شن الدكتور الحاج آدم القيادي البارز بالمؤتمر الوطني هجوماً حاداً على الوسيط المشترك لملف دارفور جبريل باسولي، واعتبره منفذاً لأجندة الغرب ولذلك لا يطمئنون لدوره كوسيط، وأن مهمة باسولي ينبغي أن تكون في المقاربة بين وجهات النظر بين الأطراف حتى يتم التوصل لحلول مرضية، وقال د. الحاج إن قول باسولي بوجود إبادة جماعية يجعله جزءً من المحكمة الجنائية الدولية، ويصبح طرفاً في النزاع وليس وسيطاً، واعترف د. الحاج آدم في حوار مطول أجرته معه «آخر لحظة» حول ملف دارفور وتطوراته، اعترف بأن هناك مشاكل حقيقية وكثيرة إلا أنها لا يمكن أن تحل عبر الاتهام الذي لا يؤسس على بينات واضحة، حيث إن موقف الدولة من الجنائية معروف، واضاف د. الحاج آدم أنه إذا حدث تراضي فلا حاجة لهم بالوسيط المشترك، لأنه وحسب وجهة نظره كل الحلول التي جاءت بوسطاء من الخارج لم تدم طويلاً ولم تخاطب جذور المشاكل أو تحل القضايا الأساسية فيها، وأشار إلى أن من يموِّل اليوناميد هو من يقرر في أدائها .. فمعاً لمضابط الحوار: بداية دكتور ما هو تأثير تأمين وإقرار الوسيط المشترك جبريل باسولي في وجود إبادة جماعية بدارفور، فما تأثير حديثه على الملف حيث غضبت الحكومة من صدور عدم الحياد، وما مصير الوثيقة التي تم توقيعها؟! - الحلول لقضية دارفور هي تتمثل في أن تصدر عن أهل دارفور أنفسهم وأهل السودان عموماً، وبالتالي جبريل باسولي ومنذ وقت مبكر قيّمه الناس على أنه ليس محايداً وإنما ينفذ أجندة الغرب عموماً في هذا الملف، وبالتالي نحن لا نطمئن لدوره خاصة بعد هذا الملف الذي أعلنه، و دوره كوسيط ينبغي أن يُفهم بأنه ليس صاحب محكمة لأي من الأطراف وإنما دوره أن يقارب بين وجهات النظر حتى نصل لحلول مرضية، وإن كان قد قال ذلك فهو جزء من ال«ICC» «المحكمة الجنائية الدولية» وبالتالي يصبح طرفاً في النزاع وليس حكماً أو وسيطاً بين أطراف النزاع، ونحن نعترف بأن هناك مشاكل في هذا الملف وكثيرة، ولكن حلها لا يمكن أن يأتي عبر الاتهام الذي لا يؤسس على بينات واضحة، و معروف بالطبع موقف الدولة من ال«ICC» وبالتالي إن كان هو أراد أن يكون منهم فهو كذلك يضاف إلى قائمة ال«ICC» ويظل الأمر في أيدي أبناء دارفور والسودان لكي يأتوا بحل إن شاء الله.. ومع هذا نحن نشكر كل الوسطاء قطر و الدول الأخرى التي ساهمت في هذا الملف.. ولكني شخصياً وأنا لا أتولى هذا الملف أتمنى عودتة إلى أهل دارفور والسودان لكي يقوموا بالحل ونتراضى على ذلك إن شاء الله. وما هي الضمانات لإمكانية الإتيان بوسيط آخر طالما أن الثقة في الوسيط الحالي غير متوفرة؟ - تظل الحقيقة التي أكررها دوماً أن الحل بأيدينا، وإذا تراضينا لا حاجة لنا في أي وسيط مشترك، وكل الحلول التي أتت بوسطاء من الخارج لم تدم طويلاً ولم تخاطب جذور المشاكل وتحل القضايا الأساسية فيها. هل تعتقد أن الحركة الشعبية جادة في عدم احتوائها لحركات دارفور المتمردة لكون مناوي طلب حق اللجوء السياسي بأروبا وهو ما نفته حركته في الخرطوم، فهل تتوقع ثبات سلفاكير، وماذا تتوقع من سيناريوهات لمناوي في التعامل مع النظام في المستقبل؟ - هذا كله يأتي بعد التاسع من يوليو القادم، لأنه لا توجد دولة حتى نتحدث عن لجوء أو غيره ولكن... مقاطعة: هو طلب حق اللجوء لدولة أروبية؟ - يمكن أن يذهب ومن حقه أن يطلب حق اللجوء، وأنا لا اعترض على ذلك، ولكن لا أؤيده ولا أوافق على ذلك، بل العكس أقول له إن يأوي إلى السودان والحل فيه، لأنه كان في لجوء سياسي لفترة قبل ذلك وتلك الفترة أحسب أنها قمة العمل له و لم تثمر إلا ما هو واقع الآن، ولذلك لا فائدة في هجرته وطلبه للجوء السياسي إلا أن كان لأمر شخصي، أما إذا كان الأمر يختص بدارفور فأنا أدعوه مخلصاً إلى العودة للخرطوم ولأهله في دارفور وكلنا نتعاون إن شاء الله لوضع حد لهذه المأساة لأهلنا في دارفور، ولذا طلب اللجوء السياسي أمر يخصه ولا يخدم القضية بأي حال من الأحوال. هل تعتقد أن تنفيذ بند الترتيبات الأمنية لاتفاق أبوجا واستيعاب قوات الحركة ضمن الأجهزة الأمنية والشرطية قد يقطع الطريق أمام أي مجهودات محرضة للعناصر التي انشقت عن حركة التحرير؟! - لا هو في الطريق إلى الحل، ولكنه لا يمثل الحل المثالي، بل نريد أن تأتي كل أطراف النزاع في الداخل تحل القضية برمتها وجزئياتها، ولكن هل ننتظر إلى أن يتم ذلك أم نمضي إلى الأمام فنحن أقمنا الصلاة بالحضور ولابد أن يمضي الأمر كذلك، ولكن لابد من أن يستكمل بحضور جميع الاخوة وانضمامهم لهذه المسيرة، وأنا أقدر أن هذا حل وخطوة متقدمة ولكن بالطبع نحتاج لجهود كثيرة لاستكمالها ونأمل أن نتعاون في ذلك. قلت في بداية حديثك بضرورة اللجوء للحل الداخلي كما أن الحكومة أكدت على أن دور الأممالمتحدة متغلب على الاتحاد الأفريقي في حين أن دكتور غازي قد أكد على أن الدور الذي تقوم به ذات القوات يستحق الثناء لكونها توفر الأمن، فكيف تفسر هذا التناقض في الموقف الحكومي مع اليوناميد وإلى مدى تعتقد أن إيواء هذه القوات لبعض الحركات كما جاء في الأخبار قد يجهض المفاوضات؟ - تظل الحقيقة أن من يموِّل اليوناميد هو من يقرر في أدائها، ومعلوم ما هي الجهة التي تموّل بصفة أساسية قوات حفظ السلام، وما هي الفئات التي تموّل حتى الأممالمتحدة بصفة أساسية ومن هو ال«Big Share Holder». هل تقصد الدول الخمس المكونة لمجلس الأمن؟ - طبعاً وأمريكا في مقدمتها وهي التي تتولى الأمر كله وبالتالي قرارها هو الذي يمضي، ونأمل أن تُفهم المسألة بأن الأممالمتحدة وكل هذه الآلية تتأثر كثير جداً بالقوة المهيمنة على تمويلها وآلياتها وأجهزتها، وبالتالي ليست هناك حيادية بأي حال من الأحوال وبالتالي يأتي من هذا تصرف كل الأجهزة التي لها صلة بالأممالمتحدة وحتى الاتحاد الأفريقي لأنه تحت لواء الأممالمتحدة وهما يعملان معاً في مظلة اليوناميد، وأحسب أن الطريق للأمن في دارفور سوف لن تحققه اليوناميد بأي حال من الأحوال وإن تضاعفت أعدادها آلاف المرات فسوف لن تستيطع تأمين الوضع في دارفور.. وهي لن تُؤمن إلا برضاء أهلها وبتوافق وتراضي بينهم وهذا ما نسعى إليه، وفي الإمكان أن يحدث هذا إن شاء الله. هل تتوقع أن يطالب أهل دارفور بتقرير مصيرهم أسوة بأهل الجنوب؟ - وهل الجنوب طالب أهله بذلك، إذ أنني شخصياً وحتى الآن لستُ مقتنعاً بأن أهل الجنوب هم من طالب بالانفصال، ولكن الحركة الشعبية هي التي طالبت به وسعت له حتى تحقق لها ما تريد، فنحن لسنا في موقف نسأل كيف تحقق ذلك فهذا أمر قد مضى و تجاوزناه، وأنا متأكد أن أهل دارفور لم ولن يطالبوا بالانفصال أصلاً، وقد تكون هناك أصوات من أبناء دارفور تطالب بذلك فهذا ليس جديد، ولكن هذا الأمر بالنسبة لنا في دارفور من الخطوط الحمراء التي لا يمكن الاقتراب منها بأي حال من الأحوال، وهذا ما يفسر الموقف الآن حول الإقليم نفسه لأنه أحد المطلوبات لبعض الحركات في التهديد للمطالب به، ولكن الرأي الغالب في دارفور الآن هو الرفض لمسألة «الإقليم الواحد» هذه لأنه سوف لن يحقق الأهداف وإنما سيخدم الأجندة التي يسعى إليها البعض للمطالبة في مرحلة من المراحل بتقرير المصير، وهناك حقيقة لابد من أن نفهمها وهي أنه قد ضُمِّن في