رصد: غادة أحمد عثمان تصوير: سفيان البشرى استضافت (آخر لحظة) في منتداها الصحفي أمس الأول الهيئة الشعبية لتنمية دارفور ومركز دراسات السلام «مدد» في ندوة كبرى حول السلام في دارفور حيث حظيت الندوة بحضور نوعي بارز وتبارى المتحدثون في تشخيص دقيق للأزمة المعروفة والتي تشكل عبئاً ثقيلاً على حكومة الخرطوم بحكم تجذّر القضية وتشعبها مما أفرز حلولاً جزئية أقعدت بالقضية لأسباب أجملها المتحدثون ضمن كلماتهم. أبان د. التجاني مصطفى بأن أبوجا اتفاق قائم وتم بموجبها قيام سلطة انتقالية في دارفور لها رئيس بالإنابة وبقية المفوضيات عاملة وفاعلة، ولا يمكن لحكومة السودان أن تتنكر الآن لاتفاقية أبوجا لتنطلق لاتفاقية أخرى يمكن أن توضع جانباً وتعتمد ثم تضاف إليها اتفاقيات أخرى، ولكننا لا نستطيع أن نلغي اتفاقية أبوجا التي تنادي بهذا الأمر، ولذا مطلب الإقليم الواحد لدارفور أمر حسم بواسطة الاتفاقيات التي تمت ولا نحتاج لأن نطيل أمد الحرب لازدياد معاناة أهلنا في الأحراش، وأما منصب نائب رئيس الجمهورية فهو واحد من المطالب التي يتمسك بها الإخوة في حركات دارفور التي تفاوض وفد الحكومة في الدوحة، ومن حقهم أن يطالبوا بذلك، و لكن شعب دارفور لم يطالب بهذا، وإذا كان الأمر كذلك فكثير من هذه المسائل طرحت في الساحة الدارفورية ووصل الناس لقناعات بأنه يمكن المطالبة حتى بمنصب رئيس الجمهورية بدلاً من المطالبة بوظيفة محددة وبصلاحيات محددة، ولذا كلنا نتحدث من خلال أحزاب سياسية وهي في إداراتها وتمثيلها ينبغي أن يكون متوفراً في أي تنظيم سياسي حتى لا نطالب بمنصب نائب رئيس ونحن لا نملك هذا المنصب في الأحزاب السودانية، ولذا المسألة من بعضها، و إذا ما ازدادت المعاناة كل يوم في المعسكرات و أهلنا في اللجوء و نحن نتحدث بمرارة لأن من يموتون هم أهلنا بسبب تطاول أمد الحرب، ولذلك لا نود أن تكون تلك النقاط الخلافية هي التي تضيع الثمار ومجهود سنوات دون الوصول لحل مرضي لأهل دارفور. ü ويرى السفير الشفيع أحمد محمد سفير السودان السابق بإيران و أحد القيادات الإسلامية أن القضية تمثل كمن بنى منزلاً جميلاً بدون أن يحفر له بئر السايفون ولا يستطيع أحد أن يسكن فيه وهو يساوي 99% والنسبة هذه بلا معنى، وإنما المعنى هو القيمة وهناك شيء لا يذكره الناس وهو مهم جداً وهو «الترتيبات الأمنية»، وهي إحدى النقاط التي لم يصلها الناس، ولكنها واحدة من النقاط التي ستكون خلافية بين الناس وينبغي الاهتمام بها وكيفية تحديد توقيت الاحتفاظ بالجيش بالنسبة للحركات وأين سيتم تسكينهم، ولذا لا اعتقد أن نقاط الخلاف فقط اثنين بل ثلاثة إذا ما شطبنا مسألة التعويضات هذه كما قال دكتور تجاني، والحكومة غير مختلفة حولها.. و فيما يختص بمنصب نائب رئيس والإقليم الواحد وأنا من أنصاره فهو الأفيد لدارفور والسودان كله، والأفضل أن يعود لمسألة الأقاليم هذه ثم تبدأ الولايات