حب السلطة مخلوق في الإنسان وهو جزء من تكوينه، ولو نظرنا إلى العالم من حولنا على كل المستويات لوجدنا السلطة تكاد تكون الدافع والمنظم لكل العلاقات بين الأمم، وبين الدول، وبين القبائل والعائلات، وبين الحكام والشعوب، وبين المديرين والموظفين والعمال، وحتى في نطاق الأسرة الواحدة بين الأب وأفراد أسرته,, فلا تكاد العلاقات الإنسانية تخلو من هذه النزعة السلطوية التي بها تسير أمور الدنيا ومصالحها ولولاها لتعطلت المصالح ولفسدت الأرض ((..وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) (251) سورة البقرة لذا كان علينا التأمل والتدبر في هذه الغريزة وككل الغرائز والنوازع الفطرية، فلابد لها من مهذب ومسيطر لأنه إن ترك الإنسان نفسه لنزعاته فهو مهلك لغيره هالك لنفسه، لذا نراها في بعض الأحيان قد تأتي-أي السلطة- وبالاً على الناس، شقاء للإنسان وعذاب ومهلكة فنجد من يتسلط على الناس ولا يرحمهم، يحب التملك، لا التعاطف ولا التواصل ولا الفهْم، فالموجود فيها يتحكم على الخلق ويأمر وينهي ويحكم بالدكتاتورية، وهذه أمثالها كثر في دول العالم الثالث، فالحكم والسلطة تكونا عندهم بالوراثة لا يتنازل عنها، حتى وإن رفضه الشعب لا يتحرج الطغاة من ارتكاب أشد الجرائم وحشية، وأشنعها بربرية وأبعدها عن كل معاني الإنسانية وعن الخُلق والشرف والضمير، وينسى أو يتناسى أنه إنسان أو هو الراعي لهولاء الرعية، وأنه مسؤول أمام الله منهم، فاتقوا الله ياولاة الأموار حتى لا تندموا يوم لا ينفع الندم.