والحديث اليوم عن مولانا جلال محمد عثمان رئيس القضاء.. نتحدث في فرح عاصف.. عن ثورته التي نتمنى أن تكون ظافرة مثمرة.. بل سحابة حبلى ماطرة.. والرجل يقود.. بل يبدأ ثورة في الثورة.. ونتذكر في فرح ذاك الكتاب الرهيب.. بل السفر المهيب.. والذي حمل اسم ثورة في الثورة.. والذي كان بقلم الكاتب الثوري الرصين.. روجيه روبريه وهو يكتب بالبارود والرصاص.. رحلة الثورة الكوبية بقيادة كاسترو عبر جبال السيرامايسترا.. وثورة مولانا.. لا تقل خطراً ولا خطورة عن ثورة كوبا.. وإذا كانت ثورة كوبا قد غيّرت وجه كوبا.. فإن ثورة مولانا حتماً.. إذا قيّض الله لها التوفيق والنجاح سوف تغير وإلى الأبد وجه العدالة.. وجه القانون.. وجه التقاضي.. الرجل يطلق عبر الإذاعة التي استمعت إليها الأيام الماضية.. كلمات في قوة القانون في رصانة ووقار القضاة.. كلمات مفزعة.. مخيفة وفاجعة.. قال الرجل إنه وخلال معاينات لبعض خريجي كليات القانون من الجامعات السودانية.. سطعت لهم حقيقة كانت غائبة.. وهي ذاك التدني المريع في كفاءة الخريجين.. وأردف قائلاً إنهم وبعد طواف على أقسام كليات القانون.. تبدى لهم جلياً لماذا ذاك التدني في مستويات الخريجين من كليات القانون.. وواصل قائلاً.. نعم هناك ثورة في التعليم.. وبعد أن كانت الجامعات أو كليات القانون هي ثلاث كليات صارت ثلاثين كلية.. وبعد أن كان عدد طلاب القانون ثلاثة آلاف صاروا ثلاثين ألفاً.. وكل ذلك على حساب الكفاءة.. والمعينات والتدريس والتحصيل.. وهنا أقول لمولانا.. وبكل اللغات الحيّة والمتحضرة والميتة.. برافو وشكراً شاسعاً وشاهقاً وجزيلاً.. وأنت تشعل أول جمرات في مرجل الثورة.. ونقول.. إن صمام أمان أي دولة.. أي مجتمع.. أي أمة.. إنما هو في حراس القانون.. قضاءً جالساً وقضاءً واقفاً.. ونضم صوتنا.. إليك في قوة إن كل شيء ممكن ويكون.. إلا مهنة القانون.. وليذهب الكم إلى الجحيم إن كان على حساب الكيف.. ولتذهب تلك الكثرة إلى المجاهل والزاويا والأركان إذا كانت على حساب الكفاءة والقدرة على التحصيل.. ونقول لمولانا..إن بداية العلاج.. تبدأ بتشخيص الداء أولاً.. وها أنت وفي نبل وجسارة الفرسان.. تشخِّص الداء مبكراً.. وتطلق صيحة لم يسبقك إليها أحد.. وتنطق بالحق والصدق.. عندما صمت الجميع.. ولعلها المرة الأولى في العهد الإنقاذي.. أن يتحدث من هو في قمة.. بل في أعلى ربوة في رحاب القضاء.. بمثل هذه الكلمات.. مخالفاً أولئك الذين ما فتئوا يتباهون بفتح باب سيل الجامعات.. وتلك الحشود الهائلة المتأبطة شهادات التخرج من تلك الجامعات.. شكراً لك مولانا.. وليجعل الله ويهئ النصر لثورتك التي نأمل ونتمنى أن تذهب إلى غاياتها بإذن واحد أحد.. وقبل أن نودع مولانا.. نهمس في أذنه وهو سيد العارفين.. بأن القانوني وقبل شهادته الجامعية.. قبل «الروب».. قبل الشروع في الوقوف أو الجلوس على مقاعد الحكم الوقورة يجب أن يكون شاسع الأخلاق.. نقي السريرة.. باهر الطوية.. وبل يجب أن يتحلى بصفات تفوق أقرانه من بني البشر.. وللأسف هناك قلة من المحامين.. وهم للسعادة ولطف الله قلة قليلة العدد.. ولكنها رغم قلتها تنثر بقعاً داكنة في ثوب العدالة الأبيض النظيف الناصع الأنيق.. هناك سيدي من هؤلاء القلة.. من يوثق لبيع أراضي بين مواطن لمواطن.. بل بيع من لا يملك إلى من لا يستحق.. وذلك كله تفضحه كلمات بخط يد المحامي الموثق شخصياً وهو يعلن للمشتري أن مبايعته هذه تحمي المشتري من أي شخص إلا أنها لا تحميه من الحكومة وذلك ببساطة يعني.. أن المحامي يعلم ضمنياً أن هذه الأرض حتماً ويوماً ما ستأتي الحكومة.. وتصادر تلك الأرض.. بل تسترد تلك الأرض.. لأنها ببساطة هي أصلاً ملكاً للحكومة.. سيدي.. هل نطمع أو نطمح في توجيه صارم وعاجل.. لكل المحامين الموثقين أن لا يقوموا بتوثيق أرض على هذه الطريقة.. نأمل.. ولك عاطر التحايا..