في عملها بقوة دستورية قليلة جداً وتحوَّل المحليات لخدمة المواطنين عبر الضباط الإداريين بدلاً من تحويل كل الميزانية للمعتمد و«بنزينه وضيوفه»، و لكن لا اعتقد أن تأييد الإقليم الواحد يمكن أن يجعلني أشق الجيوب وأضرب الخدود، وأنا أرغب فيه بدون استفتاء لأن الاستفتاء هو تكريس لتشتت أهل دارفور وهذا الإسفين لفترات طويلة جداً بينهم، ولذا أي حديث عنه هو عبارة عن دق إسفين بين مكونات أهل دارفور، وأبوجا لم تحل المشكلة و إلا لما كان الناس في الدوحة الآن، و لذا التمسك بها هو موقف غير سليم وأبوجا جاءت بأناس ولا نريد أن يعودوا للحرب مرة أخرى، والأشياء التي لم تنفذها أبوجا ينبغي أن تتم لأنها حملت الناس على مواصلة حمل السلاح مرة أخرى، وإذا أردت إجبار الناس على ذلك فهذا تغيير لقواعد اللعبة، ونحن لا نريد ذلك وإذا قمنا بعمل الاستفتاء فمعناه أننا نقول لحاملي السلاح اذهبوا أينما تريدون ونحن لا نريد الحرب وينبغي إيقافها باتفاق مع كل الناس وحتى إذا ضغطنا على هؤلاء الناس ووضعوا البندقية من أيديهم فمن الذي سيضع البندقية الموجودة في القلب؟! ولذا لن يضعها إلا حل عادل مرضي للناس، ويفترض أن نفكر في الحل الذي يزيل الإحن والأمراض الموجودة في القلب حتى نسير إلى الأمام.. وأنا مع الرأي الذي يقول بأن أي حل بدون استيعاب ومشاركة إخواننا في الحركات المسلحة هو تأجيل للمعركة وبأدوات أخرى ولذا التقليل من الحركات شيء لا يمكن أن نعتمد عليه، و صحيح أن المجتمع الدولي منشغل ومتراخي عنا ولكن غير ناسي للقضية، ولذا ينبغي أن نستغل مسألة انشغال المجتمع المدني هذه ونقول إننا وبإرادتنا تنازلنا عن كذا واتفقنا على كذا عبر الحوار لأن قيمته ليست في التوقيع وإنما الالتقاء بالنقاش في نقاط الخلاف.. وليس الحل عبر وسيط يأتيك بورقة ويقول لك «take it or leave it»، بل مهم جداً النقاش حتى نعيد الثقة فيما بيننا ونسير للأمام، ولذا إذا بقى الإقليم ينبغي أن يكون بالتراضي لأهله وليس بالمغلوب والغالب، وما لم ننفذ هذه المطلوبات سنضطر لإعادة المسألة من وقت لآخر ولذا الاستفتاء يعقد القضية أيّما تعقيد. وأضاف سعادة السفير بالقول إن هناك فهماً مغلوطاً، وهو أن البعض يعتقد بأن أهل دارفور إذا طالبوا بمسألة الإقليم هذا، فالبقية سيحذون حذوهم وسبق في كنانة أن قال الدكتور أحمد بلال مستشار الرئيس إن دارفور إذا منحت أقليماً فكلنا نريد ذلك في كردفان، ولذا نحن في مرحلة إعادة بناء وترتيب السودان وعلينا أن نتفاوض فيما يجري بعقلية مفتوحة حتى نصل لإهدافنا حتى يتم استيعاب كل الناس فلا يضطر البعض لحمل السلاح، ونحن في السودان الشمالي محتاجون لعقد اجتماعي جديد، وإذا سألنا سنجد أنه لا توجد ولاية ليس فيها أناس غاضبون، وحتى ناس الإقليم الأوسط يريدون تنظيم حركة تمرد وهي منطقة نعتبرها جنة البلد وفي الشمال الأقصى وفي الخرطوم هنا كل يوم نكتشف أسلحة وذخائر