بالأمس.. شهدت مستشارية الأمن القومي برئاسة الجمهورية، ومقرها في حي «غاردن سيتي» بضاحية برّي.. شهدت المستشارية لقاءً نوعياً رفيع المستوي، ضم ممثلين لعدد كبير من الأحزاب السياسية السودانية، بالصحفيين ورؤساء التحرير والإعلاميين في مختلف الأجهزة الإعلامية للبحث في دور المؤسسات الصحفية والإعلامية في إرساء دعائم الحوار الوطني والاستراتيجي.. وقد ذكرت لمن كان إلى جواري في القاعة الفسيحة ونحن ننظر إلى المنصة الرئيسية، إن هذا الجمع الحزبي النوعي لم يتوفر بهذا الحجم والكم إلا داخل المعتقلات قبل أن يتصالح النظام مع خصومه، وعندما كان يؤسس للمرحلة التي عرفت في تاريخنا السياسي ب «التمكين». المنصة التي ابتدر الحديث فيها مولانا السيد تاج السر محمد صالح الذي يمثل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، وهو من هو وزناً وتاريخاً وانفتاحاً على الآخر، ضمت إلى جانبه السادة الأساتذة مصطفى محمود ممثلاً للحزب الاشتراكي الناصري، ومحمود عابدين ممثلاً للجان الثورية، والتجاني مصطفى عن حزب البعث العربي الاشتراكي، وحسن إمام حسن أمين العلاقات الخارجية في حزب الأمة القومي، ومصطفى مجذوب والمهندس أحمد البشير عبد الله عضو الأمانة السياسية بالموتمر الوطني ومفوضه في الأمانة القومية للحوار الوطني والاستراتيجي، وهي سكرتارية عامة تضم كل الأحزاب الحاكمة والمعارضة والموالية، أو ما يسمى بأحزاب الوحدة الوطنية، وهذه مثلها الدكتور الأمين عبد القادر وعددها حوالي الخمسة وثلاثين حزباً تقريباً - لكن غاب حزبان مهمان تساءلت عند مفتتح باب النقاش والمداخلات عن أسباب تغيبهما عن هذه الأمانة، وهما الحزب الشيوعي السوداني وحزب المؤتمر الشعبي.. وعلمت بعد ذلك من الدكتور محمد مصطفى من مستشارية الأمن القومي أن الاتصال بالحزبين المشار إليهما قد تم بالفعل، وتم الجلوس إلى قيادة الحزب الشيوعي السوداني ممثلاً في السادة الأستاذ محمد إبراهيم نقد، والدكتور الشفيع خضر والأستاذ سليمان حامد والأستاذ صديق يوسف، وقد رحبوا بالفكرة وأشادوا بها وقالوا إنها غير مسبوقة، لكنهم طلبوا الرجوع إلى مؤسساتهم داخل الحزب للتشاور ثم عادوا بعد ذلك ليقولوا إن موقفهم مرتبط بموقف آخر - لم يتم توضيحه لنا - وخرجت تصريحات في الصحف منسوبة للأستاذ محمد إبراهيم نقد، يقول فيها إنه لن يحاور مستشارية الأمن.. وانقطع الحوار قبل أن يبدأ.. وإن لم ينقطع الأمل. أما بالنسبة للمؤتمر الشعبي فقد ذكر الدكتور محمد مصطفى أنهم لا زالوا ينتظرون ردهم على المبادرة، ونحن نرى أن الانتظار سيطول طالما كان رئيس المؤتمر الشعبي وزعيمه الدكتور حسن الترابي رهن الاعتقال. حدثت مداخلات عديدة وجاءت بعض مفردات التخاطب حادة كأنما هناك نزاع وصراع ما بين الساسة والإعلاميين والصحفيين، لكن الخطوة كانت مهمة وضرورية، ولازمة.. وتحتاج إلى خطوة أخرى ولقاء قريب كما طالب بذلك الأستاذ محمود عابدين.. نحن نحتاج إلى «طولة بال» في التحاور وإلى عقول مفتوحة، حتى نفهم بعضنا بعضاً.