المعارض فاروق أبوعيسى يقول إن الحوار مع الوطني قد فشل وإنه ليس أمامهم من خيار غير إسقاط الحكومة. وفي حزب الأمة القومي يتردد أن الابنة د. مريم تقود تياراً ضد تيار والدها الماضي في الحوار مع الحكومة، لتأتي صورة محمد ابراهيم نقد- الطاعن في السن- وهو يحمل لافتة مكتوب عليها (حضرنا ولم نجدكم) رداً بليغاً على أبوعيسى ود. مريم ومن لف لفهم، بأنه لا سبيل لاسقاط الحكومة من خلال الشارع. أما الشارع فإنه يقول إن نقد قد وعى الدرس، ولهذا نشكر السلطات الأمنية على توصيلها له حتى منزله بسلام قبل أن يسقط من فوران الدم، من جراء المقلب والخذلان الذي لقيه حتى من قيادات المعارضة الذين وعدوه ولم يحضروا معه الى الميدان، بينما الواقع يقول إن الأحزاب لا تصنع الثورات وأنه في مصر قد صنعها الشباب، ثم لحقت بهم الأحزاب، بعد أن أدركت مؤشرات نجاحها، وكذلك في تونس صنعها الشباب وأدركتهم النقابات عندما وجدتهم يقتربون من النهاية.. وهكذا الأحزاب في كل مكان انهم مجرد لصوص ثورات لا يصنعونها وليست لديهم القدرة على صنعها بحكم ضعف مقدرات قياداتها، وضعف أوزان شعبيتهم، وليست الحالة السودانية استثناء، ويقول د. الجزولي دفع الله عن ثورة أبريل في ذكراها قبل أيام أن الأحزاب لم يكن لها دور في ثورة أبريل. نعم إن المعارضة في بلادنا أضعف حتى من أن تواجه نفسها لتصلح من حالها، ولا حزب واحد بينها يمكن أن يدق صدره وسط البلد ويقول أنا حزب كامل الدسم، إنها مجرد أبواق جوفاء من الداخل. إنها لا تعرف مع ماذا؟ هل هي مع الحوار مع الحكومة أم مع اسقاطها، فالواقع يقول إنها لاتعرف ماذا تريد؟ ولا تقرأ ماحولها، ولأنها كذلك لا تسأل نفسها لماذا رغم دعوات الفيس بوك، ودعوات عضويتها، وتوجيهاتها لهم، لم يأت الى أبوجنزير أكثر من 40 شخصاً من أعضاء كل تحالف المعارضة، وهو عدد لا يتجاوز عدد ركاب بص واحد من بصات الوالي الجديدة المكيفة، ولو سألت نفسها لأدركت أن صناع الثورة الحقيقيين ليسوا معها، فالثورات دائماً يصنعها الشارع الذي ليس معها، هكذا تقول الوقائع أن مخرجيها دائماً هم الاسلاميون الذين يقفون الآن في صف الحكومة، كما أن الشارع لم يعد يراهن على ثورة يصنعها، ليأت لصوص الثورات ليسرقوها ومن ثم يتباروا في البرلمان في الخطب ولا شيء يجنيه هو غير الأسف.. هكذا تعلم الشعب من تجاربه، لهذا لم يخرج ويريد أن يفهمها قادة المعارضة الذين تأخر فهمهم للرسالة التي لو فهموها لاختاروا طريقة الحوار مع الحكومة والمشاركة في بناء السودان الجديد بعد يوليو، مستفيدين من مرونة الحكومة ورحابتها باشراك الجميع في صنع سودان ديمقراطي مستقر، يتم التبادل السلمي للحكم فيه من خلال دستور يشترك في وضعه الجميع، إلا من أبى.. فأمضى سيدي الصادق في الحوار وأوصله الى النهايات، ولا تلتفت لمن أدمنوا الهتاف في حزبك وجعلوك أكثر من 20 عاماً على دكة الاحتياطي لاتقدم شيئاً للوطن ولا لحزبك، وأمضى مولانا الميرغني ولا تلتفت للمهرجين الذين جعلوا من التهريج مهنة لهم ومنهجاً سياسياً.. أمضوا فالشارع قال كلمته أنه ليس مع التظاهر، كما قال أنصاركم إننا لن نحضر وقد فهمها نقد، ولخصها في اللافتة التي حملها والتقطتها كاميرات المصورين. المرمطة لسة مستمرة من قولة (تيت) في البطولة الافريقية خرج المريخ (الزعيم) من المنافسة ليتنافس أنصاره في ايجاد المبررات (وخيرها في غيرها)، هكذا ظللنا منذ سنوات طويلة نكرر العبارة، أما الهلال (سيد البلد) فقد قفز خطوة للأمام في ذات البطولة، ليرقص أنصاره حتى الصباح على أنغام (ناس أفراحها زايدة وناس يتألموا)، وكان الفرح على خروج المريخ أكثر من الفرح لفوز الهلال على الفريق الأنغولي الهزيل.. أما أنا فلا أشكك في أن الساقية لسة مدورة، وأن المريخ والهلال والمنتخب الوطني فرق ليست مؤهلة بشكلها الحالي للكاسات التي ليست بالتمني، ولا بفرق أغلب المحترفين فيها نأتي بهم ليجلسوا على دكة الاحتياطي، ولا بمدربين لا يفهمون نفسية اللاعب السوداني، ولا بفريق قومي يتبع نظام النفير في المنافسات، يجمع له اللاعبون قبل المباراة ثم يتفرقون بعدها في زمان الحساب لكل شيء. سبدرات.. رجعنالك المحامي والشاعر والسياسي عبد الباسط سبدرات افتقدناه والله، فهو رجل بطعم ونكهة.. رجل بحضور في مجال الشعر، برغم أنه لم يكتب كثيراً إلا أن ما كتبه ردده الناس وحفظوه، وفي المحاماة نذكر مرافعاته الشهيرة، وفي الوزارة كان قربه من المبدعين يحببه اليهم.. فأين هذا الرجل الذي أبكانا ليلة رحيل صديقه وصديقنا عمر محمد الحسن الكاهن- بكلمته البليغة التي جمعت كل مزاياه بشاعرية وبلاغة وحزن سبدرات، الذي لا ندري هل طلق السياسة أم أنها استراحة محارب أم ماذا؟ فأين أنت أيها الرجل الجميل، أملأ فراغك فأنت بطعم ونكهة.