كل عام وأنتم بخير.. كل عام وأنتم تقفون عند هذه المناسبة وتأخذون منها العبر.. فهذه المناسبة التي نعيشها ونحتفل بها لأنها غيرت مسارات كثيرة، حيث قدر بها الله أن يكون ميلاد رسولنا الكريم بداية لحياة الإنسان في هذا الكون، حيث أنه كان خاتم الأنبياء والرسل ومكملاً للرسلات التي نزلت على الأمم منه، فقد اكتملت التشريعات وخرج (كاتلوج) الحياة والعبادة، فقد قال تعالى في محكم تنزيله (اليوم أكملت لكم دينكم) صدق الله العظيم .. سادتي لقد حمل مولد رسول الكريم صلى الله عليه وسلم مؤشرات مهمة أولها كان في زلزلة عرش الفرس والروم، وكلتا الأمبراطوريتين كانتا تتحكمان في العالم.. ورغم أنهما لم يعرفا ما حدث في تلك الليلة للفرس والروم، ولم يربطا الحدث العظيم بما حدث في القصرين، إلا أن ما حدث كان له من الدروس والعبر ماله.. سادتي ونحن نعيش في هذه الأيام ونتنفس عبير مولده صلى الله عليه وسلم، نرى كيف زلزل الله تعالى عرش طغاة نسوا أو تناسوا أن حكمهما يمكن أن يصير إلى زوال، فمبارك وزين العابدين قد كفروا بأن الله يؤتي الملك لمن يشاء وينزعه ممن يشاء، والمتدبر لكلمة (نزع) يجد نفسه يحس بقسوتها فهي كلمة تحمل معناها معها، وتعرضه في دواخل الإنسان بصورة قاسية ومريرة.. المهم سادتي لا يجب أن ندع مثل هذه المناسبات تمر مرور الكرام، ولابد للناس أن يتعلموا منها، وأن يكونوا أكثر تدبراً لدروسها، وعلى كل الأصعدة الخاصة والعامة، فلا يمكن أن يقف الناس عند عيد الحب وعيد الكريسماس ولا يقفون عند مولد المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، ولابد أن تطال حياتهم بعض التغيرات، قد يظن البعض أن كلمة التغيير كلمة خاصة بالعمل السياسي فحسب، لكن لابد أن يبدأ كل الناس في تغيير نمط حياتهم، ولابد أن يتقربوا لدينهم ويتسلحوا لآخرتهم، فالرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) قد بعث ليكمل مكارم الأخلاق، ولابد للإنسان أن يراجح كل تصرفاته ليكون أكثر قرباً من الله تعالى، وتكون أخلاقه أقرب لأخلاق الرسول (صلى الله عليه وسلم) وللأخلاق التي ارتضاها لنا خالق هذا الكون، وبعث بسببها الأنبياء والرسل، حتى يخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، ومرة أخرى كل عام وأنتم بخير وصلوا على النبي. فالصلاة عليه تفرج الهم وتزيد الرزق وتنجح الذرية.. فصلوا عليه.