ü أستاذنا وصديقنا د. هاشم الجاز أشار أمس في عموده المقروء «قبل هذا وذاك» إلى أهمية الالتزام بالدستور فيما يتعلق بصلاحيات وسلطات المركز والولايات. ü واستشهد بكثير من الشواهد التي تؤكد وجود تجاوزات تقعد بالتجربة وهذا ما يجري بالضبط. ü ففي عهد د. عبد الحليم المتعافي في الخرطوم تطاولت معركة التأمين الصحي بالولاية مع التأمين الاتحادي وكان خلالها كل يبرز عضلاته، كما شغلتنا معركة تبعية الشرطة، وشهدت الساحة مؤخراً صراعاً حول اختصاصات الحج والعمرة بين المركز والولايات، وكذلك شهدنا النزاع في الاختصاصات بين وزارة الثقافة الاتحادية ممثلة في المجلس القومي للمصنفات الفنية والأدبية والمجلس القومي للصحافة والمطبوعات ومجالس الولايات.. وبرغم كل هذا لم تتوقف النزاعات أو تجد من يوقفها ويمنع تكرارها من جديد، بالرغم من وجود قانون ودستور يحددان الصلاحيات. ü ولم تسلم أستاذنا د. هاشم حتى وزارتك وزارة الثقافة والإعلام بالخرطوم من تغول وزارة الثقافة الاتحادية، تلك الوزارة البلدوزر التي تجاوزت اختصاصاتها وصلاحيتها وهي تتدخل وتنظم البرامج اليومية بولاية الخرطوم وتقفز من «رَبّة» إلى أخرى وكأنها وزارة ثقافة الخرطوم. ü ولا ندري لماذا لا يتم إخضاع الوزراء عقب كل تشكيل وزاري جديد إلى دورات تشمل التعريف بالقانون والدستور وغيرها.. حتى يفهموا حدود السلطات والصلاحيات وحتى يدركوا أن القيادة السياسية لن تسمح بعراك بين مؤسساتها ولن تسمع بتدخل من الوزارات الاتحادية في عمل الوزارات الولائية، و الكل يجب أن يعمل في حدود سلطاته وصلاحياته دون تغول على سلطات وصلاحيات المستوى الأدنى.. إن الأمر يقودنا للسؤال عن دور المجلس الأعلى للحكم اللامركزي في حسم هذه التدخلات.. ذلك المجلس الذي على رأسه رجل قوي يسنده الدستور والقانون في منع هذه النزاعات ولكنه لم يفعل شيئاً. ü والمدهش أستاذنا د. هاشم ما يقوله د. تاج السر محجوب الأمين العام للتخطيط الإستراتيجي بأنه عندما يتحدث لكثير من القيادات يجدهم يقحمون الإستراتيجية في خطاباتهم ويقولون كما جاء في الإستراتيجية، بينما يتضح له إن أولئك القادة لم يطلعوا على كتاب الإستراتيجية، وكذلك يبدو حال الدستور والقانون الذي تقول الوقائع إنهم لم يطلعوا على أي منهما.. وتؤكد أن الوزير يبدأ عمله باجتهاداته بينما دولة مثل أثيوبيا لا يستلم الوزير الجديد فيها مهامه قبل أن يدخل دورة تدريبية.. دورة في كل شيء حتى لا يضيع وقت الدولة.. ü إن الأمر أستاذنا هاشم بحاجة إلى حماية الحكم الاتحادي من التجاوزات حتى يتصدى كل لدوره ومعلوم أن دور الوزارات الاتحادية المنصوص عليه هو السياسات والتخطيط والعلاقات الخارجية والتدريب. ü هذا التداخل وعدم تحديد الحدود هو الذي أشعل الخلاف الدائر هذه الأيام بين وزارة الخارجية وولاية جنوب دارفور. ü وعدم وجود حامي للحكم الفيدرالي يؤكد تكرار النزاع بين كل حين وآخر ما لم تتدخل القيادة السياسة العليا بالدولة «لتلزيم» الكل حده وفقاً لنصوص الدستور والقانون، وإلا سنقول وسنقول ونصل في النهاية أننا ننفخ في قربة مقدودة، التداخلات والنزاع لا ينتهيان والزمن المهدر في الصراع يطول بينما الشعب يريد أن يرى وزارات اتحادية وحكومات ولائية فاعلة، كلٌ يتحرك ويعمل وفقاً لصلاحياته. ü أخيراً: إننا سنكتب ونكتب وستستمر التجاوزات ما لم تحسم رئاسة الجمهورية الأمر لصالح إنفاذ الدستور والقانون حماية للتجربة.. افعلها سيدي الرئيس حتى لا يكون الحديث عن ضرورة الالتزام بالسلطات والصلاحيات بين المركز والولايات نفخاً في قربة مقدودة.