ولذا أشكال عديدة تجعل الناس يتمردون، وعلينا التفكير في الحل الكلي لمشكلة السودان، وهو كله جسم مريض وتمثل قضية دارفور المسبب الرئيسي لارتفاع ضغط الدم له، وبلادنا مريضة بالكثير من الأمراض ولم نعالجها حتى اليوم بالصورة الصحيحة، ولكن إذا أردنا ذلك فلا بد من نزع فتيل التوتر في دارفور حتى لا يموت ذلك الجسم، لأنه إذا تم نزع فتيل التوتر ستكون هنالك إعادة ترتيب في العلاقات حتى مع المجتمع الدولي وإلا لن تكون هناك جدوى.. وحتى تحل قضية دارفور لابد من تأسيس الإرادة الحقيقية بعيداً عن المخاوف والهواجس، وأنا أغضب عندما يقول لك البعض إن أهل دارفور إذا عملوا إقليماً واحداً فهذا تمهيد للانفصال ولكن لماذا ينفصلون؟! وفي ذات الوقت تأتي المأساة عندما يستمر هذا المنطق فسيأتي آخرون ويقولون لك إذا لم نُمنح صفة الإقليم فنحن نريد الانفصال وسنضطر لمواجهتهم ونحارب وهكذا، ولذا ينبغي أن نبرئ أنفسنا من الشكوك والهواجس والتقارير التحتية حتى تخاطب الدولة القضايا بأخلاقية والمعلومات تتاح لها، ولذا علينا التفكير في إرادة سياسية قوية وهذا لن يتوفر بدون أهل دارفور والحركات، ولذا لابد من توحد هذه الحركات لتحقيق السلام وليس للحرب، وهذا ممكن والناس يقولون إن عبد الواحد ومناوي لن يأتوا وهذا ليس تحدياً، ولكن إذا توفرت إرادة سياسية فسيأتون، وإذا توحد أهل دارفور فمن ينفصل عنهم لن تكون عنده أي قيمة، ولكن يبدو أن إرادتنا في توحيد الحركات غير مطلوبة ولذا التوحيد لها مهم جداً وهو خطوة في طريق الحل وبعدها نتعامل مع المجتمع الدولي بلا خوف ونحن نتنازل له حالياً أكثر من تنازلنا لأهل دارفور وهذا يبتزنا، وعندما ننفذ لهم ما يطلبونه يكونون سعداء وراضين عنا، وأتذكر ما قاله السيد الرئيس في وقت سابق: إن الأمريكان إذا قالوا إنهم راضون عنا فهذا معناه أننا نسير في الاتجاه الخطأ ولذا لا ينبغي أن نسعى لإرضائهم، ولكن علينا في ذات الوقت اتقاء شرهم.. و الحل إذا تم بشكل مرضي للشخص الذي قُتل والده أو ابنه أو حرقت محاصيله أو هُجِّر من منطقته وعندما يصل كل هؤلاء الناس لحل مرضي ومعقول فلا رئيس سيذهب لمحكمة ولا خلافه، لأننا نكون قد أغلقنا الملف نهائياً وسنفتح ملف الوطن وإلا سيكون أول الضحايا لأن المواطنين سيفرون إلى أوطان أخرى. ü وقال الدكتور فاروق أحمد آدم القيادي البارز: إن أهل دارفور متوحدون، وهم شكلوا الهيئة الشعبية لسلام دارفور، وهي طرحت بدورها رؤى ومناهج وآليات لتحقيق وحدة المنطقة بمخاطبة القضية من جذورها وسيكون هناك تواصل في الفترة القليلة القادمة مع أهل دارفور والحركات، ووحدة أهل المنطقة ستشكل عموداً رئيسياً لتحقيق السلام، وكذلك موضوع الثقة إذ أن هناك قلقاً لمستوى تآكل الثقة بين أبناء دارفور والحكومة لأن هناك فهماً يقول بضرورة الاحتراز من أي شخص من دارفور، وهذه المسألة ظاهرة على مستوى الدولة إذ أن هناك محاولة لعزل أهل دارفور من المواقع المختلفة في الدولة بصورة منهجية، وبالتالي هذا خطر شديد جداً، وهذا يعمقه منهج الوساطة إذ أن الذين يتولون الملف عليهم تغيير منهجيتهم وذهنيتهم التي يعملون بها.. وخير مثال لذلك أن الدكتور غازي صلاح الدين وعندما جاء من الدوحة وقبل أن يشرح لنا ما حدث هناك «طوالي فك» موضوع الاستفتاء هذا ثم جاءت مسألة الولايات ولذا اعتقد أن هذه ذهنية وعقلية تسعى إلى دق إسفين كما قال السفير الشفيع وفتح باب جهنم آخر في دارفور، وأقول بمنتهى المسؤولية إن هذه المسألة قد أحدثت ضرراً بالغاً جداً في الثقة بين أبناء دارفور والدولة.. وأنا أناشد الأخ رئيس الجمهورية من هذا المنبر أنه وحفاظاً على دارفور والسودان ولمصلحة المؤتمر الوطني يجب أن يستدرك هذه المسألة، لأنه بهذا المنهج لن يتحقق سلام ولا يقع تراضي وتوافق بين أهل السودان ودارفور، ولذا السلوك الذي تم من الدولة في الأرض قبل ستة أيام إضافة لما قاله أمين حول مشاركة أهل دارفور في ليبيا وهذا تصريح من وزارة الخارجية، وإذا أضفنا له ما حدث بين كاشا والخارجية وما بين كبر واثني عشر وزيراً اتحادياً، فهذه ظاهرة خطيرة جداً وهي ظاهرة عدم الثقة في أجهزة الدولة من قبل أبناء دارفور وعلى رأسهم الذين ينتمون للمؤتمر الوطني، لأننا شهدنا اجتماعات داخلية وحدث فيها ما حدث.. وإذا راهن شخص على فرقة أهل دارفور وتشتيتهم والإتجار بهم فهذا عهد قد ولى تماماً، ولذا ينبغي أن نعقد العزم ونوحد الجهود كلنا كأبناء لدارفور والحكومة وكل أهل السودان حتى نتجاوز هذه الأزمة، لأنها يمكن أن تضحي بالبلاد كلها، وأنا أحب أن أختم حديثي بمناشدة الرئيس للتدخل. ü ويتفق الأستاذ الطيب إبراهيم عيسى أحد أبرز قيادات دارفور مع من سبقه، خاصة ما قاله الدكتور فاروق وله مبرراته، إذ يقول إن الدكتور فاروق كان أحد أوائل الذين تمردوا على الجبهة الإسلامية عام 1987م وآنذاك كنا نعتقد وبسذاجة أنه نسي التربية الإسلامية التي تعلمناها في وقت سابق وان كلنا من آدم وآدم من تراب وما ظل يردده الإسلاميون دوماً، وشعر د. فاروق أن مسألة الإخوان المسلمين كانت إطار عام و القضية هي أنه ليست هناك إرادة لحل مشكلة دارفور . و د.تجاني وهما من الحزب فأشك أن تكون لديهم الجرأة لقوله داخل اجتماعات الحزب، ولكن هل هناك من يستمع إليهم وهل مكانتهم مقدرة فيه ويحتفظون بها؟! فأنا أشك في ذلك و اعتقد أنهم من المهمشين داخل الحزب ومن غير المرضي عنهم، وإذا أردت أن تكسب المؤتمر الوطني وحكومته ونوابه عليك أن تنفذ حرفياً ما تمليه عليك مراكز القوى فيه وإذا تجرأت فأنت غير مرضي عنك، وهذه هي المشكلة الحقيقية، وأهل دارفور لا يختلفون في رؤيتهم العامة لها وهم من صنع السودان . ... نواصل ------------------------------------------------------------------------ ------------------------------------------------------------------------