بعد أن نجحت إسرائيل في استمالة دول الطوق العربية لصالح مشروع الاستسلام وجعلت آخرين في منطقة صف الحياد.. أصبحت الدول المعادية لإسرائيل هي السودان في إفريقيا وسوريا في الشام واليمن وإيران وأحياناً العقيد القذافي قبل محنة لوكربي التي جعلته يدير ظهره للعرب. الاستهداف الإسرائيلي للسودان تنامى في السنوات الأخيرة لوجود دولة الكيان اليهودي في البحر الأحمر والقاعدة الإسرائيلية التي منحتها إريتريا لتل أبيب في البحر بحجة تأمين المصالح الإسرائيلية في البحر ومراقبة القرن الإفريقي والغارة التي استهدفت السيارة بمنطقة كلانييت وهي في طريقها لميناء سواكن ليست العملية الأولى التي تنفذها إسرائيل في الشرق فالشهور الأخيرة شهدت حادثاً مماثلاً بقصف طائرات لقافلة سيارات قرب الحدود السودانية المصرية.. إلا أن الحادث الأول كان مسرحه أرض حدودية بعيدة عن أنظار المواطنين لذلك تسرب النبأ بعد عدة أيام.. أمس الأول قصفت السيارة ودمرتها تماماً ولم تكشف السلطات بعد هوية شهداء السيارة بيد أن للحادث دلالات عميقة تستدعي مراجعات في الأولويات العسكرية والأمنية بعد انفصال الجنوب عن الشمال والتهديد الإسرائيلي المباشر للأمن السوداني في منطقة البحر الأحمر وقال وزير الدفاع الفريق عبد الرحيم محمد حسين إن وزارته أرسلت أتياماً متخصصة لولاية البحر الأحمر لمعرفة تفاصيل الحادث وكشف عن معرفتهم لرقم العربة ..حديث وزير الدفاع أقرب لتوصيف الحادث دون الخوض في ما وراء الحادث لفك طلاسمه التي قد لا تبدو ضرورية للشعب بقدر ما الضروري جداً معرفة الجهة التي نفذت الحادث هل هي القوات الإسرائيلية أم الأمريكية؟ وما هي الاحترازات والتدابير التي ينتظر اتخاذها حتى لا تصبح سماء السودان مباحة لكل طامع في غنيمة أو مترصد لأمن هذا الوطن. من قبل ضربت صواريخ أمريكية مصنع الشفاء بضاحية الخرطوم بحري وحتى هذه اللحظة لسنا على يقين هل تم ضرب مصنع الشفاء بصواريخ موجهة أم بطائرات عسكرية؟ كما هو الحال في حادث استهداف طريق بورتسودانسواكن وضرب السيارة «السوناتا».. مصر تضع الأمن الخارجي في أولوياتها تغدق عليه بالأموال والامكانات وتمجد جهاز مخابراتها بالقصص الواقعية وقصص الخيال كما في الحفار وروايات صالح مرسي والمخابرات في مخيلة الشعب المصري جهاز قومي يحترمه الشعب ويقدره وبه يباهي وتسند مصر الأمن الداخلي للشرطة ومباحث الدولة.. فهل أصبحت الآن الحاجة في السودان لنهوض جهاز أمن ومخابرات خارجي يتم إسناده بإمكانات وقدرات تجعله يتصدى لحرب المواجهة الجديدة في البحر الأحمر وما يحدث في الشرق من تداعيات هجمات إسرائيلية على الأراضي السودانية يجعل إعادة النظر في أولويات المخاطر الأمنية على البلاد مسألة في غاية الأهمية ولا ينبغي السير باتجاه التعبئة الجماهيرية لأن التحدي الذي يواجه السودان من جهة إسرائيل يصلح في شأنه التذكير بقصة محافظ الدلنج الذي حشد المواطنين بعد حادثة ضرب مصنع الشفاء وتحدث عن ضرورة تعبئة الصفوف وحشد الطاقات لمجابهة أمريكا فقال له أحد حكماء الحوازمة «يا سيدي المحافظ إذا جاءت أمريكا بجنودها لأرضنا خواجات بيض أسألنا منهم أما الطائرات والصواريخ فنحن لا نستطيع قتالها»!