السادة الأفاضل.. علماءنا الأجلاء.. لكم الود والتحايا والسلام.. ونكتب لكم ما استطعنا.. بأكثر الكلمات وقاراً.. وأشد الحروف تهذيباً.. وأقوى العبارات وضاءً.. فأنا.. قد أدبني.. أبي.. وقبله شاهق الإسلام.. وباهر الإيمان فأحسن تأديبي.. تعلمت أن أوقر الكبير.. عمراً كان.. أو علماً.. وما زلت.. وسأظل مديناً مؤدباً في حضرة كل من علمني حرفاً.. ولا عجب.. أني أمشي حافياً أمام أساتذتي الذين علموني حتى في مدارس الأولية.. أشملكم باحترامي.. وتقديري.. وأنتم هيئة علماء السودان.. رغم أنكم لستم المرجعية الدينية التي.. ألوذ بها.. أو أرجع إليها كلما.. احتجت إلى ضوء.. عندما تلف العتمة طريقي.. فأنا مرجعيتي الدينية الوحيدة.. هي.. علماء الأنصار.. لا أعتقد - دينياً - في غيرهم ولا آخذ نصيحة من سواهم.. ويكفي أن الأنصار.. قد علموني في قطعية.. في صرامة في ثقة في يقين.. لا يزعزعه شك ولا يخلخله ظن.. أن «السجائر والتمباك» حرام حرام.. إنهم يفتون.. بلا لجلجلة.. بلا تردد.. مستقيمين كالخط المستقيم بين نقطتين... أكتب لكم.. وفي أدب.. معلناً.. أني أرفض في قوة.. فتواكم الأخيرة التي تحرم التظاهرات.. وحتى لا تأخذكم الدهشة.. وتعقد ألسنتكم علامات واستفهامات العجب.. وأنتم تضربون كفاً بكف.. وأتصوركم.. تضربون الكف بالكف مرددين.. ومن أنت حتى توافق.. أو ترفض.. فتوى علماء السودان..؟ وأقول.. إنه من دواعي.. فرحي.. وسعادتي.. ورحمة ربي.. أن جعل الإسلام.. العظيم.. من كل مسلم حافظاً حارساً لنفسه.. مستفتياً قلبه.. لأنه ليس في الإسلام رهبنة أو كهنوتية.. وفوق ذلك.. يحكي لنا الأثر العظيم.. وأنواره التي ما زالت تضيء من يثرب.. وأنفاسه العطرية وما زالت.. تملأ أرجاء الكون.. أن أعدل الخلفاء.. الفاروق عمر أمير المؤمنين.. قد هتف مرة.. أمام الصحابة والأصحاب والأحباب.. والمهاجرين والأنصار.. لقد أخطأ عمر وأصابت امرأة.. نعم هذه هي قدوتي وهذا هو مثالي.. وهذا هو نموذجي.. وفي أدب أيضاً أسأل.. أين أنتم فرادى أو مجتمعين من عمر الفاروق..؟؟ ولأن باب الأسئلة قد أشرعت ضلفاته.. دعوني أسأل.. أين كنتم.. وكانت فتاويكم.. و«إخوتكم» في الإنقاذ.. والحركة الإسلامية.. ظلوا ولمدى ومدة عشرين عاماً.. يسيرون.. آلاف المظاهرات والمسيرات.. يملأون الشوارع والساحة الخضراء والطرقات.. هتافاً.. وتظاهرات.. هادرة.. تحت أضواء الشمس.. وتحت هالات ضياء الكاميرات.. والعجيب.. أنكم قد رأيتم بأم عيونكم.. تظاهرات خالصة للمرأة.. وهي تهتف في تنغيم.. ولا أقول تطريب.. ولم يفتح الله عليكم بحرف واحد من فتوى.. ألأنه حلالٌ على بلابله الدوح حرامٌ على الطير من كل جنس؟؟ وبالله عليكم.. أيهما أحق بالفتوى.. تحريم التظاهرات.. أم تحريم الأموال النازفة من عرق شعب مسكين فقير.. أجساده ناحلة.. عروقه نافرة وطاحونة المترفين.. الأغنياء من التجار.. غلاظ الأكباد.. وتحت سمع وبصر الحكومة.. يرفعون أسعار السكر إلى سقف المستحيل.. أسعاراً مضاعفة.. وحبَّات الذرة غذاء الأمة قد «جنت» وعزت على الأفواه الجائعة.. ويزداد الأغنياء ثراء ويزداد الفقراء فقراً.. لماذا لم نسمع منكم بياناً يفتي بأن التضييق على المسلمين حرام.. تفتون في هذا وتسكتون عن الضروري والملح.. وكأنكم تنتجون مفارقة من تخضبت يداه بدم الحسين حفيد رسول الله.. وجاء يسأل «عالِماً» عن حرمة دم البرغوث في الأشهر الحرم.. وسؤال آخر.. ما حكم من رفض فتواكم.. وضرب بها عرض أقرب حائط.. وبالحروف الواضحة.. ما حكم الرئيس البشير نفسه.. وأنتم تفتون بحرمة سفره ورغم ذلك.. وحسناً فعل.. إذا خالف فتواكم وسافر.. بالمناسبة تلك الفتوى.. نحن لا نراها.. غير تخذيل.. وهروب من ساحات الاقتحام والجهاد.. وتراجع بل خشية مجابهة ومواجهة النوازل والمحن.. وكم تمنيت.. أن تراجعوا أنفسكم.. وتصدروا بياناً للشعب السوداني عبر الصحف.. تعتذرون فيه للرئيس وللشعب السوداني.. عن دلق الماء عندما كان ثائراً فائراً ضد أوكامبو.. ولكنكم لم تفعلوا.. وإلى الغد..