عبر وسائل الإعلام وعقب عودته من رحلته الاستكشافية للدوحة أعلن الدكتور غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية ومسؤول ملف دارفور عن عزم الحكومة اجراء استفتاء حول مشكلة الاقليم الإداري الذي تطالب به الحركات المسلحة المفاوضة وبين إبقاء الوضع الإداري في إطار نظام الحكم القائم والابقاء على الولايات دون إحداث مستوى آخر للحكم بين الاتحادية والولايات. اتخاذ قرار اجراء الاستفتاء جاء بعد أن ترددت الأنباء عن اتفاق وشيك بين حركة التحرير والعدالة وبين الحكومة السودانية، من خلال الورقة التوفيقية التي قدمتها الوساطة المشتركة للطرفين وقرار عودة الوفد الحكومي للدوحة عقب الانسحاب من المفاوضات، وبعد عودة مسؤول الملف من الدوحة ورفض حركة التحرير والعدالة لبعض المقترحات المقدمة من الوساطة خاصة في مسألة الاقليم، ثم دخول حركة العدل والمساواة لحلبة المفاوضات، بعد وصولها إلى تفاهمات مع حركة التحرير والعدالة بقيادة التجاني سيسي لمواصلة التركيز على القضايا الخلافية بغرض الالتفاف الممنهج على الوفد. الأحداث المذكورة والتطورات التي أشرنا اليها آنفاً هي خلف موقف مسؤول ملف دارفور وسعيه لدحرجة الموضوع لأهل دارفور، بدلاً من مواجهة الحكومة للفصائل لوحدها، والاستناد لاتفاقية أبوجا المضعضعة للأخذ بنص الاستفتاء حول الاقليم، أيضاً مما تم نقله في عدد من الصحف صباح الأحد الماضي عن حديث الدكتور/ غازي في مجلسه الاستشاري بقاعة مؤتمرات مركز الزبير، أشار إلى يأس الحكومة من محور المفاوضات مع الحركات المسلحة، وعبَّر عنها مسؤول الملف بسوق البطيخ، وأيضاً ما تناقلته بعض الصحف قوله بأن الحركات المسلحة لا تهتم بقضية في دارفور، ولكنها تسعى للوظائف والغنائم وأن الحكومة سوف تتحمل مسؤولياتها تجاه المواطنين في دارفور، وهذا الموقف يصب في اتجاه الموقف السابق بعودة الوفد الحكومي إلى الخرطوم، وإعلان أن الحكومة لن تتفاوض إلى ما لا نهاية. قلنا إن الوفد الحكومي أدخل لاعب الاحتياطي الاستراتيجي- وهو أهل دارفور- لاجراء استفتاء حول الوضعية الإدارية للإقليم وتغليب رأيهم. وفي تناولنا لموضوع الاستفتاء حول بقاء الوضع الإداري لولايات دارفور على ما عليه أو الاستجابة لطلب مستوى حكم اقليمي أكثر صلاحية من السلطة الانتقالية التنفيذية الحالية، فإننا نستند إلى مرجعية اتفاقية ابوجا عام 2006م والتي أشارت لاستفتاء أهل دارفور بعد عام من استفتاء تقرير المصير لجنوب السودان، وبما أننا الآن نواجه-حسب قرار الحكومة- تنفيذ الاستفتاء خلال الشهور الثلاثة القادمة فإننا نسجل بعض الملاحظات وهي: أولاً: أن الخلاف بين الوفد الحكومي والحركات الدارفورية المسلحة حول الوضع الإداري لدارفور قد انسحب إلى المجتمع الداخلي لأهل دارفور، وهناك استقطاب جغرافي وأثني حول الإقليم، فبينما غالبية أهل ولايتي شمال وغرب دارفور ممثلة في منظمات المجتمع المدني مثل مجموعات المبادرات ومجالس الشورى القبلية يقفون إلى جانب الإقليم، وتعضيداً لهذا الموقف سجلت مجموعة هايدلبيرج من المثقفين وأساتذة الجامعات موقفهم بدعم مطالبة الإقليم، بينما معظم ولاية جنوب دارفور ومنظمات المجتمع المدني لهذه الولاية تقف ضد الاقليم على فرضية المكاسب التي وجدها المواطنون في تقصير الظل الإداري وتنمية عواصمالولايات والمحليات. ثانياً: مخاطر الاستقطاب السياسي والأثني في ولايات دارفور، وتحرك بعض الحركات المسلحة ممثلة في فصيل العدل والمساواة وجيش تحرير السودان بقيادة مني اركو، إضافة إلى التداعيات الأمنية المتوقعة في منطقة دارفور، نتيجة للأحداث الجارية الآن في الجماهيرية التي قد تعيد المنطقة إلى ما كانت عليه إبان الحرب التشادية التشادية والحرب الليبية التشادية.