شهرا مارس وأبريل موسم الإمتحانات فى بلادنا يستعد له الطلاب وتتأهب له الأسر وانتقلت لنا خلال العقدين الماضيين أمراض الامتحانات التى توطنت فى بعض دول جوارنا إذ غدا هذا الموسم موسماً للتوتر والقلق على مستوى الدولة وبات الأمر موسماً للرزق والتكسب من خلال البرامج التى تعدها المدارس فوق برامجها الدراسية الراتبة وتلك التى يعد لها المعلمون من خلال الدروس الخاصة وحصص التركيز والمدرس الخصوصى والمعسكرات الدراسية والمذكرات ومستخلصات المواد والأسئلة السابقة والأسئلة المتوقعة ولم يقتصر القلق والتوتر المصنوع على امتحانات الشهادة الثانوية بل نزل حتى الى امتحانات مرحلة الأساس . لن أقارن بأيام امتحاناتنا التى جلسنا لها لأن أوجه المقارنة لاتتوفر بين عقود الستينيات والسبعينيات الماضية والآن إذ لاتشهد مواسم الامتحانات حينها إلا القليل من متابعة الأسر ومحاولة تهيئة المناخ الملائم للتحصيل ولاينشغل التلميذ عن أداء الكثير من واجباته اليومية غير الدراسية ومما لا أستوعبه الأن أنه عندما جلسنا لامتحان الدخول للمدارس الوسطى من المدارس الأولية تم جمع الكتب المدرسية منا وذهبنا الى داخلية المدرسة الوسطى للاقامة بها لمدة ثلاثة أيام وهى الفترة المحددة للامتحانات ولم يحمل أى تلميذ معه أى كتاب مدرسي وكانت أيام الامتحانات فرصة للأنس وممارسة رياضة كرة القدم وابراز المواهب للتلاميذ من خلال أول تجمع لهم وضربة البداية للسكن الداخلى الذى كان يوفر فى منطقتنا لطلاب المدارس الوسطى والثانوية ويتفوق معظم الطلاب فى الامتحانات ومع ضيق الفرص يحققون رغباتهم فى الدخول للمستوى الأعلى . ألاحظ الأن أن الأسر التى لها أبناء وبنات سيجلسون للحصول على شهادة الأساس أو الشهادة الثانوية تعلن حالة الطوارئ وينقلب جو المنزل من الجو العائلى المفعم بالأنس والحيوية الى أجواء الهمس والترقب والرقابة وتتلبس حالة الامتحانات جميع أفراد الأسرة ويبتلى التلميذ بكثير من الخوف ويتحسب للمعركة التى يتخلل الاستعداد لها الشحن المتواصل من معظم أرباب الأسر وولاة الأمور بالمزيد من الاطلاع والاطلاع حتى فى الأوقات التى يجب أن يترك فيها الخيار للتلميذ لممارسات نشاطات تعيد التوازن الى تفكيره خاصة إذ صاحب الشحن الزائد التأنيب المستمر واجهاض الأمل فى نفس التلميذ بالحكم عليه بأنه لن يحقق الفوق الذى يصر عليه البعض مهما كان سقف التحصيل كيف نعود بجو الامتحانات الى طبيعته وأن تكون الامتحانات النهائية من مرحلة الى مرحلة مثلها مثل الامتحانات الراتبة التى يجلس لها التلاميذ بصفة دورية خاصة وأن فرص القبول الأن فى المرحلة الثانوية وحتى الدراسة الجامعية متاحة لكل ناجح اجتاز المرحلة السابقة وهل فى مصلحة العملية التعليمية أن يأتى التفوق من خلال الدروس الخاصة والحصص الإضافية والمعالجات المتنوعة للاستيعاب أم الأفضل أن يتساوى الجو للتفوق للكافة ولايختصر على من عند أسرهم الامكانات المادية التى توفر لهم المعينات التى ذكرناها خارج دائرة التحصيل الصفى المعتمدة تربوياً والمقررة على الكافة حتى لايكون التفوق والدخول الى الكليات المطلوبة دولة بين أبناء الأغنياء كما بدأ يظهر الأن لتضيق الفرص لكليات التفوق على أبناء السواد الأعظم من اهل السودان الذين كانوا خلال عقود الاستقلال ومابعدها هم الذين يرتادونها ويحققون النجاح والتميز فيها .