ü أخي وصديقي العميد يوسف عبدالفتاح من البدريين في الإنقاذ.. ولا ندري لعل الله اطلع من فوق سبع سماوات وقال افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم.. يوسف رجل مخلص وهميم وشجاع حتى أُطلق عليه أول عهد الإنقاذ لقب «رامبو» وكان مهموماً منذ توليه منصب نائب معتمد العاصمة بقضية نظافة وتجميل العاصمة وبدأ بالطرق الصواني حتى قال الناس «صلحتو صواني المرور شوفوا لينا صواني الأكل!!» فالتفت إلى الأفران وكان يطوف عليها ليلاً ليتأكد من أن حصة الفرن من الدقيق قد عجنت وخبزت «فرن فرن وطابونة طابونة» وبالمناسبة فالعقيد القذافي كان شديد الإعجاب بيوسف عبدالفتاح.. قبل أن يقول «زنقة زنقة».. والتزاماً بمقررات مؤتمر العواصم العربية فقد أمر يوسف عبدالفتاح بطلاء المحال التجارية باللونين الأبيض والأخضر.. فقال الناس «الجبهجية عندهم بوهية خضراء بايره!!» واستعان يوسف في أداء مهامه بالكثيرين ومنهم اللواء الفاضل البشاري الذي حارب أكياس البلاستيك بفكرة بسيطة.. وهدد يوسف عبدالفتاح التجار الذين حاولوا إخفاء السلع وإغلاق المحلات بقوله «من أراد أن تثكله أمه فليغلق دكانه» ومن هنا جاء لقب «رامبو» وكان السكر بالأوقية والبنزين بالصف أيام وليالي والدقيق كان يكفي مخزونه البلاد لشهر واحد والاحتياطي من النقد الأجنبي في بنك السودان كان مائة ألف دولار».. حيوا معي صابر محمد الحسن الذي لم يجدد عقده بعد عقد ونصف من الزمان في قيادة بنك السودان الذي غادره وهو يئن بمليارات الدولارات اليوم.. والسلام مطبوق لعوض الجاز الذي جعل كل هذا ممكناً.. وشكراً عظيماً للإنقاذ وللبشير وللشعب السوداني البطل الذي صبر وصابر ورابط حتى رأي ثمرة صبره وفرة.. رغم غلاء الأسعار.. وما في حلاوة من غير نار. ü العميد يوسف عبدالفتاح خريج مصنع الرجال وعرين الأبطال ومعلم التربية البدنية في الكلية الحربية والمحارب القديم في مسارح العمليات والوزير الهمام في الشباب والرياضة عهد إليه في عهد عبدالرحمن الخضر.. بهيئة ترقية السلوك الحضاري والتي يفهم من اسمها أنها تستهدف أول من تستهدف ببرامجها الإنسان فالرقي والمسلك المتحضر من صفات الإنسان المتعلم المثقف السوي.. ولا علاقة البتة بين ما تقوم به هيئة ترقية السلوك الحضاري بولاية الخرطوم وبين اسمها.. فلو كان اسمها هيئة تجميل العاصمة لوافق عملها اسمها وحتي لا يغضب عليَّ أخي يوسف وللرجل غضباته المضرية وإن كان ينطوي على قلب طفل براءة وتسامحاً.. وهو من قبل ومن بعد صديقي الحميم الشئ الذي يحتم على قلمي مصارحته.. وسؤاله.. ما هي علاقة السلوك الحضاري وترقيته بإقامة «السلوك» الأسلاك الشائكة حول الحدائق العامة والمتنزهات وإغلاقها بالضبة والمفتاح؟؟ وكيف نرتقي بالسلوك الحضاري بطلاء التلوتوارات ودهان المصطبات؟؟ وما هي العلاقة بين السلوك الحضاري وزراعة أشجار النخيل العجوز الذي يتمايل سفاهة كما قال المرحوم الشاعر مصطفى سند؟ وكم هي قيمة النخلة الواحدة؟ أصحيح هي مليون جنيه تدفع لصاحب المزرعة عن النخلة الواحدة بعدما جنى ثمارها سنين عدداً ويبيعها للهيئة لتموت بعد زراعتها بقليل؟؟ ü وأنا لا أريد التركيز على الجانب المادي وأوجه الصرف.. لكنني أتعجب فقط من وجود هيئة لترقية السلوك الحضاري وأفتقدها في ترقية سلوك المواطن عند وقوع حادث مروري.. فقد كنا في السابق نتجمهر في مسرح الحادث بدافع المروءة وإنقاذ المصابين أو لفض النزاع بين طرفي الحادث أو لمجرد الفرجة.. ونضيِّع بذلك على المحققين أهم المعالم التي يمكن أن تقودهم إلى كشف أسباب الحادث.. لكننا اليوم أصبحنا نتجمهر ونقطع الطريق ونعطل حركة السير ونقيم الصيوانات ونطالب بجلب الوالي لمكان الحادث حياً أو ميتاً!! ونسيِّر المظاهرات.. وفي بعض الأحيان نعتدي على السائق ضرباً حتى الموت!! ومن العجب أن يرضخ المسؤولون لهذه التجاوزات فيقدموا التنازلات ويغيروا المسارات بمزاج المواطنين.. لا بالدراسات المتأنية والحلول العلمية والعملية بل ولا نحاسب من تسببوا في تعطيل حركة المرور.. وإزعاج السلطات.. وإزعاج السلطات مادة في قانون الجنايات.. ولا مش كده يا أهل القانون شرطة ونيابة؟؟. ü أين وسائل ترقية السلوك الحضاري؟؟ والسؤال ليوسف عبدالفتاح من إعلام وتوجيه وندوات ومسابقات وبرامج وحملات تثقيفية.. وبلادنا ملأى عن أخرها بالخريجين والمبدعين العاطلين عن العمل والذين يمكن أن تستوعبهم برامج الهيئة المعنية بالسلوك الحضاري.. قال لي أحد الأجانب في إحدى الشركات الفندقية التي عملت في بلادنا إنهم استوعبوا ثلاثمائة شاب وشابة للعمل في الضيافة الفندقية وكانوا في أوائل فترة تدريبهم يتخاطفون صناديق الوجبات التي تقدم لهم وهم يتزاحمون ويتصايحون.. ثم اكتشفوا أن الصناديق محسوبة على عددهم ومحتوياتها متشابهة ومتطابقة تماماً.. فكفوا عن المزاحمة والخطف والصياح.. وأصبحوا يتناولون صناديقهم بهدوء ويعيدون بقايا الطعام إلى الصندوق ثم يغلقونه بإحكام ويضعونه بنظام!! ترقية وسلوك حضاري أليس كذلك.. ولا أريد أن ندخل كل السودانيين لفترة «كونفوي منت» حتى يتعلموا الحديث ولبس القميص كما في الكلية الحربية.. ومسؤولين من الخير أين حاويات القمامة برتقالية اللون بعدما صفدت بالطبلة والجنزير؟ بل أين تلفونات الشوارع التابعة لسوداتل وسلامات يا سلوك يا حضاري. وهذا هو المفروض.