيل جنوباً فكان منهم المكتشفون والرحالة: استانلي وصمويل بيكر وبتريك وقد لفتت الأنظار الأستاذة إخلاص مكاوي- الباحثة في مجال الدراسات السودانية - بأن الرحالة العرب والمسلمين اختاروا الطريق الصحراوي، أما الأجانب فقد اختاروا متابعة النيل وروافده، ومن الرحلات التي ترجمت إلى العربية مؤخراً «على تخوم العالم الإسلامي» والتي ترجمها المستر ريتشارد هل من الإيطالية وترجمها الأستاذ عبد العظيم عكاشة إلى اللغة العربية في جزئين، ولكن مؤلفها لا زال مجهولاً، أما السودانيون الذين سجلوا رحلاتهم وانطباعاتهم منهم الشيخ بابكر بدري الذي وضع كتابه في ثلاثة أجزاء «تاريخ حياتي» ومُؤلَف الأستاذ محمد ميرغني شكاك وكتابة أسفاره في غرب أفريقيا، وأحمد حسن مطر صدق أو لا تصدق عن رحلاته في العالم وخاصة بأمريكا الجنوبية، ومؤلفات حسن نجيلة عن ذكرياته في دار العروبة والإتحاد السوفيتي ورحلة في البادية السودانية ودار الكبابيش، بجانب كتابات الأجانب وبخاصة الإداريين البريطانيين، التي نشرت في مجلة السودان في مذكرات ومدونات S.N.R) والتي تتناول المكان والإنسان في العديد من الجوانب وفي مديريات السودان المختلفة. عموماً الكتابات السودانية في هذا المجال كثيرة ومتنوعة.. والأبواب مشرعة لكل الباحثين الراغبين في المشاركة تحقيقاً وتأليفاً وترجمة لأدب الرحلات والرحالة،.