صلب اتفاق الجنوب تقرير المصير واستفتاء أهل الجنوب وتقرير مصيرهم، ولكن نحن لم نضمن ذلك حتى هذه المرحلة وسوف لن نضمنه بأي حال من الأحوال، وإذا أراد أولئك أن يقولوا بالانفصال وغير ذلك فنحن بداية نريد أن نستفتي أبناء دارفور فيما إذا كانوا يريدون الإقليم أم لا ابتداءً.. فإذا قرر أبناء دارفور الإقليم لهم أن يسعوا إلى ما يشاءون، وإذا ما قرروا غير ذلك فسيوصد الباب تماماً أمام هذا الأمر مستقبلاً. أنت شككت في الوساطة المشتركة وقلت كأنما هي أداة لل«ICC»، فإلى أي مدى تعتقد أنها أسهمت في رفع سقف مطالب الحركات وإدخال بنود قلت إنها لا تحل الأزمة؟ - التوقيت نفسه بإعلان نتيجة الاستفتاء في الجنوب وقبول الحكومة بذلك، فكأن جبريل باسولي يريد أن يقول بأننا نبدأ في تصعيد قضية دارفور لكي تلحق بقضية الجنوب ونحن نفهم هذه الرسالة ونفهم جيداً أن بداية التصعيد من جبريل باسولي الذي كان يغطي على مكنوناته الداخلية كل هذه الفترة إلى أن ينجلي الأمر في قضية الجنوب ثم يبدأ في التصعيد في قضية دارفور، وهنالك تحريض كان دفيناً وفي طيء الكتمان عند جبريل باسولي وهو يمثل كل هذه الواجهات التي أتت به، وبالتالي حينما أعلن هذه المسألة في هذا التوقيت بالذات فكأنه يقول.. مقاطعة: هل تعتقد أنه باغت الحكومة؟ - لا لم يباغتها، ولكن الحكومة كان عندها رأي في جبريل باسولي منذ فترة ممثلة في مسؤول ملف دارفور الأخ دكتور غازي كان رأيه واضح في هذا الأمر، خاصة بعد أن أتت الوساطة بأطروحتها ومقترحها الأخير وردت عليه الحكومة بصورة واضحة، وخلال كل هذه المسيرة تبين للحكومة أن دور جبريل هو ليس دوراً فاعلاً بالصورة التي يمكن أن تسير فيه هذه القضية إلى الأمام، بدليل أنه كل هذه الفترة لم يقدم شيئاً، بل هناك تغيير حتى في الأطروحات التي تطرح من وقت لآخر.. وقد تبين الآن أنه كان يضمر هذا الأمر وهو غير راضي عن كل المسألة الماضية، فمن يعترف بالإبادة الجماعية لا يصلح بأي حال من الأحوال أن يكون وسيطاً بين طرفين أصلاً نزاعهما حول هذه القضية. دكتور يقولون إن الحركة الإسلامية قدمت نموذجاً سيئاً في السودان من خلال إقرارها لانفصال الجنوب وهو جزء من البلاد، فهل تتحملون أنتم كإسلاميين مسؤولية انشقاق السودان أم أن هناك حلاً آخر قادم؟ - يحزننا كثيراً أن تنشطر البلد وتنقسم، ولكن لسنا بمعترضين على إرادة أهل الجنوب ولابد أن نؤمن بهذه الإرادة.. مقاطعة: ولكن يعتقد الكثيرون أن هذه الإرادة زُيفت بالنسبة لشعب الجنوب وقد لا تكون حقيقية إذ أن تصويت 5% للوحدة لا يمثل حتى الوزراء هنا وبقية المواطنين في الشمال؟ - وهل يريدوننا أن نقول للحركة الشعبية إنكم زورتم وبالتالي نخوض حرباً من أجل إحقاق الحق؟ أم ماذا يريدون؟ وتقرير المصير لا يستطيع أحد أن يزايد عليه وهو موضوع مُقر من كل القوى السياسية الموجودة الآن.. وما دمنا قد أقررنا في مرحلة من المراحل تقرير المصير فلا بد أن نكون فاهمين أنه قد يأتي بانفصال الجنوب أو الوحدة، وكانت رغبة الناس أن تكون هناك وحدة طوعية وفي ذات الوقت كنا جاهزين لإمكانية أن يكون هناك انفصال، وبالتالي حينما تحقق الانفصال نحن لم نفاجأ به لأن الأمر كان أحد احتمالين إما أن تكون هناك وحدة أو انفصال، والآن أنا مع الانفصال فإذا كانت هناك ثمة وحدة قادمة فيمكن أن تكون هذه الوحدة أقوى من ذي قبل لأنها ستنبني على رضا، ونحن مهما قلنا ولو جاءت هذه الحكومة بالمن والسلوى لبعض قادة الحركة الشعبية لما قبلوا غير الانفصال، ولذا كان هذا أمر مدفوع الثمن قبلاً وهناك جهات خارجية كثيرة جداً تسعى لذلك.