اتضح جلياً وبما لا يدع مجالاً للشك وعلى حسب ظني أن الانفصال هو من أولى وأهم رغبات المؤتمر الوطني.. لذلك سعى له وبكل قوة وجند له الأشخاص والمؤسسات الصحفية من أول يوم بعد توقيع اتفاقية نيفاشا 2005م لتهدئة عواصف الشعب السوداني الأصيل والرافض لتجزئة السودان مهما كانت الأسباب والدوافع وراء ذلك عند إعلان شعب الجنوب للانفصال، وقد وفق المؤتمر الوطني في ذلك بدون أدنى شك لأنه كان ذكياً لأبعد ما يكون، وانتدب لتلك المهمة أحد ربان سفينة المؤتمر الوطني وقائد أسطولها الإعلامي في فترة من الفترات ألا وهو الأستاذ الطيب مصطفى عبر منبر السلام العادل وصحيفة الانتباهة، تلك الصحيفة التي وضعت من أول يوم لتأسيسها سياستها التحريرية وهدفها في تحقيق انفصال الجنوب والدعوة له وغرس بذور الكراهية بين شعبي الجنوب والشمال وخلق التبريرات والأسباب لعدم وجود التجانس والمواءمة بين الجنوبي والشمالي.. وقادت الصحيفة الدعوة للانفصال بكل صراحة ودون خوف من قيادة الدولة في الوقت الذي وضعت فيه الاتفاقية بنداً رئيسياً لضرورة دعوة طرفي الاتفاقية للوحدة الجاذبة وتذليل كل الأسباب والمعوقات التي تعترض طريقها، والتي أرى أن من ضمن هذه المعوقات لتحقيق الوحدة هي صحيفة الانتباهة التي تخالف خط سير الدولة والحكومة دون أن تجد من يقول لها لا.. من أي عضو من حزب المؤتمر الوطني.. وهذا ما يبرر له سقتة سابقاً ولولا ذلك لما كان يعجز المؤتمر الوطني ردع صاحب الانتباهة وقفل أبواب الصحيفة كما يفعل كل مرة مع بعض الصحف التي لم تفعل ما فعلته الانتباهة في مخالفة صريحة لخط سير الحكومة وسياستها وهي وحدة أجزاء السودان والدعوة لها. هاهي المفوضية قد أعلنت نتيجة الاستفتاء بتصويت 98.83% من الجنوبيين للانفصال مقابل 1.17% للوحدة، فما هو العائد الإيجابي أيها السادة من انفصال الجنوب بعد أن استشهد في سبيل وحدته الآلاف من خيرة شباب وعلماء ومثقفي السودان.. بل إنني أجزم بأنه لا فائدة البتة من هذا الانفصال رغم التباين الواضح بين شعبي الجنوب والشمال لغة وعقيدة ودماً، بل على العكس تماماً إن المؤتمر الوطني قد ارتكب خطأً فادحاً لا يغفره له التاريخ مهما كانت مبرراته قوية «إيقاف نزيف الدم».. ففي الوقت الذي فيه دول الاتحاد الأوروبي أن تتحد فيما بينها أكثر من اتحاد الدول العربية بل اتحاد الدولة العربية الواحدة، رغم الحربين العالميتين التين جرتا بينهم وراح ضحية تلك الحروب الأوروبية التي أطلق عليها اسم عالمية جزافاً راح ضحيتها ملايين البشر، وخسرت من جراء تلك الحروب بعض أراضيها وتدهور اقتصادها.. إن انفصال الجنوب يعني في نظري إيواء دولة إسرائيل في دول شرق أفريقيا، ويعني تحقيق الإستراتيجية الكبرى لإسرائيل «دولة من النيل إلى الفرات» عبر جنوب السودان بعد احتلالها للعراق، يعني نجاح سياسة إسرائيل في تمزيق السودان وإضعافه تأكيداً لقول وزير الداخلية الإسرائيلي مؤخراً، يعني بناء قاعدة أمريكية حربية في المنطقة..انفصال الجنوب يعني ذهاب كل الثروة المعدنية والبترولية والزراعية والحيوانية والغابية للخزينة الأمريكية لاسترداد ديونها من الحركة الشعبية التي أعانتها بها أيام الحرب مع شمال السودان، يعني سيطرة إسرائيل وأمريكا للمياه التي ستكون بدون أدنى شك هي السبب الأساس لاندلاع الحرب العالمية الثالثة القادمة حقاً بين الدول الغربية الغنية والدول العربية والأفريقية الفقيرة، انفصال الجنوب في نظري يعني هضم حقوق المسلمين في الجنوب وإعلان العداء السافر لكل مسلم في العالم ناهيك عن السودان.. كما يعني إعداد دولة قوية في العدة والعتاد والتفوق العسكري الهائل الذي يفوق آلاف المرات إعداد دولة شمال السودان وبالتالي الانقضاض عليه وتحويل السودان الأفريقي المسلم إلى السودان الأفريقي المسيحي قلباً وقالباً، وبالتالي تتحقق إستراتيجية إسرائيل وأمريكا من المنطقة وتهديد كل العالم العربي.. انفصال الجنوب يعني في المقام الأول فتح شهية الانفصاليين في الولايات الأخرى من السودان للانفصال أسوةً بالجنوب. فيا أهل المؤتمر الوطني، وحتى لا تلحقكم اللعنة في الحياة والممات أوصيكم بالآتي: ü تكريم الأستاذ البارع الطيب مصطفى وأركان حربه في منبر السلام العادل وصحيفة الانتباهة تقديراً لما قاموا به من أعمال جليلة في تحقيق رغبتكم أو الاعتراف بالأخطاء الفادحة التي تليها في حق المواطن السوداني المغلوب على أمره والمتضرر الأساسي من هذا الانفصال. ü العمل وبكل ما أوتيتم من قوة وفكر في إعادة الجنوب إلى أحضان السودان الكبير حتى لا تتحقق الأهداف أعلاه. ü دعوة كل الأحزاب والكيانات والطوائف التي تشكل المجتمع السوداني إلى حوار مفتوح للاتفاق على برنامج قومي يقود في النهاية إلى عودة السودان واحداً موحداً ومحكوماً بالشريعة أيضاً رغم كيد العائدين وحقد الحاضرين.