أنيس منصور من أحب الناس إلى العقاد ومن تلاميذه، ولا تمر فترة إلا وكتب أعذب الكلمات عن أستاذه عباس محمود العقاد، وقد أعد عنه كتابه الممتع الشيق (في صالون العقاد)، ولم أقرأ كتاباً بمثل هذا الامتاع.. للكاتب الكبير الذي أحب كتاباته.. التي يرميها البعض بالهجص.. وأنه يديها كوز أحياناً.. وهذا ليس صحيحاً.. فالرجل ممتع ومولع بالغرائب، ولديه الجرأة أن يقول ما لا يقوله الآخرون، وتمتليء كتبه بكل ما هو طريف وجدير، وكذلك كتاباته ومقالاته الصحفية.. وأنيس منصور رحالة بالقلم على الورق وعلى الطبيعة حول خريطة العالم في كتاباته المميزة في أدب الرحلات.. أنا أقرأ الأهرام بالمقلوب فأقرأ عموده (مواقف).. ثم انتقل إلى باقي الصحيفة، فأقرأ صفحة الحوادث.. وأخبار الوفيات.. ثم اختار ما أقرأه بعد ذلك.. وقد كنت قبل ذلك أقرأ مع أنيس منصور أحمد بهاء الدين ومصطفى، وعلي أمين (فكرة) ونحو النور.. لمحمد زكي عبد القادر.. أعود إلى أنيس منصور والعقاد.. فابدأ بالعقاد وأقول إننا كنا جيرانا في القاهرة، فشقتي في مصر الجديدة (روكس) شارع السلحدار كانت تطل على شرفة نافذة شقة ومنزل عباس محمود العقاد في 13 شارع السلطان سليم الأول- شفيق غربال حالياً- ومن الطريف أن الشقة المواجهة لها أوالعمارة المواجهة في شارع السلحدار تحمل ذات الرقم 13 وكلها على ناصية الشارع، وقد شهدت في هذه الشقة (منزل العقاد) ندواته ندوة الأربعاء التي كان يديرها الأديب الكبير.. ثم تولى إدارتها من بعده ابن أخيه الأديب الأستاذ عامر العقاد ثم بعد رحيل عامر.. تولت الندوة حفيدته عبير عامر العقاد.. وقد كان لي شرف لقائها وزيارتها في منزل ومكتبة الكاتب الكبير عباس محمود العقاد.. صاحب العبقريات والمواقف الوطنية.. أما عند زيارتي لمنزله وضريحه في مدينة أسوان كيف أن هذا الأديب الكبير الأصولي أو الأسواني.. كيف أنه مصري سوداني وطني عربي إسلامي، تمتزج في دماء أسرته وأصهاره كل هذه الدماء تماماً، كالرئيس السوداني المصري محمد نجيب وأبناء الوادي الذين ولدوا وترعرعوا بالسودان وارتبطوا به، كأنور السادات، وصلاح سالم، وجمال سالم، وأخوانهم.. إلى جانب أساطين أهل الأدب والنقد والفن الذين ارتبطوا ونشأوا وولدوا بالسودان، أمثال لويس عوض، وصلاح الشاهد، وكمال الشناوي، وغيرهم من أبناء مصر الأبرار. أما ما قاله أنيس منصور في (مواقفه) الأخيرة عن أستاذه عباس محمود العقاد فيحتاج إلى وقفة.. آمل أن نلتقي فيها قريباً..