الحكومة والمعارضة أصبحتا في سباق ورهان على موقف الشعب السوداني من المرحلة القادمة كلاهما يستخدم عبارات «رنانة» مفادها «سيخرج الشعب السوداني» لن يخرج الشعب السوداني.. كيف سينتهي التحدي ومن سيكسب الرهان؟ ولماذا ذهب زعيم حزب الأمة الى الجزيرة أبا هذه المرة، هل يبحث الرجل عن «شماعة» يُعلق عليها تراجعه عن قرار اعتزال العمل السياسي مع حفظ ماء وجهه ويخرج للنّاس ويقول أنصاري طالبوني بالاستمرار.. أم أنه يبحث عن شاب فدائي يحرق نفسه أمام المجلس الوطني أسوة بالشباب التونسي والجزائري والمصري وتتقد شرارة الثورة والتغيير وتسقط الحكومة..؟! من الرابح لرهان الشعب.. لم يخف الصادق المهدي زعيم الأنصار نواياه وأهدافه من زيارة أبا مستخدماً كل ما أمكنه من ألفاظ تعبوية وتحريضية واضحة اللهجة لإسقاط النظام مراهناً على الشعب السوداني في اتخاذ موقف حاسم تجاه ممارسات المؤتمر الوطني ومواجهته مؤكداً أن الشعب يستطيع أن يفرض ما يريده على النظام، وطالب أنصاره بالتضحية لأجل ذلك وحمل السلاح بالقوة «العندو حق يضحي ويعتمد على زندو» وإن «العود ما بجيب نار إلا يفركوه». ويعتقد الصادق أنه يملك الحل الناجع لمشكلات السودان قدمه في روشتة تحوي «7» أصناف من الدواء صنف يتعلق بالنزاع في دارفور وآخر بالتعاطي مع انفصال الجنوب والجنائية وأيضاً الضائقة الاقتصادية، الروشتة الأولى لدى الإمام وضع دستور جديد للسودان يستدعي «10» نقاط وهي التأسيس لدولة ديموقراطية حديثة، تمثيل رئاسة الدولة من جميع أقاليم السودان، إعادة المديريات إلى «6» لتقليل الانفاق، قيام مجلس تشريعي منتخب، تطبيق أحكام الدين على المسلمين فقط، ضمان وجود تعددية دينية وثقافية، حريات وتشريعات تتماشى مع حقوق الإنسان، معارضة ما يتعارض مع الشريعة بوسائل ديموقراطية، إضافة حقوق الإنسان الموقع عليها السودان الى الدستور الجديد، مع إلغاء أي تشريعات تتعارض مع حقوق الإنسان. فيما يتعلق بالجنوب يفترض السيد الصادق إقامة معاهدة توأمة مع الجنوب تحوي أيضاً «10» بنود منها «الاعتراف المتبادل بين الشمال والجنوب، واختيار الجنوبيين اسماً لدولتهم معانٍ مشتركة حتى تكون هناك مرجعية مشتركة، إنشاء مفوضية حكماء لمعالجة ما علق من خلافات، خلق توأمة اقتصادية، كفل حق الحريات الأربع التنقل والإقامة والتملك والعمل للشماليين في الجنوب والجنوبيين في الشمال، وضع اتفاقية أمنية لحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والعمل على دفع الجنوب للتوجه رسمياً لدرء مخاطر توظيف القدرات لا سيما العسكرية في المستقبل. دارفور قال الصادق إنه اتصل بجميع مكوناتها ودعاهم لمطالبة الحكومة بتحقيق «10» مطالب لهم أو يفضوا الحديث معها: منها المشاركة في الرئاسة، حقهم في إدارة الحواكير ، تحديد الإقليم إذا كان موحداً أو مقسماً إلى ثلاثة، التعويضات الفردية والجماعية للنازحين واللاجئين، حقهم في السلطة والثروة حسب حجم السكان، العودة الى حدود 89 للإقليم. روشتة رابعة وخامسة وسادسة وسابعة تتعلق بالحريات والإصلاح الاقتصادي والعلاقات الخارجية أن لا تقوم على التبعية أو العدوانية والمحكمة الجنائية التي قال عنها الصادق لا يمكن إلغاؤها ولكن لديه طريقة لتنفيذ العدالة تتواءم مع الاستقرار وقال إن أمريكا تعدهم وهماً وإن الوطني لا يستطيع التطبيع معها ولا مع بريطانيا ولا أوربا ولا حتى أفغانستان لأنهم مطالبون وملاحقون دولياً. الصادق يرى أنه بالصبر يستطيع أن ينال مبتغاه ويحرك الشارع للعصيان على عكس ما يعتقد الوطني باستحالة ذلك معتبراً أنهم لا يفرقون بين الحلم والجبن ناسباً الحلم في الصبر على الوطني الى قيادات الأمة، ويعتقد الصادق أن بداية الشرر قد ظهرت وقال إن البلاد أصبح بها أكثر من «50» فصيلاً مسلحاً بجانب «6» ملايين لاجئ سوداني غادروا احتجاجاً واعتراضاً وفراراً من الظلم سوف يسهمون معهم في إسقاط النظام. وقال إن ممارسة الاحتجاج على البطش ولدت في مواجهتم «27» قراراً من مجلس الأمن أصبحوا بموجبها مطاردين ومساءلين. حديث الصادق بدأ تحريضياً ويميل إلى الإثارة إلا أنه ختمه روحانياً وقال إنه يرى أنصاره يسيرون بروح واحدة وحماسة واحدة ما هي إلا من عند الله نور حياة لهم ليُنير القلوب المطمئنة. وبايعه أنصاره على القتال معه وأنهم رهن الإشارة وخرجت هتافات مدوية «لا للاعتزال نعم لحكومة قومية أو المشاركة في الإطاحة بالنظام وكأنما عزّ على زعيم الأنصار هجر السياسة وأراد أن يصور لمعارضيه أن عودته لتمسك قطاع عريض من الشعب السوداني به وبالتالي بات في حكم المؤكد أن المهدي لن يعتزل وأمامه الخيار الآخر البحث عن فدائي يشعل فتيل الانتفاضة. علاج اقتصادي.. تغيير سياسي مبارك الفاضل العائد لتوّه الى الحزب في أول خطاب له بعد الدمج كان تفصيلياً في إدانة النظام الحاكم وتحدث بالأرقام والنسب بعد أن حدث أنصارهم كيف تلاعب المؤتمر الوطني بمصائر الوطن لمصالح حزبية وشخصية ضيقة وقال إن حكومة البشير تصرف أقل من 5% من إجمالي الانفاق العام على المياه في بلد يضربه العطش وأقل من 2.5% صرفها على التعليم والصحة في وقت تنفق أكثر من 74% على الأمن والدفاع والسياسة وأضاف أن القطاع السيادي وحده يُصرف عليه «100» مليون دولار في الشهر، متهماً النظام بإهدار «500» مليار دولار خلال العشر سنوات الماضية كانت تكفي لتعمير أفريقيا وليس السودان فحسب مبدياً حزنه على فقد ثلث أرض السودان.. وأبدى الفاضل تأييده لكل ما يقرره الصادق ويتخذه من مواقف لأنه وفق تعبيره لم يتجنّ على النظام وإن مطلبه يستند الى المادة «15» من الدستور التي تدعو الى المصالحة الوطنية وأيضاً اتفاقيات جيبوتي والقاهرة ونيفاشا. ودعا الفاضل النظام للاتعاظ بما جرى في تونس والجزائر وأكد أن الشعب السوداني إذا أراد يوماً رفض النظام سيكون أكثر شراسة من الجزائريين والتونسيين وقال إنه لا سبيل للمعالجة الاقتصادية دون إحداث تغيير سياسي. السر وراء 26 يناير سارة نقد الله رئيس المكتب السياسي للحزب فسرت ضمنياً تحديد الصادق يوم 26 يناير للخروج ضد النظام، وقالت إن أجدادنا حرروا السودان في 26 يناير 1885، وحرره آباؤنا في يناير 1956 وأضافت أن الإنقاذ أرادت أن تظلم السودان في يناير 2011 وهم سيحررونه في 26 من ذات الشهر والعام وسيعيدون الجنوب من جديد، بينما اكتفى الأمين العام للأمة بأخذ العهد من جماهير الأنصار بالرد وإعادة الصادق المهدي إلى حكم البلاد لأنه لن يقدم هذه البلاد حسب رؤيتهم غير الصادق.