علماءنا الأجلاء.. لكم السلام.. ونحن والله نوقركم.. ونحترمكم.. وكذا حالنا مع كل عالم يقود الناس بالرعاية والهداية إلى درب الله القويم.. ونبجل ونوقر بشكل خاص.. كل عالم يقدم النصيحة والفتوى.. إلى الكافة والخاصة.. لا يرهبه سلطان ولا يغريه مال أو تيجان.. وما زلنا.. نحن نعجب.. ونزهو.. ونحن مشدوهين.. ببسالة وعلم.. وشخصية الإمام ابن حنبل.. الذي ما تزحزح بوصة واحدة.. رغم سياط الخليفة المأمون وهي تلهب ظهره الذي أسنده إلى الواحد القهار وهو يردد.. في صلابة ويقين.. وايمان إن القرآن كلام الله.. يا إلهي.. نسألك بذاتك أن تهبنا.. عالماً مثل ذاك المنارة المضيئة والسامقة.. ابن حنبل الذي لا يخشى في الله.. غضب حاكم.. أو أي إنس أو جان.. ونعود لكم علماءنا الأفاضل.. وبالأمس أنتم تصدرون فتوى بتحريم حرق الإنسان نفسه.. وهنا نقول لكم بكل أدب.. إن هذه ليست فتوى.. هي من المعلوم من الدين بالضرورة.. هي آيات مفصلة في كتاب الله المطهر.. هي حديث حفظناه ومازال يحفظه أطفال مدارس الأساس.. نعم نحن وكل الدنيا المسلمة تعلم أن قتل النفس يورث النار خالداً مخلداً فيها أبداً.. ولكم الحديث الشريف الذي يحفظه كل من تعدى الثامنة من عمره وهو: «حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا شعبة عن سليمان قال: سمعت ذكوان يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم، يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً». نعم.. القرآن يحرم قتل النفس، والنبي صلوات الله عليه يحرم قتل النفس.. إذاً فيم الفتوى.. وهل يمكن أن تصدر منكم فتوى أن شرب الخمر حرام.. والزنا حرام.. والسرقة حرام.. إن الفتوى تكون فيما غاب عن عقولنا.. أو غم علينا.. وهذه نصوص باهرة وواضحة.. يعلمها الكافة.. يعلمها العلماء.. وكل جمهور المسلمين.. ونسألكم في براءة.. أين كانت هذه الفتوى.. وسنوات وسنوات.. أنتم تشاهدون وتقرأون.. وتعلمون عبر الصحف.. عشرات من الرجال والنساء وهم يقتلون أنفسهم انتحاراً مرة بالصبغة، ومرات بالشنق، وأحياناً برمي أنفسهم في الأنهار والبحار.. لماذا الفتوى الآن.. هل هي.. مجاملة ومساندة وحماية للحكومة؟.. هل لأمر هذه الفتوى أي علاقة بالذي حدث في تونس؟.. دعونا يا أئمتنا أن نطمئنكم.. بأن هذا الشعب.. إذا أراد الانتفاضة لن يحرق نفسه.. يكفيه فقط أن يلوّح بالقبضات والسواعد.. وأفرع أشجار النيم.. وهي تفي بالغرض تماماً.. وقد جربها سلاحاً في اكتوبر وفي أبريل.. بالله عليكم.. التفتوا إلى أمهات القضايا.. ولا تضعوا أنفسكم أبداً في خدمة أي سلطان.. تذكروا.. بل أقرأوا التاريخ.. وصفحات ابن حنبل.. تقف شاهداً على مكانة وعظمة الأئمة حتى يرث الله الأرض ومن عليها.. وبالمناسبة لم نسمع لكم فتوى يوماً.. والحكومة.. تمنح قرضاً ربوياً لسكر النيل الأبيض.. وباعتراف الحكومة نفسها.. ولم نسمع لكم حساً ولا فتوى.. ونفس الحكومة توافق على قرض ربوي مقدم من تركيا.. للصرف الصحي شمال الخرطوم.. ذاك القرض الذي وقفت في وجهه ورفضته بالصوت العالي.. وتحت قبة البرلمان الدكتورة.. عائشة الغبشاوي.. تحدثت عندما صمت العلماء.. والرجال.. والنواب.. علماءنا الأماجد والأفاضل.. إن مرضاة الله.. تهون أمامها.. مرضاة أي كائن يمشي على ظهر الأرض واعلموا أن الله يسألكم عن أي صمت.. خوفاً أو طمعاً أو مساندة للحكومة إذا رأيتم منها منكراً.. تلفتوا حولكم يمنة ويسرة صوبوا أنظاركم إلى بؤس الشعب.. وضنك معيشة الشعب.. راقبوا جيداً بؤس الرعية.. ثم أعيدوا البصر كرة أخرى.. وانظروا إلى القائمين على أمر هذه الرعية.. عندها.. إذا التزمتم.. صراط الفتوى المستقيم.. وإذا وضعتم سؤال الله في ذاك اليوم الرهيب.. ستصدرون ألف فتوى في اليوم توضع في موازين حسناتكم، ويجزيكم الله عليها.. صحيح أنها سوف تفتح عليكم أبواب الجحيم.. فليكن.. لسان حالكم.. ليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب.