هل دخلت دارفور حقبة جديدة من الصراع بعد إعلان إعادة تقسيمها لولايات جديدة؟ وما هي الآثار وظلال الأحداث في الجماهيرية الليبية على الحرب والسلام في دارفور ؟ وما صحة الأنباء التي راجت عن دخول حركة العدل والمساواة كطرف داعم للعقيد القذافي في مواجهة الثورة الشعبية التي كادت أن تقتلع نظام القذافي؟ وأين وصلت قضية جناة حادث تبرأ في رمضان من العام الماضي؟ وهل تم تقييد الحادث ضد مجهول؟ أم لا تزال السلطات تبحث عن الجناة؟ أسئلة بعدد الحصى وضعتها آخر لحظة على طاولة الأستاذ عثمان محمد يوسف كبر والي شمال دارفور .. عثمان كبر شخصية مثيرة للجدل السياسي داخلياً وخارجياً، عرف بالصرامة والشدة مع الأجانب والمبعوثين، والتواضع الجم مع أهل دارفور، يلقبونه «بالسلطان» ويدمغه خصومه «بالإبليسية»، ولكنه يظل يحظى بثقة القيادة العليا في الدولة وبثقة قاعدة عريضة من أهل دارفور. فإلى إفادات عثمان كبر: أخي الوالي هل للأوضاع الحالية في ليبيا ظلال وتأثيرات على واقع دارفور؟ -طبعا شمال دارفور هي الولاية التي تجاور ليبيا وتتصل بحدود طويلة جداً مع ليبيا، والمعبر الرئيسي من الكفرة يمر بشمال دارفور، وعدد السودانيين في ليبيا حوالي 750 ألف نسمة وهؤلاء 60% منهم دارفوريون وأكبرهم عدداً من شمال دارفور، تلقينا اتصالات من القنصل السوداني في الكفرة كما تلقينا اتصالات من عدد كبير من أبناء السودان في الكفرة والمدن الليبية يطالبون بالاستعداد لاستقبال أعداد كبيرة في مليط، ومن جهتنا تم تكوين لجنة وآلية لمتابعة أوضاع السودانيين بليبيا وتم الإعداد لاستقبال العائدين ومقر اللجنة في المالحة بشمال دارفور ومليط والفاشر.. ولدينا مندوب في الخرطوم على صلة باللجنة العليا في الخرطوم وحتى اليوم لم تصل أفوج كبيرة باستثناء 4 سيارات وصلت مليط قبل يومين، لكن المعلومات التي بطرفنا هناك أعداد كبيرة من السودانيين في الصحراء وعدد آخر في الكفرة، ومعظم السيارات التي تأتي عبر كرب التوم تتوجه لدنقلا، وقد طلبنا من اللجنة أن تتوجه السيارات القادمة من ليبيا إلى مليط لأن أغلب العائدين من أبناء دارفور ولاداعي لنقلهم لدنقلاوالخرطوم. ما هي آثار الأزمة الليبية على واقع دارفور؟ -الأثر كبير جداً، فأي وضع فوضوي في ليبيا وحدوث حالة سيولة وفقدان السيطرة ستتأثر بذلك دارفور سلباً بانتشار السلاح مجدداً بصورة كثيفة جداً، والمتمردون يتصيدون الفرص ليتزودوا بالسلاح والذخائر، وهذا سوف ينعكس سلباً على أوضاع دارفور، ولابد من خطوات جادة جداً من الأجهزة الأمنية تجاه ما يحدث في ليبيا ومراقبة الأوضاع بدقة، والحدود بيننا وليبيا مفتوحة وهناك تواجد للحركات المسلحة على الحدود وهي يمكنها أن تستفيد من الأوضاع المضطربة.. وإذا استقرت الأوضاع وذهب النظام في ليبيا فإن ذلك من شأنه ترك آثار إيجابية على دارفور لأن كثيراً من الحركات المسلحة تحظى بالدعم الليبي الذي يشكل قاعدة خلفية لإمداد المتمردين بالسلاح . إذا سيطر القذافي على الأوضاع في ليبيا ماذا تتوقع؟ -أي سيطرة على ليبيا واستقرار فإن ذلك ينعكس إيجاباً على الأوضاع في دارفور ما دام هناك سيطرة وحكومة قابضة، فالفوضى التي يمكن أن تصبح سبباً في دعم المتمردين ستتلاشى. ترددت معلومات عن استخدام بعض أبناء دارفور في الحرب الليبية لصالح العقيد القذافي ماصحة ذلك؟ -لم يثبت لنا حتى اليوم صحة تلك المعلومات، سمعنا أنباء شفاهية وشاهدنا بعض الشواهد في القنوات الفضائية، ولكن لم يثبت لنا بالمعلومات الموثوق بها ضلوع سودانيين في أحداث ليبيا بالوقوف في صف القذافي. قلت إن عودة السودانيين تتم عن طريق كرب التوم دنقلا من بدَّل الطريق وغيَّر مساره؟ -هذا السؤال لم نجد له إجابة، والإجراء الطبيعي أن يتركوا للناس حرية المدن التي يريدون الذهاب إليها.. ويبدو أن البعض يعتقد أن الأوضاع في دارفور غير آمنة وقد يتعرض العائدون لبعض الضرر، وفي نظرنا أن يترك للناس حرية الحركة فأغلب العائدين من ليبيا هم أبناء دارفور خاصة مليط والمالحة. هل للحكومة استعداد لتقديم مساعدات لتدفقات كبيرة من العائدين؟ -كل ما نستطيع فعله كولاية قمنا به تم تكوين لجنة لها ذراع صحي وآخر إنساني والإيواء والحصر والترحيل. وكم يبلغ المال المرصود لمجابهة العودة؟ -رصدنا مبلغاً مالياً من إمكانياتنا المحدودة وحتى اللحظة لم نتلقَ دعماً من الحكومة الاتحادية. وإمكانياتكم هل تفي بحاجة العائدين؟ -لا..لا إمكانيات شمال دارفور ضعيفة ولا نستطيع مواجهة تدفقات كبيرة للعائدين و قطعاً نحتاج لدعم مركزي.. لماذا اتخذت الحكومة ردة فعل باتجاه مغاير لمطالب الحركات المسلحة بالإقليم الواحد وأعادت تقسيم دارفور لخمس ولايات؟ وما هو أثر هذا المشهد على الأرض؟ -على الأرض هناك رغبة حقيقية من سكان المناطق التي أنشئت فيها الولاياتالجديدة .. الحكومة وعدت الناس من قبل بزيادة عدد الولايات لأن المبادرة بزيادة الولايات نبعت من أهل دارفورأنفسهم مثلا زالنجي وما حولها من محليات هي من طالب بقيام الولاية، ومنطقة الضعين أيضاً طالبت بالولاية، وذلك يؤكد أن رغبة المواطنين هي الأساس، ثم جاء مؤتمر كنانة وطالب أيضاً بزيادة الولايات ثم تم تشكيل لجنة فنية وجلست مع المواطنين وأسفرت توصيات اللجنة بإنشاء ولايتين، بل البعض يعتقد بأن هناك تأخير في إنشاء الولاية سواء في غرب أو جنوب دارفور.. نعم هناك قيادات لها رأي برفض زيادة عدد الولايات ،وإجماع الناس مسألة مستحيلة.. وأغلب سكان الضعين وزالنجي مع قيام الولايات. القرار اتخذ كرد فعل لمطالب الحركات المتمسكة بالإقليم؟ - في نظري المسألة ليست كذلك، لكن الدعو للإقليم لها ارتباط باتفاقية أبوجا.. عملياً اتفاقية أبوجا يفترض أن تنتهي في 11 أبريل القادم حسب نصوص الاتفاقية والتي حددت إجراء استفتاء لأهل دارفور حول الإقليم في غضون عام كحد أقصى من إجراء الانتخابات، بالتالي عامل الزمن مؤثر جداً، واعتقد أن الدعوة للإقليم أو رفضها يجب التحاكم فيها للشعب من خلال استفتاء دارفور. وهل المناخ العام مواتٍ لإجراء استفتاء في دارفور؟ نعم مواتٍ وحينما جرت الانتخابات كان المناخ أكثر تعقيداً من الوضع الراهن. الاستفتاء يفترض حياد الدولة تجاه خياري الإقليم ونقيض الإقليم هل هذا متاح الآن؟ -نعم .. هما أصلاً سؤالان: إما لا أو نعم!! أبوجا ماتت بخروج مناوي؟ -لا أبوجا لاتزال على قيد الحياة.. أبوجا لا تزال على قيد الحياة، مناوي خرج هذا صحيح ومعه بعض الأشخاص هذا صحيح، لكن حركة تحرير السودان موجودة الآن.. قيادة الحركة هي التي خرجت ولم يتبقى شيء؟ لا.. الموجودون أيضاً رموز وقيادات هم قيادات وليس قيادة الحركة؟ -القيادة ليست في شخص وحيد.. مني أركو مناوي صحيح هو رئيس الحركة، ولكن قبل مناوي كان رئيس الحركة هو عبد الواحد محمد نور، خرج عبد الواحد عن الحركة وجاء مناوي، والآن يتولى القيادة مصطفى تيراب الذي كان الأمين العام للحركة وعيسى بحر الدين كان رئيس برلمان الحركة «مجلس التحريرالثوري»، صحيح جزء من القيادات والرموز خرجت، ولكن الأغلبية موجودة والاتفاقية لم تمت. لكنها لم تحقق على أرض الواقع طموحات؟ أبوجا حققت درجة معقولة من السلام على الأرض، قبل أبوجا 5/5/2006 وهو تاريخ التوقيع، قبل ذلك كانت الوضاع الأمنية سيئة جداً، ولكن بعد أبوجا استقرت الأوضاع.. المشاركة في السلطة والنشاط الاجتماعي كان لذلك أثر كبير جداً.. أبوجا لم تحقق كل المطلوب، ولكن حققت بعض المطلوب. أين وصلت لجان تحقيق أحداث تبرأ؟ هي شأن عدلي إجراءاتها دخلت أضابير الجهاز العدلي وهي تحقق الآن. ألا ترى تأخيراً في الإجراءات العدلية باعتبار الأحداث وقعت في رمضان الماضي وحتى اليوم لم يقبض على مجرم واحد؟ - هذا أمر عدلي، أنا لا أملك إجابة على هذا السؤال، الملف أصبح بيد وزارة العدل وهي المنوط بها ترتيب الأمر، دورنا ينتهي بتكوين اللجان بعد أن تصبح القضية بيد الأجهزة العدلية نتركها تعمل ولا نتدخل في شؤونها.. التقاضي دائما يحتاج لوقت طويل، أحيانا جريمة قتل عادية تحتاج لثلاث سنوات.. والقبض في دارفور ليس مسألة سهلة. وهل الجريمة سُجلت ضد مجهول؟ السؤال أين هم الأشخاص الذين ارتكبوا الجريمة.. نقبض منو؟! أسرالضحايا يقولون السلطة متواطئة مع الجناة؟ -احترم جداً مشاعرهم وظروفهم النفسية لأنني عشت الحدث، لكن تعقيدات الوضع في دارفور تجعل من الصعب حسم هذه القضايا بسرعة، أحياناً حتى المجنى عليه لايفصح بمعلومات كافية.. قد يكون خائفاً؟! -خلاص نحن نعمل شنو أنا المسؤول لكني لن أدخل قلوب الناس.. هل السلام يسبق العدالة؟ - نعم السلام قبل العدالة، الملاحقات القانونية لن تغلق في مناخ السلام أو غيره.